تحوّل قانوني جوهري في أحكام «أبغض الحلال»

لقد شرَّع الإسلام الطّلاق، إلا أنه وحفاظاً على كيان الأسرة وتماسكها من عواقبه الوخيمة من ضياع الأطفال وهدم بنيان الأسرة التي تمثل عماد المجتمع وتماسكه، اعتبر أبغض الحلال عند الله؛ وجعل حق طلبه مقيداً بوقوع مبرره، وهو ضرر للزوجة - أياً كان نوعه.

وكثيراً ما كانت أحكام الطلاق في القانون الإماراتي موضوعاً للمناقشة من فقهاء القانون والشريعة بالولة، واستجابة لمناداتهم بضرورة التعديل جداء المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 لسنة 2019 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 الخاصة بأحكام الطلاق؛ فماذا كان الوضع قبل التعديل، والوضع بعده؟

قبل تعديل القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005: كان من حق الزوجة اللجوء إلى القضاء لطلب الطلاق، وإذا أثبتت وقوع ضرر أصابها حكم لها القاضي بالطلاق، بعد محاولة الإصلاح بين الزوجين؛ وفي حالة عدم استطاعتها إثبات الضرر واستمر الشقاق وأصرت على الطلاق وتعذر الإصلاح، عيّن القاضي حكمين لتقصّي أسباب الشقاق، وبذل الجهد للإصلاح بينهما.

وفي حال عجز الحكمان عن الإصلاح يكون قرارهما كالتالي: إن كانت الإساءة من جانب الزوج قررا التفريق بطلقة بائنة دون المساس بحقوق الزوجية، وإذا كانت الإساءة من جانب الزوجة قررا التفريق نظير بدل تدفعه الزوجة للزوج، وإن كانت الإساءة مشتركة قررا التفريق دون بدل أو ببدل يتناسب مع نسبة الإساءة، وإن جهل الحال فلم يعرف المسيء والزوجة طلبت الطلاق قرر الحكمان التفريق دون بدل.

وبالتالي: قديماً سواء أثبتت الزوجة سبب الطلاق (الضرر) أو لم تثبته سيحكم لها بالطلاق؛ مثله مثل طلب الخلع (مع اختلاف الآثار)، لكنها مع ذلك تلجأ للطلاق حال كونه الأصلح لها من حيث حفظ الحقوق المترتبة على الطلاق في بعض الحالات من نفقة متعة ومؤخر صداق ونفقة عدة.

إلا أن المرسوم بقانون اتحادي رقم 8 لسنة 2019 قد عدل من تلك الأحكام فنص في مادته 118: «إذا لم يثبت الضرر ترفض الدعوى، وإذا استمر الشقاق بين الزوجين فللمتضرر منهما رفع دعوى جديدة...».

وفي حال رفع دعوى جديدة وتعذر الصلح وكانت الإساءة من الزوج أوصى الحكمان بالتفريق دون المساس بحقوق الزوجية؛ وإذا كانت الإساءة من الزوجة أوصى الحكمان بالتفريق ببدل مناسب تدفعه الزوجة ما لم يتمسك الزوج بها، وتراعي المحكمة في ذلك مصلحة الأسرة؛ وإذا كانت الإساءة مشتركة أوصى الحكمان بالتفريق دون بدل أو ببدل يتناسب ونسبة الإساءة؛ وإذا جهل الحال فلم يعرف المسيء وطلبت الزوجة الطلاق كان الحكمان بالخيار في ما يرونه مناسباً لحال الأسرة والأولاد في التفريق ببدل أو رفض التفريق.

وحسناً فعل المشرع، فلقد حافظ على الكيان الأسري لحفظ الأولاد وتنشئتهم ببيئة تجمع بين الأبوين، وقيَّد حق الاستجابة لطلب الزوجة للطلاق مقيداً بتوافر الضرر ولم يجعل أمرها بيدها كالسابق، والا ترفض دعواها؛ الجدير بالذكر: أن هذا التعديل يقارب المنصوص عليه في معظم القوانين والأقرب لمذهب الحنفية.

الأكثر مشاركة