محامون يرفضون الدفاع عن المتهمين في قضايا العرض

شهدت محاكم الدولة، خلال السنوات الماضية، حالات لانسحاب محامين من الدفاع عن متهمين مدانين في قضايا لا أخلاقية (تمس بالعرض)، مثل جرائم الاغتصاب وهتك العرض. والسبب استشعارهم الحرج أمام المجتمع. كما أن هذه النوعية من القضايا تمس بسمعتهم المهنية، خاصة عندما يعترف المتهم بارتكاب الجريمة، وتقف الأدلة والبراهين كلها ضده.

في المقابل، يرى رئيس جمعية المحامين، زايد الشامسي، أن «قرار التنحي عن قضايا هتك العرض والاغتصاب خاطئ، لأن المحامي يدافع عن حقوق المتهم لا عن الجريمة». وأضاف أن الاعتراف بارتكاب الجريمة ليس سبباً كافياً لرفض القضية، لأنه قد ينطوي على شعور عميق بالندم.

وتفصيلاً، رصدت «الإمارات اليوم» انسحاب محام إماراتي أمام محكمة جنايات دبي سنة 2010 من الدفاع عن موظف خليجي، اتهم بهتك عرض طفل يبلغ 14 سنة في سيارته. كما انسحب محام من جنسية دولة عربية من أمام محكمة الجنايات في رأس الخيمة سنة 2013 رافضاً الدفاع عن متهم من جنسية دولة آسيوية، اتهم باغتصاب ابنته (16عاماً)، لاستشعاره الحرج في الدفاع عنه. كما انسحب محام من جنسية دولة عربية في يناير العام الماضي من الدفاع عن متهم من جنسية دولة عربية، اتهم باغتصاب ابنته والاتجار بها، إثر صدور تقرير جنائي أكد صحة أقوال المجني عليها.

وفي محكمة الشارقة، انسحبت محامية إماراتية، الخميس الماضي، من الدفاع عن شخص إفريقي اتهم باغتصاب امرأة فلبينية، لأسباب عاطفية وقانونية.

وقالت المحامية حنان البايض، لـ«الإمارات اليوم» إنها انسحبت مرتين من الدفاع عن متهمين في قضيتي اغتصاب وهتك عرض بالإكراه، لثبوت تورطهما في ارتكاب الجرائم المسندة إليهما، موضحة أنها ترفض، من حيث المبدأ، الدفاع عن متهمي القضايا اللاأخلاقية، ولا تتردد في الاعتذار من هيئة المحكمة عن الاستمرار في أداء مهمتها القانونية، بغض النظر عن المبالغ المالية التي قد تعرض عليها للاستمرار فيها، خاصة إذا أكدت الأدلة والبراهين ارتكاب المتهم للجريمة.

وأوضحت أن «السمعة المهنية أغلى من المال والمحامي لا يمكنه الدفاع عن مدان في قضايا الاغتصاب وهتك العرض دون أن يملك دليلاً على براءته أو عدم ارتكابه للجريمة»، لافتة إلى أنها تنحت عن إحدى القضايا حين تبين لها - بعد اطلاعها على أوراق القضية - ثبوت اعتداء المتهم على طفل جنسياً، مشيرة إلى أن «المحامي لديه مشاعر إنسانية قد تؤثر فيه، خاصة إذا كان المجني عليه أو الضحية طفلاً صغيراً أو امرأة اعتدي عليها، أو تعرضت للاغتصاب».

من جهته، قال رئيس جمعية المحامين، زايد الشامسي، لـ«الإمارات اليوم» إن المحاماة مهنة سامية، وركن من أركان تحقيق العدالة، مضيفاً أن المحامي يسعى لضمان منح المتهم المحاكمة العادلة. لكنه رفض مبدأ تنحي المحامي عن الدفاع في القضايا اللاأخلاقية، مشيراً إلى أن «وقوف المحامي أمام المحكمة لا يعني أنه يوافق المتهم على الجريمة، بل هو يدافع عنه لضمان حصوله على المحاكمة العادلة».

وأضاف أنه «إذا اقتنع المحامي بأن دفاعه عن المتهم يهدف لتحقيق العدالة القانونية، فلن يتنحى عن الدعوى، وسيواصل الدفاع عن المتهمين في مختلف القضايا الجنائية»، لافتاً إلى أن «هناك محامين يرون أن الدفاع عن القضايا الماسة بالأخلاق تنطوي على منقصة، بسبب فداحة الجريمة، لذلك ينسحبون من الدفاع عن المتهمين فيها، ويقدمون اعتذارهم لهيئة المحكمة».

وأشار الشامسي إلى أن «قرار التنحي عن قضايا هتك العرض والاغتصاب خاطئ، لأن المحامي يدافع عن حقوق المتهم لا عن الجريمة التي ارتكبت»، موضحاً أن «المحامي يرتكب خطأ أكبر عندما يتنحى عن قضية كلفته بها المحكمة».

وأضاف أن «على المحامي الالتزام بضوابط مهنة المحاماة، حال انتدابه، لأنه يدافع عن القانون لا عن الجريمة». وتابع أن «الانتداب شبه إلزامي للمحامي، وفي حال قرر التنحي عن القضية فعليه تقديم أسباب مقنعة للمحكمة لانتداب محام آخر».

وأوضح الشامسي أنه «حتى لو كان المتهم معترفاً بجريمته، فقد يكون نادماً على فعلته. وعلى المحامي التعامل مع اعتراف المتهم كنوع من الندم، لا التشجيع على الجريمة»، لافتاً إلى أن «رسالة الدفاع عن المتهمين سامية لأنها تحقق العدالة لجميع أطراف القضية».

- محامٍ إماراتي انسحب من الدفاع عن خليجي اتهم بهتك عرض طفل عمره 14 سنة.

حنان البايض:

«المحامي لا يمكنه

الدفاع عن مدان

في قضايا الاغتصاب

وهتك العرض دون

دليل على براءته».

زايد الشامسي:

«إذا اقتنع المحامي

بأن دفاعه عن

المتهم يهدف

لتحقيق العدالة فلن

يتنحى عن الدعوى».

الأكثر مشاركة