مقاولون يتلاعبــون في بنـــــاء مساكن
عبر مواطنون في العين، عن استيائهم من تلاعب مقاولين واستشاريين في بناء مساكنهم، حيث تظهر أضرار جسيمة تباعاً مع مرور الوقت بعد تسلمها، وتالياً تتعرض للسقوط.
فيما قالت مديرة إدارة تراخيص المباني في بلدية العين، المهندسة بخيتة الشامسي، إن «البلدية تحقق في الشكاوى التي تصل إليها أولاً بأول، وإن عثرت على أي مخالفة قد تتسبب في انهيار المسكن، تفرض غرامات وعقوبات مشددة على المخالفين، سواء كان المقاول أو الاستشاري» وأوضحت أن «المشكلات التي تتعلق بالأمور المالية، كأن يمتنع المالك عن دفع المبالغ المالية للمقاول، أو امتناع الأخير عن إكمال البناء، أمر لا تتدخل فيه البلدية».
وأضافت «البلدية تشرف على البناء منذ بدايته، كما نضع جدولاً للانتهاء من البناء، وعلى المقاول أن يلتزم به، ولابد أن يكون مهندس البلدية المسؤول موجوداً للتفتيش على القواعد الخرسانية».
ولفتت الشامسي إلى أن «البلدية تمتنع عن توصيل الكهرباء للسكن، إلا بعد التأكد من انتهاء المبنى كاملاً، كما تفتش المبنى لمعرفة ما اذا كان المقاول قد أضاف أي جزء للبناء من دون ترخيص، عندها تلزمه بإزالة الجزء غير المرخص».
وتفصيلاً قال صاحب منزل تسلمه منذ ما يقارب السنة، يدعى الفوري راشد، «تسلمت الفيلا في شهر أبريل الماضي وسرعان ما بدأت المشكلات تظهر فيها، ففي البداية بدأت المياه تتسرب من الحمامات في الطابق العلوي، مع انبعاث رائحة كريهة، بلغنا المقاول فرد قائلاً: إنه سيأتي لمعاينة الفيلا ولم نره بعد ذلك».
وأضاف «بعد فترة بدأت معظم الغرف تسرب المياه من الطابق العلوي، حتى وصلت إلى مجمع الكهرباء، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء من فترة لأخرى، واتصلنا بشركة العين لتوزيع الكهرباء وفحصوا المجمع وأخبرونا بضرورة إصلاحه، لكن المقاول زعم أنه سليم بعد معاينته، وبعدها سقط باب الفيلا وأصلحناه، حتى أن المفصلات والاسمنت أصبحا ظاهرين من الحائط».
وقال «إذا أردنا أن ندق مسماراً في الحائط يبدأ بالتشقق، اتصلنا بهيئة القروض وقالت إن على المقاول أن يرسل لهم تقريراً بالأضرار» متسائلاً «كيف يحدث ذلك وهو في الأساس لا يعترف بوجود أخطاء، ويزعم أن السبب استخدامنا الفيلا بطريقة خاطئة، حتى أنه أرجع سبب تسريب المياه إلى استحمامنا بكثرة».
وأوضح راشد «عندما تسلمنا الفيلا لم يكن فيها مجمع للمجاري واشتكينا لهيئة الاسكان في أبوظبي، فكيف نتسلم فيلا من دون مجارٍ؟ وعندما أخبرنا الاستشاري عاين الفيلا ولم نره ثانية، وكل فترة يأتي شخص لمعاينتها ولا نراه مرة أخرى، وأخبرتنا الهيئة بأنها تحجز على مبلغ مالي من أموال المقاول للصيانة، وإذ لم ينفذ المطلوب منه ستعطيني إياه لإجراء الصيانة، ولكن انتظرت كل هذه الفترة، لكن كيف يفيدنا المبلغ بعد أن خسرنا أموالاً طائلة في ظل هذا الغلاء».
وأيده المواطن علي الكعبي، قائلاً إن «مقاولين يرتكبون مخالفات عدة من دون علم صاحب البناية، فالفيلا التي أسكن فيها حالياً لم يمضِ على تشييدها عام وبدأت التشققات تملأ الجدران والأسقف، إضافة إلى الدهانات التي تزول، وأخبرني أحد العمال أن المقاول جلب مواد بناء لا علم لي بها ولم أتفق عليها، حيث زعم أنه استخدم الحديد التركي وهو معروف أنه أكثر جودة وأغلى سعراً، ولكن في الحقيقة جلب أنواعاً أخرى، وبذلك يجمع المقاول أموالاً طائلة».
وقال المواطن أبو محمد إن «الاستشاري يتفق مع المقاول في بعض الأحيان على التلاعب في البناء، حيث يحصل الاستشاري على عمولة ٤٪ من المواطن من قيمة البناء، وعندما يتفق مع المقاول يستفيدا معاً، ولذا نعاني من عدم جودة المساكن، والكثير من أصحاب البنايات يشتكون من تلاعب مقاولين واستشاريين، وتالياً قروض السكن لا تكفي للبناء ونضطر لدفع أموال أكثر».
وأوضح مدير شركة تتعاون من الباطن مع شركات مقاولات، يدعى (م.أ) إن «هناك نوعين من الغش من المقاول، إما أن يتحايل على المالك بمفرده، أو بالاتفاق مع الاستشاري، فالمالك يضع ثقته في الاستشاري، والأخير يمرر مخالفات عدة من دون علم المالك».
وأضاف أن «التلاعب يحدث بأساليب كثيرة، فمن المفترض وضع الطابوق بطريقة معينة كأن تكون واحدة ممتلئة وأخرى فارغة، لكن أحياناً يتم وضع واحدة ممتلئة واثنتين فارغتين، وعندها يصبح الحائط ضعيفاً وغير متماسك، ولن يكتشف المخالفة أحد إلا بعد السكن في الفيلا، كما أنهم أحياناً يستخدمون خشباً قديماً في الخرسانة، ليحصل المقاول على أعداد كبيرة من أكياس الإسمنت، وتالياً سرقة المالك بطريقة غير مباشرة، وقد يرتكب المقاول العديد من المخالفات وبطرق عدة من دون أن يشعر به أحد»
واقال مدير الشركة أن «ارتفاع أسعار مواد البناء من الأسباب الرئيسة التي تحفز من لا رادع لهم في التلاعب بمواصفات البناء، حتى أن مقاولين يستعينون بعمالة سيئة لإنهاء عملية البناء والصيانة لكي لا تكلفهم أموالاً طائلة، وشركات الخرسانة تتلاعب في الإسمنت».
وتابع أن «المقاول الذي يتلاعب في عملية البناء لا يفكر في المالك أو ما قد يصيبه من أضرار بعد السكن في الفيلا، ولكن ما يهمه هو التوفير في الأموال التي ينفقها، ولكن على الجهات المعنية والبلدية أن تفرض عقوبات صارمة ضد المقاول في حال التأكد من وجود خلل أو غش في البناء، وقد يحدث التلاعب عبر وصلات الكهرباء في الجدران، حيث توضع الأسلاك بطريقة عشوائية، والأخطاء في البناء تظهر تباعاً مع تقدم عمر المنشأة بسنوات قليلة».
وأفاد المهندس محمد صالح، من مكتب استشارات هندسية بأن «تلاعب المقاولين في البناء يسيء إلى سمعتهم أيضاً، فهم يضعون مخططاً تفصيلياً للبناء لتنفيذه، ولكن عندما يتلاعب قد يتعرض البناء بأكمله للسقوط، وعندها يجب إعادته من البداية، والخسائر التي تطال أصحاب المنشآت السكنية تكون بسبب عدم تنفيذ المقاولين للعقد، وهم يحترفون مهنة البناء للربح، وليس لأنهم أصحاب خبرة أو أنهم جيدون في البناء».