نقطة حبر

ما بعد «كورونا»!

نموذج آخر لتقدير خط الدفاع الأول والجنود المجهولين في دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وما أقره مجلس الوزراء الموقر من اعتماد نظام ومعايير لتحديد صرف المكافآت للعاملين بالوظائف الحيوية، خلال الأوقات الطارئة، لقد جاء هذا القرار في توقيت يشهد فيه العالم هذه الظروف الاستثنائية لانتشار جائحة كورونا، وما يبذله أبطال خط الدفاع الأول من جهود في تأمين حياة المرضى المصابين، وكذلك المجتمع.

هذه اللفتة الإنسانية لتقدير خط الدفاع الأول، تضاف إلى سلسلة في منظومة تقدير القيادة للمتميزين في جميع المجالات، والذين شاركوا في معركة مواجهة هذا الوباء.

فمنذ انتشار هذه الجائحة على مستوى العالم، ونحن نعيش في مظلة الإيجابية والتفاؤل والدعم الذي توليه القيادة الرشيدة لكل أفراد المجتمع، إيماناً منها بأنه لا مكان للمستحيل في قاموس دولة الإمارات، وهذا ما علمنا إياه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عند إعلانها صريحة منذ بداية الأزمة بقوله: «لا تشلون هم»، هذه الرسالة الإيجابية التي ستظل خالدة في وجدان المواطنين والمقيمين، يستلهمون منها قيم الأمل والعطاء، في مواجهة الظروف الاستثنائية. إن ما بعد «كورونا» لن يكون كما قبله، فما بعد «كورونا» شيء مختلف تماماً، فقد أكسبنا «كورونا» خبرات جديدة من التعلم عن بُعْد، والعمل عن بُعْد، والتطبيب عن بُعْد، ونشر المعرفة عن بُعْد، والتلاحم الأسري الذي ارتفعت معدلاته خلال هذه الجائحة، حتى إن حفلات التخرج في المدارس والجامعات شهدت هي الأخرى نماذج مبتكرة في ما بعد «كورونا»، فبدلاً من الإنفاق المالي الكبير الذي كان يتم على حفلات التخرج من قبل الطلبة وأولياء الأمور والمدارس والجامعات، تغيرت هذه الصورة إلى حفل جميل وبسيط عبر الفضاء الافتراضي، يفرح فيه الجميع ببهجة التخرج، وتكلل السعادة للطلبة وأسرهم والمجتمع بصورة عامة، بعيداً عن التكاليف المالية. كذلك عاشت بعض الأسر سعادة كبيرة، من خلال إقامة حفلات الزفاف الافتراضية، والتي قدمت صورة جديدة لما يمكن أن تكون عليه السعادة المنشودة، فهناك حفلات خطوبة وعقد قران وغيرها من المناسبات السعيدة التي تمت في ربوع الوطن، عبر الاتصال المرئي، ولم تنقص فيها البهجة ولا حالة الفرح في مثل هذه المناسبات الغالية.

كما أن الأسرة التي شهدت، خلال العقود الأخيرة، سطوة شديدة من الحياة العصرية وتحديات واجهت دورها ورسالتها، فقد شهدت هي الأخرى نموذجاً جديداً من التماسك والتلاحم، فقد قضى الآباء والأمهات والأبناء والأجداد والأحفاد وقتاً طويلاً في ألفة ومحبة، ولم يكن يتوقع أحد قبل «كورونا» أن مثل هذه الصورة التي تجمع أسرة ممتدة تحت سقف واحد لأكثر من ثلاثة أشهر فتكون حاضرة بيننا في القرن الحادي والعشرين، لكن جاء «كورونا»، وحمل معه آثار كثيرة بعضها إيجابي، والآخر تحديات على العالم أن يواجهها من خلال تكثيف البحث العلمي والنهوض بالاقتصاد وحماية الأرواح، حفاظاً على المجتمعات.

علينا جميعاً عصف الذهن، استعداداً لمرحلة ما بعد «كورونا».

أمين عام جائزة خليفة التربوية

تويتر