دعوى كيدية   

قضية اليوم لموظف اتهمته شركته بتزوير ملحق بعقد العمل الخاص به، وبدلاً من أن يحصل على مستحقاته أحيل إلى القضاء، واتخذت ضده الإجراءات القانونية المصاحبة، ومنها منع السفر لحين حسم القضية التي أكد خلال جميع مراحلها براءته من التهمة الكيدية.

محكمة الجزاء محّصت الدعوى بتمعن، وأصدرت حكماً مسبباً يحفظ حقوق الموظف المتهم، فأكدت اطمئنانها لصحة أقواله، وعدم اقتناعها بصدق أقوال صاحبي الشركة، قاطعة بأن اتهامه بتزوير العقد لم يكن إلا بغرض الكيد لإجباره على التنازل عن مستحقاته، ومن ثم قضت ببراءته.

وانطلاقاً من الحكم الجزائي البات من قبل محكمة الجنايات، ونظراً لتعرضه لضرر مادي وأدبي بالغ، لجأ إلى المحكمة المدنية في دبي التي أنصفته بدورها وحكمت له بالتعويض.

وهذه الدعوى تمثل حالة مهمة من حالات البلاغ الكيدي أو الكاذب وما يترتب عليه من حقوق للمتضرر.

يجب أن ندرك أن التقاضي من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون للأفراد، لكن ليس بشكل مطلق حتى لا يتحول إلى وسيلة للإضرار بالآخرين بشكل كيدي.

وبحسب المادة (26) من قانون الإجراءات الجزائية «يحق للمتهم التقدم بدعوى تعويض عن شكوى قضائية جراء الضرر الناتج عن اتهامه كيدياً من قبل المُبلغ أو المجني عليه».

وتنص المادة (282) من قانون المعاملات المدنية على أن «كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر»، ووضع المشرع الإماراتي مبدأ وجوب الضمان على الشخص الذي يستعمل حقه في التقاضي بشكل غير مشروع، وحدد أربع حالات للتعسف في استخدام هذا الحق: أولاها استعماله في الإضرار بالغير، أو تحقيق مصلحة غير مشروعة.

ومن المقرر أن لجوء الشخص إلى الشكوى أو الإبلاغ أو القضاء هو الطريق القانوني للحصول على حقه، ويجب أن نفهم أن رفض الشكوى أو القضية لا يعني بالضرورة أن بلاغه كاذب أو كيدي، بل ربما يكون الرفض بسبب ضعف حجته، ومن ثم تستقل محكمة الموضوع بتقدير ثبوت سوء النية والكيد كما في القضية التي نتناولها، والتي تعكس ضرورة استيعاب أهمية دور القضاء في حفظ الحقوق وضمانها لجميع الأطراف.

*محكم ومستشار قانوني

الأكثر مشاركة