‏المبحوح اُغتيل مخـدراً ومخنوقاً بعقــــــــار قاتل‏

‏أعلن نائب القائد العام لشرطة دبي اللواء خميس مطر المزينة، أن قتلة القيادي في حركة المقاومة الإسلامية «حماس» محمود المبحوح، حقنوه بعقار «سكسينيل كولين» قبل خنقه خلال عملية اغتياله بغرفته في فندق البستان روتانا، يوم 19 يناير الماضي، مشيراً إلى أن «العقار قاتل وكفيل بشل حركة فيل أو حيوان شرس، خلال ثلاثة دقائق، ويستخدم في عمليات الإعدام بالحقن».

فيما كشف القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان عن اتجاه لاستخدام تقنيات حديثة لكشف أي تزوير في جوازات السفر الأوروبية، مشيراً إلى «أن دبي لم تتعرض لمشكلات سابقة من رعايا هذه الدول، لكن بعد انتهاك جهاز المخابرات الاسرائيلية «الموساد» لسيادتها وتدنيسه جوازاتها وتلطيخها بالدماء، بات من الضروري اتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان عدم تكرار استغلال الجوازات الأوروبية في ارتكاب الجرائم»، مؤكداً أن «(الإنتربول) هو بوابة دبي في طريق ملاحقة الجناة».

وفي التفاصيل، قال اللواء خميس مطر المزينة في مؤتمر صحافي، أمس، إن خبراء الأدلة الجنائية في شرطة دبي اقتطعوا جزءاً من نسيج الجلد والطبقة التي تليه في جثة المبحوح، بعد اشتباههم في وجود علامات حقن فيها، وتم فحص تلك العينات في قسم السموم بالمختبر الجنائي، وانتهت النتائج إلى أن المجني عليه حُقن بعقار قوي المفعول يؤدي إلى ارتخاء العضلات، والموت إذا زادت الكمية.

وأضاف أن خبراء الأدلة الجنائية في شرطة دبي اشتبهوا في تعرّض المبحوح للحقن بعقار ما، نظراً إلى وجود آثار في فخذه، مشيراً إلى أن الفحوص التي أجريت في هذا الصدد، طالت، نظراً لحساسيتها الشديدة وهي متعلقة بعقار «سكسينيل كولين» لأنه يتحول بمجرد حقنه ليأخذ شكل مادة في الجسم البشري تتحكم في الجهاز العصبي.

وأشار إلى أن الجناة وضعوا سيناريو لإخراج الجريمة في صورة وفاة طبيعية من خلال استخدام هذا العقار، لأنه من الصعب اكتشافه داخل الجسم بعد مرور 20 دقيقة إلا في حال استخدام جرعة كبيرة، كما في حالة المبحوح، موضحاً أن «العقار يستخدم أداةً للقتل في عمليات الإعدام بالحقن، التي تنفذها بعض الدول، إذ يصيب عضلات الجسم كافة بالشلل التام خلال دقائق معدودة».

عقار طبي قاتل
يعرف عقار «سيكسينيل كولين» كذلك باسم «سوكساميثونيوم كلورايد» ويستخدم في مراحل التخدير الكلي «البنج العام» لما له من تأثير سريع وقوي، حيث يؤدي إلى ارتخاء في جميع عضلات الجسم، لذا يعتبر الأكثر شيوعاً في استخدام عملية إدخال أنابيب التنفس إلى القصبة الهوائية أثناء العمليات الجراحية وحالات الطوارئ والإسعافات السريعة في غرف العناية الفائقة. اكتشف العلماء جنزيل وكلوب وجيرهارج وينيير، هذا العقار مادةً مساعدة في عمليات التخدير الطبي عام ،1950 ويوجد له استخدام قاتل «لغرض الموت» وفي مثل تلك الحالات يعد وسيلة سريعة لإصابة كل عضلات الجسم بالشلل التام في عمليات الإعدام بالحقن القاتلة.

جوازات أميركية
قال القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان، إن مصادر قوية أكدت أن الجناة لم يستخدموا جوازات أميركية في عملية اغتيال المبحوح حتى لا تدخل إسرائيل في صدام مباشر مع الولايات المتحدة، فيما لم تضع الاعتبار نفسه للدول الأوربية.

وأفاد تقرير المختبر الجنائي بأن الجناة حقنوا المبحوح بالعقار المخدر في فخذه مستخدمين إبرة دقيقة جداً، وقال المزينة إنه من الصعب تحديد الكمية التي تم حقنه بها، لكن من الواضح أنها كانت كبيرة لأن جسده احتفظ بآثارها لليوم التالي، مشيراً إلى أن السيناريو المرجح هو حقنه بالمادة المخدرة ومن ثم خنقه حتى الموت.

ونوه المزينة بأن ثمة احتمالاً طرأ في البداية بتعرض المبحوح للصعق الكهربائي بغرض السيطرة عليه، لكن استبعدنا هذا الاحتمال بعد تشريح الجثة وفحص العينات التي اقتطعت منها، مستبعداً كذا استجواب القتلة المجني عليه قبل اغتياله، لأن من الصعب الحصول على أي معلومات بعد حقنه بمخدر قوي المفعول.

وأوضح أن تأثير عقار «سكسينيل كولين» في عملية اغتيال المبحوح ليس له علاقة مباشرة بمعاناته سابقاً من أمراض معينة، لأن هذا العقار له التأثير نفسه في الشخص المريض أو السليم، نافياً ما تردد حول تعرض المبحوح لمحاولة اغتيال سابقة في دبي ودخوله على أثرها المستشفى، منوهاً بأن المغدور زار دبي في مايو من العام الماضي، وأصيب بدوار عادي أجرى بسببه فحوصاً روتينية في مستشفى راشد.

وحول فرص نجاح عملية الملاحقة للجناة، قال المزينة لـ«الإمارات اليوم» على هامش المؤتمر، لن نعدم الفرص على الإطلاق، مشيراً إلى أن شرطة دبي أحالت ملفات الجناة إلى «الإنتربول» بتهم القتل العمد والمساعدة واستخدام جوازات مزورة، وأن تتعاون جميع الدول الأعضاء في «الإنتربول» لضبط هؤلاء الجناة.

إلى ذلك، اطلع أمين عام منظمة «الإنتربول» رونالد نويل، خلال زيارته، أمس، للقيادة العامة لشرطة دبي؛ على الأدلة كافة التي تدين الجناة الذين أعلنت أسماءهم، وقال القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان إن «(الإنتربول) هو بوابة دبي إلى العالم في عملية ملاحقة قتلة المبحوح».

وأضاف خلفان للصحافيين، أمس، أن هناك 27 متهماً أوروبياً متورطون في الجريمة أعلنت أسماء 26 منهم حتى الآن، إضافة إلى متهم فلسطيني له صلة مباشرة بمنفذي الاغتيال، موضحاً أن «الدول الأوروبية ملزمة على الأقل بالتحقيق في عملية تزوير جوازاتها، إذا لم تكن لديها الرغبة بالتحري عن عملية الاغتيال».

وكشف خلفان أنه سيتم استخدام أجهزة حديثة للغاية في دبي لكشف عمليات التزوير في الجوازات الأوروبية بعد اختراقها من جانب الموساد الإسرائيلي، مشيراً إلى أنه يتم النظر في إيجاد نوع من التنسيق مع الدول الأوروبية لتوفير بيانات وأرقام جوزات مواطنيها لضمان عدم التلاعب فيها، مؤكداً أن نجاح المخابرات الإسرائيلية في اختراق سيادة تلك الدول وانتهاك جوازاتها، يعطي مؤشراً إلى إمكانية تكرار ذلك من جانب منظمات إرهابية وإجرامية أخرى.

وحول احتمالات إعادة النظر في مسألة دخول رعايا الدول الأوروبية إلى الإمارات من دون تأشيرات، قال القائد العام لشرطة دبي «نقول لدول الاتحاد الأوروبي إن إسرائيل أساءت لكم ودنست وثائقكم، لكن لن نفعل نحن ذلك وسنلتزم بإبداء الاحترام والتقدير لكم، ولن نُحدث تغييراً في إجراءات الدخول، لكن ما حدث يستلزم تدقيقاً من جانب الاتحاد الأوروبي في إجراءات استخراج الجوزات والجهات التي تعمل على ذلك، وعلاج الثغرات التي نفذ منها (الموساد) لتزوير هذه الجوازات».

وأضاف «نستطيع كذا تدريب أفرادنا على تمييز الإسرائيليين كما يميزون أفراد الجنسيات الأخرى»، منوهاً بأن من الممكن إقامة دورات تدريبية للعاملين في المطارات والموانئ للتدقيق على هؤلاء الأشخاص من خلال ملامحهم أو لكناتهم واتخاذ إجراءات مشددة حيالهم قبل السماح لهم بالمرور.

وأكد أن هذه الجريمة تعكس حقائق واضحة أهمها أن إسرائيل دولة مارقة على الشرعية الدولية، ولا تتردد في انتهاك قوانين الدول وسيادتها حتى الصديقة منها، لافتاً إلى أن قادة إسرائيل يتبادلون الأدوار؛ فمنهم الذي يبدي نوعاً من اللامبالاة تجاه الجريمة، وفريق يعطي مبررات غير مقنعة، وآخرون يهددون الدول ويبتزونها بشكل غير مباشر حتى لا تشارك في فضح دور «الموساد».

وأشار إلى أن قادة إسرائيل يرسخون العداء ضد شعبهم، ويعمدون إلى إثارة التوتر والأزمات، وأياديهم ملطخة بالدماء منذ القدم، وليس في تاريخ إسرائيل أو حاضرها ما يشير إلى سعيها نحو السلام، بل تعبر تصرفاتها عن عقلية متغطرسة ونفسية مريضة لا تفرق بين صديق أو عدو.

ونوه بأن انتهاك الجوازات الأوروبية جريمة بشعة لما لهذه الدول من قيمة كبيرة، معتبراً أن قيام الموساد بذلك يعكس غرورا واستخفافاً بدول ذات سيادة مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا، مشيراً إلى أن الإسرائيليين لم يتوقعوا فضحهم بهذا الشكل، لكن في ظل الإعلام المفتوح والتقنيات الحديثة تغير المفهوم التقليدي للجريمة، ولم يعد من الممكن إخفاؤها أو هروب مرتكبيها.

 

 

 

 

الأكثر مشاركة