مدمن تعافى.. ولكن!

بدأ تعاطي المواد المخدرة في سن الـ15، حين تعرف إلى رفاق جدد في الحي الذي انتقل إليه مع عائلته. رفاق يكبرونه بأعوام قليلة اعتادوا التعاطي وحببوا إليه الفكرة، فاستجاب لهم خوفاً من أن يرفضوا صداقته.

ومع مرور الأيام أدمن وصار يلازمهم معظم الوقت، حتى أحست والدته تغيراً في سلوكياته، لكنها أقنعت نفسها بأنها مرتبطة بمرحلة المراهقة الانتقالية وسيتخطاها مع مرور الوقت. تهرب من المدرسة مراراً، وأبلغت إدارة المدرسة والدته، لكنه أقنعها بضرورة نقله إلى مدرسة أخرى لأنه مستهدف من قبل معلميه وإدارة المدرسة، وبعد عامين فوجئ والداه باتصال من مركز الشرطة يبلغهما بأن ابنهما ضبط تحت تأثير تعاطي مواد مخدرة.

عوامل كثيرة تسببت في إدمان (علي) أبرزها أصدقاء السوء، وضعف المهارات الحياتية كاتخاذ القرار، وغياب التواصل الأسري وانعدام الحوار، وضعف الرقابة ما يدفع إلى التساؤل، كم ضحية مثل علي ورفاقه تم إغواؤهم لتعاطي المخدرات في سن صغيرة؟ وهل كان بالإمكان اكتشاف تعاطيه مبكراً من قبل أسرته أو مدرسته والتدخل لتفادي تطور حالته إلى الإدمان؟ وهل ستتقبل أسرته حقيقة أن ابنها مريض بالإدمان وتدعم علاجه وإعادة تأهيله؟ وهل ستفتح المدرسة أبوابها له بعد تعافيه؟ وهل سيحتضن المجتمع (علي) ويوفر له فرص عمل كمدمن سابق؟

للإجابة عن هذه الأسئلة يجب استعراض العوامل التي تؤثر في منظومة التعافي من الإدمان، خصوصاً في المجتمع الإماراتي، وتسليط الضوء على عاملين مهمين دور الأسرة ودور المجتمع.

تلعب الأسرة دوراً محورياً في كل مراحل التعافي التي يمر بها المدمن، بدءاً من احتوائه وبث روح الأمان والثقة به وتشجيعه على العلاج، ويتيح قانون مكافحة المخدرات لكل المتعاطين التقدم للعلاج، وحث أسرهم على ذلك، وتنص المادة 43 على «لا تُقام الدعوى الجزائية على متعاطي المواد المخدرة، أو المؤثرات العقلية، إذا تقدم من تلقاء نفسه أو زوجه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية إلى وحدة علاج الإدمان، أو النيابة العامة أو الشرطة، طالبين إيداعه للعلاج لدى الوحدة، فيودع لديها إلى أن تقرر الوحدة إخراجه».

وبسبب طبيعة الإدمان المزمنة يمتد دور الأسرة إلى تقديم الدعم اللازم للمريض في فترة الرعاية اللاحقة، لتقليل فرص انتكاسه وعودته إلى التعاطي، وللدعم الأسري أشكال عدة كالتقرب من المريض ومساعدته على إيجاد بيئة إيجابية خالية من مخاطر المخدرات، بتشجيعه على تكوين صداقات جديدة تدعم تعافيه، وتحفيزه على إكمال الدارسة وتنمية هواياته، أو إيجاد فرص عمل مناسبة.

وبالنظر إلى حالة (علي) وغيرها، يجب أن نسهم أفراداً ومجتمعاً في إنجاح منظومة التعافي، ودعم المتعافين من الإدمان واحتوائهم ليكونوا أفراداً منتجين، بدلاً من أن يكونوا عبئاً اجتماعياً وأمنياً واقتصادياً على دولتنا الحبيبة دولة السعادة والتسامح والإيجابية.

Alhayyas@gmail.com

الأكثر مشاركة