نقطة حبر

في رحاب لغتنا الأم

تمثل اللغة الأم لأي مجتمع وعاءً حضارياً يحفظ لهذه الأمة هويتها وتاريخها وتراثها ومكنونها الزاخر من الفكر والأدب والفلسفة .

وأمس احتفى العالم باليوم العالمي للغة الأم الذي يصادف 21 فبراير من كل عام، ويأتي تخصيص هذا اليوم للاحتفاء باللغة الأم في بادرة متميزة تعكس اهتمام الشعوب بلغاتها الأم، ونفخر في الوطن العربي بأن اللغة العربية لغتنا الأم لديها القدرة على مواكبة العصر، والتفاعل مع التطور التقني والعلمي الذي يشهده العالم بصورة متسارعة.

وعندما نتحدث عن اللغة العربية فإننا نسلط الضوء على ركن أصيل من أركان الهوية الوطنية التي نعتز بها جميعاً، فاللغة العربية ليست أداة للتواصل فحسب بل هي ذاكرة جمعية لنهضة الأمة وريادتها وتطورها عبر العصور، وهي القاسم المشترك الذي يجمعنا من الخليج إلى المحيط في إطار من وحدة المصير والرسالة التي تستهدف نشر الخير والنماء في ربوع المنطقة.

إن الاحتفاء باللغة العربية مناسبة نجدد فيها تسليط الضوء على ما تزخر به لغتنا الأم من رصيد حضاري وإبداعي يواكب كل العصور، فهي لغة الشعر الجاهلي الرصين بكلماته الجزلة، والشعر والأدب في حقبة ما بعد ظهور الإسلام، وما تلاه من عصور كالعصر العباسي الذي شهد نهضة أدبية وشعرية وتميزاً في الترجمة والتواصل الحضاري مع مختلف شعوب العالم.

واليوم فإن اللغة العربية في دولة الإمارات العربية المتحدة تعيش عصراً زاهراً من الاهتمام والرعاية من قبل القيادة الرشيدة التي أولت لغتنا الأم كل الاهتمام، وجعلت منها اللغة الرسمية، كما أن منظومة التعليم في المدرسة الإماراتية تولي اللغة العربية جُل الاهتمام، هذا فضلاً عن المبادرات والمشاريع التي تستهدف دائماً النهوض باللغة العربية وتعزيز دورها في الثقافة والعلوم والأدب والفن، بل والحياة اليومية.

إن الاهتمام باللغة الأم يجسد دائماً حرص المجتمع على ترسيخ هويته وتعزيز إرثه الحضاري للأجيال المقبلة، بحيث يكون كل منهم فخوراً بلغته الأم التي تفتح أمامه نوافذ الإبداع على التاريخ والأدب والفنون والحضارة والعلوم، وتقدم له صورة ناصعة حول الإسهام الفكري والحضاري لمجتمعه في خدمة البشرية ونشر العلم والمعرفة، ومد جسور التواصل الحضاري بين مختلف الشعوب والقوميات ترسيخاً للأمن والاستقرار ونشراً للسلام والتسامح والمحبة.

إن دورنا كتربويين وأولياء أمور أن نعزز من الدعم الذي نقدمه للأبناء والبنات في طريق اكتسابهم لمهارات التعامل مع اللغة العربية قراءة وكتابة ومحادثة وفهماً واستيعاباً وتلخيصاً وترجمةً، وتواصلاً مع اللغات الأخرى، وهذا كله من شأنه أن يرفد المجتمع بقاعدة عريضة من الأدباء والشعراء والفنانين والمفكرين الذين يجيدون التعبير من خلال لغتهم الأم.

- أمين عام جائزة خليفة التربوية

تويتر