ثقافة البحث العلمي

استلهاماً من مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: «أكبر مخاطرة بأنك لا تخاطر»، وهذا ما يفعله كثير من الشركات الصناعية من دون وعي بعدم الاستثمار الفعلي في مجال البحث العلمي، ما يجعلها عرضة لخطر التأخر عن متطلبات الثورة الصناعية الرابعة.

تُعرِّف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) البحوث بأنها إجراءات منهجية وخلاقة، متخذة لزيادة المعرفة بالإنسان والثقافة والمجتمع وتطبيقها في مجالات اهتمام جديدة. والبحث العلمي هو البحث الذي يتم تنفيذه من خلال تطبيق أساليب علمية منهجية ومبنية، للحصول على البيانات وتحليلها وتفسيرها.

وللأسف توجد قناعة عند الكثير من الشركات الصناعية بأن البحث هو عبارة عن ترف علمي، وذلك يعتبر تهميشاً كبيراً لأهمية دور البحث العلمي في إیجاد الحلول لتحديات المجتمع الحاضرة والمستقبلیة في جميع نواحي الحیاة، واختلاق الطرق والأدوات التي تيسر عمل أفراد المجتمع من خلال التقدم العلمي والتقني، ولذلك یمكن اعتبار مقدرة المجتمع في مجالات البحث العلمي وتطبیق مخرجاته مقیاساً لتقدمه الاقتصادي والتنموي.

فمثلاً أحد أهم أسباب انهيار شركة نوكيا العملاقة للهواتف النقالة، كما أوضح رئيسها التنفيذي السابق، ستيفن يلوب، هو عدم الاستثمار المتجدد في البحث العلمي والذي يتطلب المجازفة وروح المغامرة. ومن هنا تكمن أهمية توفير البيئة البحثية الصحيحة بين جميع قطاعات المجتمع، خصوصاً بين القطاعين الأكاديمي والصناعي.

كشخص أكاديمي، أرى أن ضعف التواصل بين القطاع الأكاديمي والصناعي هو التحدي الأكبر لثقافة البحث العلمي. ولسد تلك الفجوة يجب التركيز على أهمية التواصل بين المؤسسات التعليمية وسوق العمل، لوضع الملامح العامة والمطلوبة لحاضر ومستقبل البحث العلمي.

هذا التواصل سيساعد بدرجة كبيرة العنصر البشري على تنمية الكفاءة المهنية للباحث، وجعله قادراً علـى توظيـف التكنولوجيـات الصناعية المتطورة في الارتقاء بعمله التعليمي والبحثي، وتحسين مخرجات البحث العلمي في عصر الذكاء اصطناعي ومسرعات المستقبل والارتقاء بالمهارات والقدرات البحثية فـي استيعاب المعلومات وإنتاج الوعي البحثي كرهان حضاري للمجتمع.

من هنا جاءت أهمية المؤسسات البحثية، مثل مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، الذي أسسه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عام 2016، والذي يسهم بشكل فعال في تكوين أرضية مشتركة بين منتجي المعرفة ومستخدمي المعرفة، وبالتالي ستقدم أوراق بحثية تتناول مشكلات الصناعة الأساسية وتكون عملية أكثر.

وفي النهاية، أنصح الباحثين بشكل عام، سواء في المجال الأكاديمي أو الصناعي، بعامل الخيال العلمي الذي يعتبر المحرك الأساسي للإبداع والابتكار من قبل الكثير من العلماء، مثل ألبرت آينشتاين، الذي شدد على أن الخيال أهم من المعرفة.. والله الموفق.

باحث أكاديمي في جامعة نيويورك أبوظبي

الأكثر مشاركة