«النقض» ترفض حضانة أب لابنته وتسندها إلى الجدة
قضت محكمة النقض برفض طعن أقامه أب ضدّ طليقته وأمها، يطلب فيه إسناد حضانة ابنته إليه، وفقا لاتفاق الخلع الذي تم بينه وبين طليقته. وقالت إن اتفاق الخلع بينهما - على الرغم من أنه يسقط حق الأم في الحضانة - إلا أنه لا يسقطها عن جدتها لأمها، أو خالتها، أو غيرهما من قريبات الأم، لأنهن لسن أطرافا في اتفاق الخلع.
كما رأت المحكمة أن مصلحة المحضونة تقتضي بقاءها لدى جدتها التي أثبتت حسن رعايتها لها.
وكان الطاعن قد أقام دعوى ضد طليقته يطلب فيها إسقاط حضانتها لابنتهما، وضمّها إليه، وتسليمه جواز سفرها، والأوراق الخاصة بها، وتحمليها الرسوم والمصاريف. وقضت محكمة البداية برفض الدعوى، وتحميل المدعي المصاريف، فاستأنف الحكم، إلا أن المحكمة رفضت الاستئناف، فطعن فيه أمام محكمة النقض.
وأكد الأب في أسباب طعنه أن الحكم الابتدائي جاء مخالفا لنصوص القانون، إذ إن قانون الأحوال الشخصية لا يطبّق على واقعة الخلع، لأنه تم في أكتوبر 2000 أي قبل صدور القانون. وعملاً بنص المادة الأولى من هذا القانون، فإن واقعة الخلع تطبق عليها قواعد الفقه المالكي، المعمول به في الدولة، كما أن ما علّلت به المحكمة من كون مصلحة المحضونة تقتضي بقاءها لدى جدتهـا لأمهـا، تعليل لا يتوافق مع رأي الفقهاء في الطلاق الخلعي، ولا مع قانون الأحوال الشخصية، لأن أحكام المخالعة تلزم الطرفين بتطبيقها، ولو تضمنت حقا للمحضون، أو تعلق حقه بها.
كما أن بنود اتفاقية الخلع والحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 7 أكتوبر2000، والذي قضى بتثبيت الاتفاق الخلعي بينه وبين مطلقته، والدة المحضونة، أعطت له الحق في حضانة ابنته بعد بلوغها شرعا، ولذلك بادر بمطالبة سقوط حضانة جدة ابنته لها، وانتقالها إليه إعمالا لأحكام المخالعة التي تعطيه الحق في ذلك، ما يكون معه الحكم الابتدائي مخالفا لقواعد الفقه والقانون، ويتعين نقضه.
ورفضت المحكمة النقض، وقالت إنه على الرغم من أن المادة 110 من قانون الأحوال الشخصية قد نصت على أنه لا يصح التراضي على إسقاط نفقة الأولاد، أو حضانتهم، فإن الفقه المالكي المعمول به في الدولة، والمطلوب تطبيقه، جرى على أن إسقاط حق الزوجة في حضانة أولادها مقابل طلاقها، أو سقوطه لسبب آخر غير الطلاق، لا يسري على من يستحق من النساء اللائي يأتين في الرتبة بعدها كأمها )جدة المحضونة( أو أختها )خالة المحضونة(، أو غيرهما.
ولما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم الاستئنافي المطعون فيه بنى قضاءه بإسناد الحضانة للجدة، على أساس أن مصلحة المحضونة في البقاء عند جدتها لأمها، التي برهنت من خلال ما تقوم به في شؤونها على أنها الأصلح لها - حيث إن مراعاة مصلحة المحضون أولى من مراعاة رغبة الحاضن في الحضانة - فإن الحكم المطعون فيه، الذي أيده في ذلك، يكون مصيباً في ما ذهب إليه، ومن ثم يكون الطعن برمته غير قائم على أساس، وبالتالي يتوجب رفضه. أما في ما يتعلق بما أثاره الطاعن من أن اتفاق الخلع والحكم الاستئنافي الذي قضى بتثبيته أعطاه الحق في حضانة ابنته بعد بلوغها، فإنه غير منتج، لأن اتفاق الخلع لا يلزم إلا طرفيه فقط.