تسييلات الأجانب مستمرة.. والاستثمار المحلي يراقب بحذر
|
|
|
| المحافظ الأجنبية عادت إلى التسييلات. تصوير: دينيس مالاري
قال محللون وخبراء أسهم إن حالة الترقب والانتظار من جانب المستثمرين المحليين في مقابل موجات تخفيف المراكز التي يقوم بها الأجانب ألحقت بالسوق خسائر في القيمة السوقية بلغت 81 مليار درهم، ودفعت المؤشر العام للسوق إلى الانخفاض بنسبة 9.5% خلال ثلاثة أسابيع متتالية، منذ بداية شهر أغسطس الجاري.
وأضافوا أنه على الرغم من محاولات الارتداد التي نفذها مستثمرون أفراد، إلا أن الارتداد الحقيقي يحتاج إلى مبادرة المؤسسات المالية والمحافظ المحلية باستغلال الفرص الاستثمارية التي توفرها السوق الآن، وتضخ شرائح جديدة من السيولة بشكل، وإعادة ضخ السيولة التي سحبتها من السوق في وقت سابق وتحتفظ بها للدخول التدريجي الآمن إلى السوق مرة أخرى».
فساد مالي وقال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع، إن «المحافظ الأجنبية عادت في الأسبوع المنقضي لتبدأ تسييلات جديدة في مستويات سعرية عالية نسبياً، بالقياس إلى المضاعفات السعرية والأسعار المتدنية التي وصلت إليها الأسواق في يوم الثلاثاء قبل الماضي، وكرد فعل لعودة التسييل من قبَل الأجانب فقد اتخذت المحافظ المحلية موقفاً دفاعياً مناسباً يتمثل بالتريث في الشراء لحين التأكد من انتهاء موجة التسييل».
ولفت إلى أن «استراتيجية الخروج التي تتبعها المحافظ الأجنبية متنوّعة في تكتيكاتها تتعمد أن تفاجئ الأسواق. فبعد أن استوعبت المحافظ المحلية الدرس ووضعت لنفسها استراتيجية دفاعية تمثلت في الامتناع عن الدخول خلال فترة التسييلات، اتبعت المحافظ الأجنبية أسلوب التريث في البيع والخروج تارة، وأسلوب الدخول وزيادة حجم وقيمة استثماراتها تارة أخرى، لكي تسنح للأسهم التي انخفضت أسعارها أن تعاود التحسن، فخلال الأسابيع الثلاثة المنصرمة غير المستثمرون الأجانب وجهتهم مرات عدة، في ما يتعلق بصافي الدخول أو الخروج من السهم، مستفيدين من حالة شح السيولة للتأثير في الأسواق، وبما يضمن لهم خروج بأعلى ما يمكن من المستويات السعرية».
وأشار الشماع إلى أهمية وضرورة تقييد الاستثمارات الأجنبية وربطها بضوابط مثل التي جاءت في القرار الصادر عن مجلس هيئة سوق المال السعودية، والذي ينطوي على شروط وضوابط وآليات عدة، لعل أهمها تقييد دخول وخروج الأجانب بفترة زمنية محددة تحول دون المضاربات السريعة على حساب المصلحة الوطنية، مبينا أنه بغض النظر عن طبيعة القرار التي تجعل ملكية الأجانب مقتصرة على حق الانتفاع من السهم، فإن هذا القرار يقضي بالمراقبة اليومية على الأشخاص الذين يدخلون السوق ويخرجون منها، والتي تكفل حماية السوق من هذه الأموال».
وتساءل الشماع «أليس من الضروري أن تتخذ الجهات التنظيمية في أسواقنا مثل هذه الخطوة، أو على الأقل ألا توجد ضرورة لمطالبة الاستثمارات الأجنبية الموجودة في الدولة بالإفصاح عن استراتيجيتها الاستثمارية والالتزام بما تفصح عنه من استراتيجيات تتعلق بمدة الاستثمار؟» مؤكدا أنه حق يجيزه مبدأ التعامل بالمثل الذي اتخذته الدول الغربية في تعاملاتها مع استثمارات الصناديق السيادية، عندما اعتقدت الدول الغربية أنها قد تضر بالمصالح الوطنية، على الرغم من أن هذه الاستثمارات تعود في جلها إلى دول صديقة للغرب ،ولم يصدر عنها ما يوحي بمعاداته».
الشعور بالخوف ومن جانبه، سوّغ مدير قسم الأبحاث والدراسات في شركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور محمد عفيفي «انخفاض نشاط أسواق الأسهم المحلية في الوقت الحالي بعدد من العوامل، منها الاختفاء أو ضعف شديد في طلبات الشراء في مواجهة عروض البيع الضعيفة التي كان أغلبها من جانب المستثمرين الأجانب، وبعضها من المستثمرين المحليين الأفراد الذين سيطر عليهم الشعور بالخوف من المجهول الذي قد يحمل معه تكراراً لأحداث عام 2006، حيث فضل معظم المستثمرين الانتظار خارج السوق، على الرغم من الفرص الاستثمارية التي يوفرها السوق والأسعار المتدنية للغاية غير المسبوقة منذ عام تقريبا، وذلك نتيجة سيطرة حالة من عدم الثقة بقدرة السوق على تحمل مزيد من ضغوط عمليات البيع التي تتم من جانب الأجانب، حتى ولو كانت بأحجام صغيرة، والخوف من أن يؤدي استمرار تلك الضغوط أو تزايدها إلى مزيد من الخسائر التي يصعب عليهم تعويضها في الأجل القصير».
وتابع «كانت المحافظ والمؤسسات المحلية تترقب وتنتظر انتهاء موجات تخفيف الأجانب لمراكزهم المالية في السوق والتي كانت عاملا مثبطا لأي محاولات ارتدادية قام بها بعض المستثمرين الأفراد، ولكن الارتداد الحقيقي يحتاج من المؤسسات المالية والمحافظ المحلية ليس فقط الإعلان للمستثمرين الأفراد بالصحف عن قناعة تلك المؤسسات بأن السوق المحلية توفر الآن الفرصة الأفضل للشراء من جانب الأفراد، وإنما يحتاج من هذه المؤسسات والمحافظ المحلية إلى أن تكون أكثر جرأة، وأن تحوّل تلك القناعة إلى إجراءات مباشرة وغير مباشرة على أرض الواقع». وطالب هذه المؤسسات بأن تبادر باستغلال الفرص الاستثمارية التي توفرها السوق الآن، وتضخ سيولة جديدة بشكل مباشر في السوق، وإعادة ضخ ما سحبته من السيولة».
وشدّد عفيفي على أهمية أن تعلن تلك المؤسسات والمحافظ في الوقت ذاته عن برامج تمويل للمستثمرين الأفراد للاستثمار في الأوراق المالية المدرجة في السوق المحلية، الأمر الذي سوف يؤدي إلى عودة طلبات الشراء مرة أخرى إلى السوق بالقدر الكافي لاستيعاب طلبات البيع كافة من جانب الأجانب، ومن ثم يختفي الأثر السلبي لتلك العروض الضعيفة التي انخفضت حدتها خلال الأسبوع المنقضي بنسبة 58%، ليصل صافي الاستثمار الأجنبي السالب إلى 471.6 مليون درهم مقارنة بـ1.13 مليار درهم خلال الأسبوع قبل الماضي».
وتابع «ان حالة الترقب والانتظار من جانب المستثمرين المحليين في مقابل موجات تخفيف المراكز التي يقوم بها الأجانب ألحقت بالسوق والمستثمرين خلال ثلاثة أسابيع متتالية منذ بداية شهر أغسطس خسائر في القيمة السوقية بلغت 81 مليار درهم، ودفعت المؤشر العام للسوق إلى الانخفاض بنسبة 9.5% خلال الفترة نفسها».
وأشار إلى أن الأداء الإيجابي للشركات والنمو الاقتصادي المتوقع لابد من أن ينعكسا على أسواق الأسهم ولابد أن يسيرا في اتجاهين متوازين وليس في اتجاهين متضادين، بحيث تكون سوق الأوراق المالية مصدرا متجددا للثروة والدخل بالنسبة إلى الأفراد وأيضا المؤسسات، بما يسهم في توفير مصدر تمويلي آخر متجدد يسهم في استقرار واستمرار الطفرة العقارية في الدولة.
إيقاف الخسائر ذكر المدير التنفيذي لشركة شعاع للأوراق المالية، محمد علي ياسين، أن القيمة السوقية لكلتا السوقين انخفضت بمقدار 15.9 مليار درهم بعد أن انخفضت مؤشرات السوقين عن مستويات الدعم المهمة، موضحا أن انخفاض حجم التداول بنسبة 38.4% أثر سلبا في ثقة المستثمرين من الناحية النفسية من خلال المخاوف من استمرار تراجع الأسعار، حيث التزم المستثمرون جانبا كبيرا من الحذر لدخول السوق عند الأسعار المنخفضة الحالية، ما أدى إلى عدم توازن العرض مع الطلب في نهاية الأسبوع، وبالتالي تخلص بعض المستثمرين من جزء من أسهمهم بهدف وقف الخسائر التي يتعرضون لها لفترة امتدت أكثر من ثلاثة أسابيع» وأشار ياسين إلى إن ما يعزّز ذلك الاتجاه أن مقومات إعادة الدخول إلى السوق لاتزال بعيدة نوعا ما، في ظل جملة من الأسباب التي تؤثر سلبا في الأسواق في منطقة الخليج عامة، وفي أسواقنا المحلية خاصة، كما أن موجة البيع التي تظهر من وقت لآخر ناتجة عن تحوط المستثمرين على سيولة سريعة من أجل إعادة الدخول مرة أخرى في الفترة التي تسبق انتهاء الربع الثالث لنتائج الشركات، والتي تتصادف مع نهاية شـهر رمضان المـبارك».
|