تكلفة «الشـرعي» تدفع مواطـنين إلى «زواج الخميس»
مازالت تصريحات المحامية الإماراتية سارة بن هزيم بشأن «زواج الخميس» تثير ردود فعل مختلفة، وفي الوقت الذي نقل فيه عن وزير السياحة اليمني تأكيده عدم وجود هذا النوع من الزواج في بلاده، أكدت الموجهة الأسرية في محاكم دبي وداد لوتاه وجود «زواج الخميس»، عازية تورط شباب في هذا النوع من الزواج، إلى المعاناة التي يلاقونها في الزواج الشرعي من تكلفة باهظة لا يقدرون عليها.
وكانت المحامية سارة بن هزيم أدلت بتصريحات صحافية حول انتشار نوع جديد من الزواج يطلق عليه اسم «زواج الخميس» في دول عربية منها اليمن، ما دفع وزير السياحة اليمني نبيل الفقيه إلى نفي وجود هذا الزواج في بلاده، فيما قالت بن هزيم لـ«الإمارات اليوم» إن تصريحاتها أسيء فهمها، وأنها لم تحدد دولة بعينها، وتحدثت عن الموضوع من الجهتين الدينية والشرعية.
وأفادت التصريحات، التي نسبت إلى المحامية الإماراتية، بأن هذا النوع من الزواج يبدأ يوم الخميس وينتهي يوم السبت بالطلاق، وذاع صيته بين الشباب، ومنهم إماراتيون، توافدوا على اليمن للارتباط بإحدى فتيات قبيلة تعاني من فقر مدقع وتسمح بهذا النوع من الزواج، معتقدين أنه زواج شرعي.
وأعربت عن دهشتها لرد الفعل العنيف حول تصريحاتها، مشيرة إلى أن هذه الصور من الزواج غير الشرعي منتشرة في دول عربية عدة تحت مسميات مختلفة، مؤكدة أنها لم تسم دولة بعينها، حينما تحدثت عن «زواج الخميس» وطلبت عدم الإشارة إلى اليمن، لافتة إلى أن عملها كمحققة جنائية ثم محامية خبيرة في القوانين الشرعية، يؤهلها للتعبير عن رأيها في هذه الظاهرة.
وأضافت «تربينا في دولة نحترم فيها الآخرين ولا نوجه أي إهانة لشعب أو قبيلة»، مؤكدة أن تصريحاتها قلبت بقصد الإثارة الصحافية، عندما تناولت قضية «زواج الخميس» وغيره من أشكال الزواج المؤقت التي لها عواقب سيئة تضر بتركيبة المجتمع بسبب ما ينتج عنها من أطفال غير شرعيين.
وأكدت بن هزيم أن زواج الخميس موجود ولا مبرر لإنكاره، مستندة في ذلك إلى عملها في المجال القانوني ومعرفتها بأشخاص تورطوا في مثل هذه الزيجات، مشيرة إلى أن كثيراً من النساء ليس لديهن دراية بالجانب القانوني ويحتجن إلى قانون لحمايتهن من مثل هذه الأمور.
وأكدت أن «وزير السياحة اليمني لديه مبرراته لإنكار وجود هذا الزواج في بلاده، ومن حقه أن يغار عليها، وأنا أقدر هذا وأحترم الذين انتقدوني» مؤكدة عدم تعمد الإساءة إلى أحد، «وأعرف حدودي جيداً بحكم عملي في مجال القضاء».
صور متنوعة
وقالت إن «مشكلة الزواج المؤقت تتفاقم كل يوم وتأخذ صوراً متعددة مثل زواج الخميس والمسيار والعرفي والسياحي والوناسة» ملمحة إلى أن هناك أشخاصاً لا يعرفون عدم مشروعية مثل هذه الارتباطات سواء من جانب الدين أو القانون، مؤكدة انها تقصد من خلال الحديث في هذه المسألة التأكيد أن الأصل في الزواج هو الاستقرار والاستمرارية.
وتابعت «لم أزج بنفسي في ما أجهله كما ألمح البعض» مؤكدة انها أعدت مقدمة لتصحيح عدد من مواد القانون الشرعي كما حصلت على جائزة المشاركة المتميزة لأفضل مشروع مهني قانوني، وتعمل حالياً على أول كتاب في القانون تعده إماراتية.
وكان وزير السياحة اليمني نبيل الفقيه قال في تصريحات لصحيفة «السياسية» الرسمية اليمنية إن «الشعب اليمني معروف بأخلاقه وتقاليده المحافظة، ولا يمكن أن نجد في أي قبيلة زواجاً اسمه «زواج الخميس» أو أي زواج يندرج تحت بند زواج المتعة»، مشيراً إلى أن «القوانين والأعراف والتقاليد اليمنية لا تعترف بأي نوع من أنواع الزواج غير الشرعي التي لا تمت بصلة إلى القانون والشرع، ولا وجود لأي نوع من أنواع الزواج مثل المسيار أو العرفي أو الوناسة أو المصياف».
زواج مؤقت
ومن جانبها أكدت الموجهة الأسرية في محاكم دبي وداد لوتاه على وجود «زواج الخميس»، مشيرة إلى أن الشباب يلجأون إلى مثل هذا النوع من الزواج المؤقت وغيره بسبب المعاناة التي يلاقونها في الزواج الشرعي الذي بات مكلفاً للغاية في ظل تعدد الهدايا والنفقات التي يتكلفها الشاب، فضلاً عن الصعوبة التي يجدها في اختيار العروس التي تناسبه.
وكشفت لوتاه لـ«الإمارات اليوم» عن أن الحالات التي تعاملت معها خلال السنوات الأخيرة توضح استعاضة الشباب بالعلاقات المؤقتة والسريعة عن الزواج الشرعي الحلال، خصوصاً أن معظمهم يعانون من الديون، لافتة إلى أنها خلال سبع سنوات من العمل في المحاكم لم تقابل سوى حالتين فقط لشابين غير مدينين.
مشروع مرهق
وقالت إن هناك ظاهرة باتت منتشرة حالياً بين الشباب يمكن اختزالها في عبارة واحدة يتناقلها الشباب وهي «ليش أعور راسي»، موضحة أن الزواج لم يعد يمثل لمعظم الشباب مجرد مشروع مالي مكلف ومرهق، بل بات يمثل عبئاً نفسيا أيضا، نظراً لكثرة التجارب الفاشلة التي يرونها أمامهم لذويهم أو يعانون منها إذا كان والد أحدهما منفصلاً عن والدته.
وأضافت أن الشباب يتحايلون على الشكل الشرعي للزواج، ويلجأون إلى هذه الزيجات التي يرفضها العقل والدين ولا تحتاج إلا لورقة وشاهدين، وربما تتم من دونهما، مشيرة إلى أنها ناقشت هذه القضية مع شباب تورطوا في زيجات مؤقتة، وأدركت أن هدفهم هو الاستمتاع بالحرام ليس أكثر.
وأشارت إلى أن المشكلة لا تقتصر على مجرد شرعية هذا الزواج أو عدم شرعيته، ولكن تمتد إلى جانب صحي، موضحة أن الشاب يتزوج من امرأة لا يعرف أصلها ولا يهمه إذا كانت بكراً من عدمه، ولا يعرف كم عاشرت أزواجاً من قبله، ما يجعله عرضة للإصابة بأمراض معدية، فضلاً عن إنجاب أطفال لن يعرفهم بعد ذلك.
ضحية الحب
ذكرت الموجّهة الأسرية في محاكم دبي وداد لوتاه أن إحدى ضحايا قصص الحب والزواج المؤقت التي تعاملت معها بحكم عملها، تتلخص بأن فتاة وافدة من أسرة متوسطة أحبت شاباً مواطناً، وتزوجت منه بهذه الطريقة، حيث حرّرا ورقة بينهما وقرأ صديق الشاب الفاتحة. واقتنعت الفتاة بأن هذا الزواج صحيح وسلمت نفسها للشاب، وأسفرت هذه العلاقة عن حمل الفتاة، وحينما طلبت منه توثيق زواجهما رفض وتهرّب منها. وأشارت لوتاه إلى أنها أحضرت هذا الشاب وحاولت إقناعه بتصحيح خطئه والزواج بالفتاة، لكنه رفض قائلاً «من أدراني أن هذا الطفل ابني؟»