آراء

الطفل أمانة في أعناق الجميع

نقرأ، بشكل متكرر، قصص اعتداء على أطفال من قبل ذويهم في دول أخرى، بعضها يرفع شعار حماية الطفل، ويسن قوانين مشددة في هذا الإطار، لكن نلاحظ كذلك أن هذا النوع من الحالات تراجع إلى حد كبير في الدولة، خصوصاً بعد صدور قانون الطفل الجديد، أو ما يعرف بقانون وديمة.

وتجب الإشارة في البداية إلى أن القانون تناول تفصيلياً مسألة حماية الطفل، في فصل كامل، تضمن الأفعال التي تمثل أذى للطفل، فنصت المادة 36 على أنه في ما يتعلق بالحقوق الجسدية والنفسية، يحظر إخضاع الطفل للتعذيب أو الاعتداء الجسدي أو استخدام القسوة التي قد تؤثر في التوازن العاطفي أو النفسي أو العقلي أو الأخلاقي للطفل، ويعاقب عليه بالسجن وغرامة لا تقل عن 50 ألف درهم، أو إحدى هاتين العقوبتين.

وأرى ضرورة انتباه الآباء إلى هذه المادة البالغة الأهمية، لأن هناك شعرة رقيقة تفصل بين التأديب والتعذيب أو الأذى، فالأب ربما يكون مضغوطاً في ظروف ما، أو أنه لايزال أسير ثقافة استخدام العقاب البدني في تهذيب الطفل، على غرار ما كان يتعرض له سابقاً، فيتصرف بالطريقة ذاتها مع ابنه، ما يعرضه للمساءلة القانونية، وهذه الجوانب تستلزم توعية مستمرة للآباء والأمهات، خصوصاً الجدد.

وشملت المظلة، التي وفرها القانون للطفل، المؤسسات ذات الصلة المباشرة به، مثل المدارس فنصت المادة 42 من القانون ذاته على «أن يقوم كل شخص بإبلاغ أخصائي حماية الطفل أو وحدات حماية الطفل إذا كان هناك أي تهديد لصحته أو سلامته البدنية أو النفسية أو المعنوية أو العقلية، ومنح الإبلاغ عن هذه الحوادث الصفة الإلزامية للمعلمين والأطباء والأخصائيين الاجتماعيين، وغيرهم ممن تعهدوا بحماية الأطفال ورعايتهم وتعليمهم. وطبقاً للمادة 60 من القانون نفسه، يعاقب بالحبس أو الغرامة التي لا تقل عن 5000 درهم من يمتنع عن التبليغ.

ولاشك في أن الفئات التي أشار إليها القانون في المادة السابقة صارت أكثر وعياً بأهمية الالتزام بما عليهم من واجبات بحق الطفل، خصوصاً بعد إخضاعهم لعملية تثقيف دورية من قبل الجهات ذات الصلة، ونستطيع أن نرصد ذلك من خلال القضايا التي ترد إلينا، وجل ما نستطيع قوله في هذا الجانب أنها مسؤولية مشتركة من الجميع.

وتبقى الإشكالية في بعض الحالات، حينما ينفصل الأبوان أو تحدث بينهما خلافات، إذ يتأثر الأطفال بذلك بشكل مباشر، ونرى أن بعض الآباء يهملون في أمور مصيرية متعلقة بأطفالهم، حينما يطغى العند بين الطرفين، فتجد الأب لا يتحمل مسؤوليته في الإنفاق على تعليم أبنائه، ويبدأ ذلك عادة بتسجيلهم في المدارس، وهذا جانب أخلاقي قبل أن يكون قانونياً، فالطفل لا ذنب له على الإطلاق في خلاف بين ناضجين، يفترض أن يتحملا مسؤولية قراراتهما.

وعلى الرغم من أهمية القانون ودوره كرادع أساسي لهذه التجاوزات، فإنه غير كافٍ وحده، لضبط تلك السلوكيات، بل يجب أن تفرض القيم الأخلاقية نفسها، ويكون الاهتمام بالطفل ورعايته نابعاً من وازع داخلي من كل أب وأم.

تويتر