شيخة تقفز بخيالها فوق العمى
لم تستسلم شيخة حابس المنصوري، الطفلة ذات الـ10 سنوات، لشعورها بضيق المساحات، وحصار اللون الأسود الذي ولدت به، فانطلقت بخيالها فوق هذه الأسوار لتؤسس لنفسها مدينة جديدة من الإرادة والأمل، وأحالت إعاقة كف البصر، التي مُنيت بها في مهدها، إلى وسيلة دفع لتتفوّق بها على أقرانها من المبصرين.
وُلدت شيخة بعد ستة أشهر من حمل والدتها، وتسبّب نقص كميات الأوكسجين أثناء الولادة في إصابتها بالعمى، لتصبح الأخت الكبرى لثلاثة أشقاء مُبصرين، وعلى الرغم من خضوعها لعمليات جراحية عدة في الولايات المتحدة الأميركية والإمارات، فإنها حتى الآن لا ترى سوى خيالات قريبة لا تستطيع تمييزها.
مع ذلك تؤكّد شيخة أنها ترى ما حولها بكل حواسها الأخرى، ولا تشعر بأن شيئاً ينقصها، ولكي تثبت نظريتها بأن المكفوفين عامة لا يفتقرون إلى القدرة التي يتمتع بها أي إنسان آخر؛ أصرّت على ممارسة اثنتين من الألعاب الرياضية التي توصف بالخطرة، هما السباحة، وركوب الخيل، وتقول: «أحببت هاتين الرياضتين لما فيهما من التحدي والمثابرة، على الرغم من قلة الإمكانات المتاحة أمام المكفوفين لممارسة مثل هذه الألعاب داخل الدولة».
ودعت شيخة إلى تهيئة الظروف التي تساعد المكفوفين على ممارسة هذه الرياضات؛ لأنها من أمتعها وأكثرها نفعاً، وأعربت عن أملها بأن تنمي قدراتها في السباحة لتشارك في المسابقات الدولية «وترفع اسم الإمارات عالياً».
وبخلاف هواياتها الرياضية تقول إنها تعشق كتابة القصص، على الرغم من صعوبة «العثور على عنوان لقصتها»، وشاركت لعامين متتاليين في مسابقة القصة المكتوبة بطريقة «برايل» المخصصة للمكفوفين، التي تنظمها مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية، وحققت مراكز متقدمة، وتتمنّى أن تصبح كاتبة مثل عميد الأدب العربي طه حسين، أو صحافية، وقبل ذلك أن تجد ما تتمنى قراءته متوافراً في المكتبات بطريقة «برايل».
وأضافت شيخة أنها «استطاعت أن تكون في طليعة قريناتها في الصفوف الدراسية نفسها في مدرسة المزدلفة، وهي إحدى مدارس دمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع الأسوياء، في السنة الدراسية الماضية، في حين تتجه لتتبوّأ المركز الأول هذا العام، بعد أن حققت الدرجات النهائية في جميع اختبارات الأشهر الماضية».