«الديزل» يكشف تحايل واستغلال تجار

السلع التي تأثرت بارتفاع الديزل لم تنخفض أسعارها بانخفاضه.          تصوير: محمد حكيم  

 أفاد مسؤول في وزارة الاقتصاد، بأن «الوزارة بصدد إجراء دراسة شاملة عن تأثير المحروقات في أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية الأساسية، لبيان مدى تأثيرها في معدلات انخفاض أسعار البعض منها، لاسيما التي شهدت ارتفاعاً مرتبطاً بأسعار الديزل، الذي انخفض أخيراً بنسبة 15%».

 

واعتبر مراقبون وخبراء تجاريون ومتخصصون في مجال حماية المستهلك، أن بعض التجار المحليين يتذرعون بالزيادات المتتالية في أسعار الديزل، لتصبح بمثابة شماعة يعلقون عليها حرصهم على رفع أسعار السلع والبضائع، فيما كشف انخفاض الديزل كذلك عن استخدام الموردين لمبررات وحيل لفرض زيادات سعرية على المنتجات التي يوردونها للأسواق.

 

وكشف مسؤولو مراكز تجارية وجمعيات تعاونية، عن أن انخفاضات الديزل الأخيرة، «لم يكن لها تأثير في هبوط مؤشرات أسعار السلع التي ارتفعت مع ارتفاع أسعار الديزل، رغم انتهاء أسباب الزيادة السابقة».

 

وطالبوا الجمعيات والمراكز التجارية الأخرى بعدم التجاوب مع التجار بالصورة التي تساعدهم على تنفيذ مخططاتهم لرفع أسعار السلع والبضائع، فيما أشار خبراء تجاريون إلى أن انخفاض أسعار الديزل الأخيرة لم تصل بعد إلى المستويات السابقة، وتالياً فتأثيرها محدود في معدلات الأسعار.

 

«شماعة» لرفع الأسعار
وتفصيلاً، أفاد مسؤول في وزارة الاقتصاد، طلب عدم ذكر اسمه، بأن «الوزارة بصدد إجراء دراسة شاملة عن تأثير المحروقات في أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية الأساسية»، مضيفاً أن «تأثير الديزل لا يتعدى 10% من إجمالي تكلفة نقل السلع والبضائع».

 

واعتبر المسؤول أن «تأثير نسبة الـ10% غير فعال في أسعار السلع الغذائية وغيرها»، دون مزيد من التفاصيل. لكن مدير جمعية الإمارات لحماية المستهلك، الدكتور جمال السعيدي، لاحظ أن التجار يتذرعون بالزيادات المتتالية في أسعار الديزل، لتصبح بمثابة «شماعة» يعلقون عليها حرصهم على رفع أسعار السلع والبضائع، وفي حال انكشفت من قبل المسؤولين، بحثوا عن غيرها».

 

 وطالب السعيدي التجار «بخفض أسعار السلع والبضائع بنسب مماثلة للانخفاض في أسعار الديزل، بحكم أن السلع تحمل الزيادة في أسعار الوقود، فما الذي يمنع عكس ذلك؟». وانخفضت أسعار بيع غالون الديزل من 19.25 إلى 16.25 درهماً، بنسبة 15% منذ شهر يوليو الماضي وحتى الآن، «لكن الربط بين انخفاض أسعار الديزل والسلع من جهة أخرى، لم يتم» وفقاً للسعيدي. وطالب التجار، لاسيما الذين تأثروا سلباً بارتفاع أسعار الديزل، «أن يراعوا حقوق المستهلكين، وأن يجروا تخفيضات على الأسعار بنسب مماثلة لانخفاض الديزل».

 

زوال الأسباب
وقال مدير العلاقات العامة في مجموعة «إيميك غروب التجارية» و«مراكز اللولو سنتر» و«الفلاح بلازا» في دبي والإمارات الشمالية، عمر كريم «أنه لا يوجد أي توجه من قبل موردي السلع الغذائية لخفض الأسعار والتراجع عن الزيادات التي فرضوها خلال الفترات الماضية، بدعوى تأثير ارتفاعات أسعار الديزل في تكاليف النقل البري أو زيادة نفقات الإنتاج، بالرغم من الانخفاضات المتتالية التي شهدتها أسعار الديزل أخيراً».

 

 وأضاف ان «عدداً من موردي المنتجات الغذائية كانوا قد طالبوا منذ بدايات زيادة سعر الديزل بزيادة الأسعار بمعدلات تراوح بين 15% ـ 20%»، مشيراً إلى أنه «من المفترض مع زوال أسباب الزيادات أن تعود الأسعار لسابق عهدها، إلا أن مؤشرات الأسعار في صعود مستمر، ويكون غالباً من الصعب انخفاضها». وأشار إلى أن «منافذ البيع التابعة للمجموعة لا تتقيد بمطالب موردي السلع الذين يبالغون في الأسعار، وتلتزم ببنود اتفاقياتها مع وزارة الاقتصاد للحفاظ على استقرار الأسعار في مواجهة الغلاء».

 
تجاوب
من جهته، لفت نائب المدير العام لجمعية الاتحاد التعاونية، إبراهيم عبدالله البحر، إلى أن «بعض الموردين حاولوا الاستفادة من ارتفاعات الديزل السابقة لزيادة أسعار السلع التي يوردونها، والتي لم تنخفض مع هبوط أسعار الديزل»، مشيراً إلى أن «بعض التجار يلجأون لاستخدام أي مبررات لزيادة أسعارهم، وعلى الجمعيات والمراكز التجارية عدم التجاوب معهم بشكل يساعد على تنفيذ مخططاتهم لزيادة الأسعار باستمرار».

 

وأوضح البحر أن «الموردين والتجار من المفترض أن يخفضوا من أسعار الأرز خلال الفترة المقبلة في ظل دخول موسم الحصاد في دول آسيوية وعربية موردة للأرز، وهو ما سيعمل على توفير تلك المنتجات بأنواعها، وخصوصاً مع اتجاه بعض الدول ـ ومنها مصر ـ لإعادة عمليات التصدير مرة أخرى»، مشيراً إلى أن «ذلك سيكشف تحايلات التجار الذين سيستمرون في بيع الأرز بنفس الأسعار رغم انتهاء الأزمة السابقة أو الموردين الذين سيلجأون للتوريد بأسعار مرتفعة رغم انتهاء أسباب زيادة الأسعار».

 

أسباب مختلفة 
وأوضح نائب المدير العام لجمعية أبوظبي التعاونية، فيصل العرشي، أن «اتجاهات تخفيض أسعار السلع في الأسواق غالباً ما تكون صعبة للغاية مقارنة بزيادة الأسعار». وأضاف ان «انخفاضات الديزل الأخيرة، التي لم تصل به إلى مستويات أسعاره السابقة، ممكن أن يكون لها تأثيرات محدودة في معدلات الأسعار»، مشيراً إلى ضرورة «أن يتم دراسة دوافع الموردين حول استمرارهم في زيادة أسعار السلع مع العمل على السيطرة على التضخم الذي يتنامى في أسواق الدولة ويدفع بالأسعار للارتفاع بشكل مستمر».

 

وأضاف مصدر مسؤول في شركة «فيرست فوود» لتوريد المنتجات الغذائية فضل عدم ذكر أسمه أن «أسباب ارتفاع الأسعار لبعض السلع الغذائية خلال الفترة الماضية ترجع إلى عوامل مختلفة من ضمنها زيادة تكاليف الإنتاج والتوريد من الأسواق الخارجية وليست بسبب عوامل ارتفاع أسعار الديزل فقط» مشيرا إلى أن «أسعار السلع الغذائية تشهد استقراراً كبيراً حالياً ولا توجد أية توقعات بانخفاضها أو ارتفاعها خلال الفترة المقبلة». 

الأكثر مشاركة