«حماية المحضون» بين المذاهب والقانون

«حق الحضانة» يعتبر أكثر المشكلات الإنسانية بعد انفصال الزوجين، فكل منهما يكيد للآخر من دون مراعاة لأطفالهما ومصلحتهم العامة ومستقبلهم، لكن الشريعة الإسلامية والقانون وضعا مصلحة الأطفال وحمايتهم من التشرد على سلم الأولويات مع بعض الفروق البسيطة.

هذا موضوع شغل المُشرعين منذ القدم إلى الآن، يحتاج الحديث فيه إلى حلقات من المقالات، لكننا في هذا المقال نلقي الضوء على المشهد العام الذي يجب أن يدركه الكثيرون، ملخصه أن الشريعة الإسلامية والقانون انحازا نحو مصلحة الأطفال وليس أحد الأزواج كما يعتقد البعض.

حرصت الشريعة على تنظيم العلاقة بين الزوجين منذ بدايتها حتى نهايتها، وفي حالة انفصالهما خصوصاً بالطلاق أو نشوب الخلافات بينهما مع قيام الزوجية، نظمت الشريعة مسألة حضانة الأطفال ومن له أحقية الحضانة خاصة في وقت تنقلب المودة والمحبة التي كانت بينهما إلى عداوة ويحاول كل منهما الكيد للآخر عبر استغلال الأطفال بصورة بشعة.

بالنسبة لدولة الإمارات وقبل صدور قانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005 كانت المحاكم تطبق المذهب المالكي على الجميع، الذي يقرر أن الحضانة للأم، ثم للجدة من الأم وإن علت، ثم للأخت ثم للخالة، إلى آخر الترتيب الوارد في الفقه. أي أن الحضانة تكون لمن هم من جهة الأم ثم تنتقل إلى من هم من جهة الأب.

وبعد صدور القانون اختلفت الأحكام طبقاً للقانون الذي يتمسك به أطراف الدعوى أو أي منهم، حيث نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى منه على أنه «تسري أحكام هذا القانون على المواطنين ما لم يكن لغير المسلمين منهم أحكام خاصة بطائفتهم وملتهم، كما تسري أحكامه على غير المواطنين ما لم يتمسك أحدهم بتطبيق قانونه»، وهذا لا يخل بالمبدأ العام القائم على مصلحة الأطفال.

بالنسبة للحق في الحضانة في قانون الأحوال الشخصية، فقد نصت المادة رقم 146 على أنه «يثبت حق حضانة الطفل للأم ثم للمحارم من النساء، وأنه إذا رفض الحضانة من يستحقها من النساء أو الرجال انتقل الحق إلى من يليه، وفي جميع الأحوال لا يستحق الحضانة عند اختلاف الجنس من ليس من محارم الطفل ذكراً كان أو أنثى».

هذا بإيجاز المشهد الذي وضعته الشريعة وقوانين الدولة للتعامل مع حضانة الأطفال، ففي النهاية المصلحة تتمثل في عدم ضياع الأطفال، أمّا صراعات الزوجين فيجب أن يتم إبعادها عن الأطفال لمن أراد لأبنائه خيراً.

الأكثر مشاركة