السعادة ألوان

في حياتنا اليومية خلق الله سبحانه وتعالى معايير ومقاييس متعددة الأشياء، وفي المختبرات العلمية والبحثية هناك معايير دقيقة لتقنين المواد وحساب الكميات، وتشكل آليات التقنين والحساب مقدمة ضرورية للوصول إلى نتائج دقيقة.

هكذا الدنيا وتلك هي الحياة اليومية عندما نتعامل مع الأشياء من الجماد والكتل والأحجام، أما عندما نتعامل مع القيم فقد شاء الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه القيم بلا حدود للإحساس بها، فلن تجد أحداً في يوم من الأيام يضع معياراً لقيمة رضا النفس، أو القناعة، أو التواضع، أو السعادة، أو مفهوم الفرح، واليوم فإن دلالات الإحساس بهذه القيم تكون عظيمة في النفوس، فهي لا تقاس بمؤشرات الكيلو واللتر والكميات والأحجام، وإنما نجد طعماً ومذاقاً مختلفاً لهذه القيم في حياتنا اليومية، وحسب كيمياء الروح فإن السعادة، على سبيل المثال، قد تكون في ابتسامة بريئة لطفل وهو يهم بالذهاب إلى المدرسة، وقد تكون أيضاً في مناسبة سعيدة يتجسد فيها الفرح في أحد الأبناء أو البنات نجاحاً أو تميزاً أو تألقاً في العمل، أو إبداعاً في الحياة العملية والعلمية والاجتماعية.

من حكمة المولى سبحانه وتعالى في خلقه أن جعل قياس هذه القيم غير مؤطر بمؤشر، وترك هذه القيم لكل نفس بشرية تشعر بها وتتلمس آفاق القناعة والفرح من حولها، فالنجاح وإثبات الذات قيمة يرى فيها الطالب نهاية النفق كبقعة نور مضيئة في حياته العملية والعلمية، وتواضع يرى في العالم نقلة جديدة تعزز من إبداعه في سبر أغوار العلم وفك شيفراته، والتسامح واحترام الآخر والمودة هي قيم أصيلة يشعر فيها المرء ومعها بالراحة النفسية، وينبذ من خلالها الكراهية والتطرف والحقد.

وتظل السعادة مظلة القيم بألوانها الزاهية وعطرها الفواح في نفوس تاقت كثيراً للفرح والسعادة، وانتظرت لحظة يخفق فيها القلب وتتألق فيها الروح كفراشة في صخب الحياة اليومية، وما يراه شخص من وجه للسعادة يرى فيه الآخر قمة السعادة وأفقها الممتد، فسعادة الطبيب أكبر وأكثر بشفاء مرضاه، وسعادة المريض تبلغ قمتها في تعافيه من المرض، وسعادة الطالب ببلوغ منتهاه من النجاح، وسعادة الأب وسعادة الأم والأسرة كلها في رؤية الأبناء ينعمون بحياة سعيدة.

إن مفهوم السعادة في دولة الإمارات العربية المتحدة لم يعد مجرّد إحساس لحظي بالسعادة، بل أصبح منهاج حياة تجسده استراتيجيات وبرامج وخطط تنفيذية كلها تستهدف سعادة المواطن والمقيم والزائر لهذه الأرض الطيبة التي جعلت من السعادة سماء مفتوحة تزهو بمختلف الألوان التي يجد كل منا عندما يتطلع إليها طعماً جديداً ومذاقاً فريداً للسعادة.

أسعد الله صباحكم بكل الخير ودمتم في السعادة للأبد.

أمين عام جائزة خليفة التربوية

 

الأكثر مشاركة