طلاب وتربويون: الإهــــمال يفقد اللغة العربية «وزنها الحضـاري»
حذر مختصون وأساتذة جامعيون في اللغة العربية، وطلاب من أن اللغة العربية معرضة للاندثار، و«فقدان وزنها الحضاري»، بسبب تدريس الجامعات والكليات مساقاتها باللغة الإنجليزية، إضافة إلى تأسيس الطلبة في مدارس خاصة باللغة الانجليزية، وإهمال اللغة العربية، مطالبين باتخاذ قرارات عاجلة للحفاظ عليها، كونها الرابط بين أبناء الأمة العربية.
وأكد طلاب في جامعات وكليات في الدولة أن تدريس الجامعات معظم المواد باللغة الإنجليزية، يضعف ارتباط الطالب بلغته الأم بعد تخرجه.
لغة تفكير
| متطلبات سوق العمل عزا مدير معهد دراسات اللغة العربية في جامعة زايد، الدكتور عبيد المهيري، اختفاء اللغة العربية من الجامعات والكليات إلى متطلبات سوق العمل الذي يعتمد في الاساس على اللغة الانجليزية، وبالتالي يتعين على الجامعات والكليات مواكبة سوق العمل، مؤكداً أن الضعف الذي يعانيه الطلاب في اللغة العربية، سببه المدارس التي تعلموا فيها، شارحاً أن المدارس الخاصة تركز على تعليم الطالب اللغة الإنجليزية. وتابع أن متطلبات سوق العمل تقول إن اللغة الانجليزية هي لغة التحدث والتوظيف والتواصل، خصوصاً في القطاع الخاص، فيجب على الجهات التعليمية العمل على الموازنة بين تعليم اللغتين الانجليزية والعربية. |
وتفصيلاً، طالب الوكيل المساعد لشؤون الثقافة والفنون في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ورئيس جمعية حماية اللغة العربية بلال البدور، المجتمع بالتدخل للمحافظة على بقاء اللغة العربية، وقال إن العربية تتعرض للخطر، إذ هناك مبادرات أطلقت خلال العام الجاري لتنبيه المجتمع العربي بأن اللغة العربية في خطر، وتأتي خطورتها من منافذ عديدة، منها أن تعلم الأجيال أصبح باللغة الاجنبية (الإنجليزية)، إذ يتعين على الجهات التعليمية التركيز على اللغة الأم، موضحاً أن اللغة الانجليزية يمكن اكتسابها بسهولة بالتدريب والاجتهاد.
وتابع أن معظم الطلبة يركزون على اللغة المكتسبة، وتنصب جهودهم عليها، ما أضعف اللغة الأم، مؤكداً أن اللغة ليست وسيلة تخاطب فقط وإنما هي لغة تفكير وعنوان وهوية، فكلما قرأ الانسان في اللغة الاجنبية اكتسب العادات والقيم التي وراء هذه اللغة، لهذا فإن جيل اليوم يتحدث لغة أجنبية، ويلبس الزي الاجنبي، ويأكل الوجبات الاجنبية، ويشاهد الفيلم الاجنبي، ويسمع الأغاني الأجنبية، وفي نهاية الأمر يخسر هويته.
وأشار البدور إلى أنه يتعين على الشباب القناعة بشخصيتهم العربية، التي أسهمت في صناعة الحضارة الإنسانية عبر ما ترجمه وعرّبه العلماء العرب والمسلمون، واستفاد منه المجتمع الاوروبي، مطالباً بأن تتحول المؤسسات الحكومية والخاصة إلى استعمال اللغة العربية، إذ تستطيع البنوك على سبيل المثال تعريب مستنداتها، وتوفير أكثر من 5000 وظيفة تقريباً يشغلها من لا يتحدثون اللغة الانجليزية.
وأكد أنه يتعين علينا في الدولة أن نتحدث باللغة العربية مع الجميع لكي يتعلمها الأجانب، لأنهم إذا لم يتحدثوا باللغة العربية فلن يجدوا فرصة للعمل والعيش بيننا.
وقال معلم مادة الصحافة واللغة العربية وتاريخ الحضارة العربية الإسلامية في كليات التقنية العليا في دبي نبيل مصطفى زيدان، إن اللغة العربية في جامعاتنا اليوم مختفية تماماً، إذ إن معظم المواد تدرس الإنجليزية، مشيراً إلى أنه قبل سنة أشارت الدراسات إلى أن اللغة العربية في طريقها للزوال من الجامعات والكليات، لكن مؤسسات التعليم العالي في الدولة وضعت خططاً منهجية لترسيخ اللغة العربية في مختلف اختصاصات الطلاب، لأهميتها في سوق العمل بعد تخرج الطالب.
ولفت إلى أن مشكلة ضعف الطلاب في اللغة العربية تبدأ من المدارس، إذ إنه لم يتم إعطاؤهم الأساس المتين الذي يؤهلهم للتحدث والكتابة باللغة العربية، فالطالب عند وصوله إلى الجامعة أو الكلية يضطر الى دراسة المواد بالانجليزية، ما يزيد المشكلة، موضحاً أن جميع المواد في مختلف التخصصات تدرس باللغة الانجليزية، بعد ما تم إلغاء جميع الكتب التي كانت باللغة العربية. وتابع أن الطالب يتخرج في الكلية أو الجامعة من دون المستوى المطلوب في اللغة العربية.
من جانبها، قالت رئيسة قسم اللغة العربية والمعهد العربي أبجد هوز في كليات التقنية العليا في دبي، الدكتورة حنان حيرب، إن كليات التقنية العليا في دبي دأبت على إطلاق مبادرات لتعزيز مهارات اللغة العربية للطلاب والطالبات، وذلك باتباع استراتيجية تفاعلية تعتمد على دمج مهارات اللغة العربية مع المشروعات التخصصية الإعلامية والصحية والتربوية، ومشروعات تقنية المعلومات، ومشروعات إدارة الأعمال، كما تعتمد على طرح الأنشطة والفعاليات والمناقشات والندوات المفتوحة والدورات التدريبية التي تؤهل الطلاب لسوق العمل.
وأشارت إلى أن استخدام اللغة العربية سيترسخ عندما يستخدمها متحدثوها في أروقة الحياة في الأسواق والمطاعم والأماكن الترفيهية والمراكز الصحية وعبر الهاتف، وأن الاعتزاز باللسان العربي الفصيح لا يقلل من أهمية تعلم اللغات الأخرى والمعارف والتقنيات، بل يدعو إلى توسيع آفاق العرفة والتواصل مع الآخرين.
وقال عميد كلية الاتصال في جامعة الشارقة، الدكتور عبدالرحمن عزي، إن الطلبة في الجامعة يفضلون أن يتقنوا اللغتين العربية والإنجليزية، بوصفهما اللغتين الأكثر استخداماً في وسائل الإعلام المحلية، واللغة الإنجليزية على وجه الخصوص تكون لغة التطور العلمي والتقني في مجال الاتصال.
مواكبة العولمة
فيما أعرب الطالب محمد العوضي في كلية التقنية العليا بدبي عن استيائه لزوال اللغة العربية، بحد وصفه، من الكلية، واستبدال جميع الكتب بكتاب اللغة الانجليزية، لافتاً إلى أن اللغة العربية لغة أم ولغة القرآن، وكذلك اللغة الانجليزية لغة التواصل بين العالم، لكن يتعين على الكلية الاهتمام باللغة العربية، والعمل على زيادة المواد التي تدرس بها لكي يتخرج الطالب عالماً بلغته الأم.
وتابع أن معظم الدراسة في الكلية باللغة الانجليزية، إذ يتواصل الطالب مع معلمه بها، لافتاً إلى أن الطلاب يفضلون اللغتين العربية والانجليزية لمواكبة العولمة، والانخراط في سوق العمل الذي يتطلب اللغتين.
وقال الطالب في كلية الطب بجامعة الشارقة، أحمد رياض الشايع، إن استخدام الطالب لغة دون أخرى يعتمد على خلفيته، ودراسته السابقة، إذ إن بعض الطلبة يستخدم العربية في تعامله مع الآخرين والدراسة، والبعض الآخر يخلط بين اللغتين، والبعض يستخدم فقط اللغة الإنجليزية.
ويعتقد أن تعلم اللغة الإنجليزية واستخدامها أفضل بكثير من اللغة العربية، لأن الطالب العربي يتربى على اللغة العربية، لكنه لا يتقن الإنجليزية، مضيفاً أن التوجه حالياً إلى اللغة الإنجليزية، لأنها لغة العصر.
وأوضح الشايع أن الجامعة لو اتجهت إلى تعريب المنهاج الدراسي فسيصبح أكثر تعقيداً مما هو عليه حالياً، فالأفضل بقاؤه كما هو، مراعاة للطلبة الأجانب الذين لا يجيدون اللغة العربية.
وأكدت الطالبة في كلية الهندسة في جامعة الشارقة، بشاير الغامدي، أنها تتحدث العربية في الدراسة، وأيضاً في تعاملها مع الطالبات والمعلمين في الجامعة، لكنها تعتقد أن الإنجليزية هي لغة العالم، والجميع في توجه إلى تعلمها واستخدامها، لافتة الى أنه إذا لم يتعلم الطلاب اللغة منذ صغرهم فلن يستطيعوا إتقانها، وأعتقد أن تحفيزهم لتعلمها ضروري للاستمرار في حياتهم الدراسية وحتى بعد التخرج، لأن الجميع يتخاطب بالإنجليزية.
وقالت زميلتها أيان أحمد، إن بعض المعلمين في الجامعة، مع أنهم لا يستخدمون لغتهم، يحاورون الطلبة بالإنجليزية، وإن أرادت الطالبة التحاور بالعربية فإنهم يردون بالإنجليزية.
وأضافت أن بعض الطالبات أيضاً يجدن صعوبة في ترك اللغة الإنجليزية خارج الدراسة، إذ إنهن يخلطن بين اللغتين، وبعض المصطلحات الإنجليزية تتداخل مع العربية في التعاملات اليومية، موضحة «إننا نستخدم الإنجليزية في معظم وقتنا، فأصبحنا نفكر بها أكثر من العربية».