تأهيل 1500 وسيط عقاري مواطن

عقاريون أكدوا أن الواقع الحالي للسوق العقاري في أبوظبي ينذر بانهيار وشيك إذا لم يُنظم على أسس أكثر صرامة.تصوير: سعيد دحلة

كشف أستاذ الاستثمار العقاري في معهد العقارات الأميركي في الولايات المتحدة، والخبير في أكاديمية الإمارات البروفيسور إبراهيم الحلاوي لـ«الإمارات اليوم» عن تخريج نحو 100 وسيط وخبير عقاري جديد، أغلبهم من المواطنين، بعد تأهيلهم علمياً بالأكاديمية.


وقال إن الشهور المتبقية من العام الجاري ستشهد تخريج نحو 1400 وسيط وخبير عقاري في أبوظبي، ليصل مجموعهم إلى 1500 في نهاية العام.

 

وتلي ذلك مرحلة جديدة لتأهيل أعداد مماثلة في مدينة العين، وبقية إمارات الدولة، بعد تفشي ظاهرة السماسرة المخالفين والجائلين، أو ما أصبح يعرف بالـ«050» أو «الكاوبوي» الذين أفسدوا السوق العقاري ونشروا العديد من الظواهر غير الصحية، وفق قوله، مضيفاً أن هؤلاء الخبراء الجدد تم تدريبهم تدريباً نموذجيا على كيفية التعامل مع البنوك والاستثمار والإدارة والتقييم وكل أساسيات العلم العقاري، ويعرفون القوانين ويحترمونها ويعرفون أخلاقيات المهنة، وليس فقط «الدلالة» التي يعمل بها الوسطاء الحاليون، وأكّد أن تخريج هذا العدد من الخبراء المؤهّلين سيعيد بعض الاتزان إلى السوق العقاري في المرحلة المقبلة، إذا ما اتخذت بعض الخطوات الأخرى المحددة لتنظيم هذا السوق الوهمي، باعتبار الوساطة العقارية حالياً إحدى ثغرات هذا السوق، إلى جانب ثغرات أخرى، حيث يعمل بالسوق أكثر من 3000 وسيط،  لا يتعدى المرخصون منهم 200 وسيط.


وكشف الحلاوي عن وجود مشروع آخر لأكاديمية الإمارات، إحدى مؤسسات غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، هو مشروع «تطوير» لتطوير قدرات المواطنين في العمل العقاري. وقال انه تم إعداد دراسة متكاملة قدمت إلى إدارة الموارد البشرية في وزارة الاقتصاد. مضيفاً أن هناك نقصاً كبيراً في الوسطاء العقاريين المحترمين الذين يفهمون قواعد السوق وأخلاقياته.


السماسرة الجائلون
وقال الحلاوي أن هناك مشروع قانون أمام رئيس دائرة التخطيط والاقتصاد حالياً، من المقرر أن يصدر في القريب العاجل، سيعالج كثيراً من سلبيات عمل السماسرة الجائلين ويحدد عقوبات قد تصل إلى السجن في حالة ممارسة المهنة من دون ترخيص، وستُفرض على الجهات الإعلانية، التي تقوم بتسهيل عمل الوسطاء المخالفين، عقوبات أخرى، وذلك بعد دراسة متكاملة، أعدتها الأكاديمية حول تنظيم عمل الوسطاء العقاريين داخل أبوظبي، توصي بأهمية إلزام الوسطاء الحاليين بالحصول على تراخيص لمزاولة المهنة حتى يتساووا مع الوسطاء المرخصين في الأعباء المالية التي يدفعونها، ولتلافي الخسائر التي تتكبدها وزارة الاقتصاد جراء ممارسة المهنة من دون ترخيص، وقال إن الدراسة تتناول العديد من الجوانب السلبية في السوق العقاري وكيفية حلها، من بينها عمل وسطاء دبي في سوق أبوظبي من دون ترخيص أو تسجيل بوزارة الاقتصاد، حيث يتسببون في الضرر لوسطاء أبوظبي المرخصين، من قبل الوزارة والغرفة، لأنهم ممنوعون من ممارسة عملهم في دبي، وبالتالي فهناك ضرورة لتقنين عمل وسطاء دبي في سوق أبوظبي أو المعاملة بالمثل.

 

العمولة 
وأشار إلى أن السمسار بدلاً من أن يعمل لصالح المســتأجر الذي يدفع له عمولته فإنه يعمل لصالح المالك، فإذا كان القانون يحدد له عمولة نسبتها 5%، فإنه قد يعمل على رفع الإيجار 10 آلاف درهم ليحصل على 500 درهم زيادة عن حقه، ومن ثم أوصت الدراسة بتحديد عمولة ثابتة للوسيــط، عن كل عين ذات مواصفات معينة وذات سعر يتراوح من 70 ألفاً إلى 100 ألف عمولة 5000 درهم، وبالتالي لن تكـون هــناك فرصة أمامه للتلاعب بالأسعار ورفع السعر للحصول على عمولة أكبر.

 

سوق وهمي 
من ناحية أخرى أكّد الدكتور إبراهيم البحراوي أن الواقع الحالي للسوق العقاري في أبوظبي ينذر بانهيار وشيك إذا لم تقم الدولة، بأسـرع ما يمكن، بتنظيمه على أسس أكثر صرامة، وقال إن كل المؤشرات تشير إلى أن السوق العقاري بأبوظبي حالياً، هو سوق وهمي، نتيجة الارتفاع غير المنطقي في أسعار الوحدات والإيجارات، خصوصاً التي تحت الإنشاء، نتيجة المضاربة في الأسعار، حيث اعتاد المطورون أخيراً على بيع الوحدات للمستثمر مع الالتزام أمامه بإعادة بيعها بعد ثلاثة أشهر بزيادة من 10 إلى 15%، مما يعني أن سعرها يزداد كل سنة نحو 40%، فإذا نظرنا إلى أن مدة تسليم الوحدات السكنية في الإمارات والشـرق الأوسط عموماً، من عامين إلى ثلاثة، لاعتمادها على المواد الثقيلة في البناء، خصوصاً الأبراج وناطحات السحاب، فهذا يعني أن سعر الوحدة سيتضاعف عند تسليمها وحينها ستطفو الأزمة ويضرب السوق، وقال إن هذا النظــام السعري تفوق على النظام الربوي في بعض الدول، ومنها الولايات المتحدة التي يحدد القانون نسبة الإقراض الربوي بها بـ25% كحد أقصى، وهو قانون المرابين.


هجرة الاستثمار
وقال إن هذه العملية سينتج عنها تأجير الشقـق بأسعار وهمية وسينسحب ذلك على أسعار مواد البناء، وعندما يـأتي المستثمرون من الخارج فإنهم سيهربون مرة أخرى لأنهم يدركون أن الأسعار المتداولة غير حقيقية، وأوضح أن البنوك المحلية جميعا رأسمالها العامل بالقطاع العقـاري 55 مليار درهم، بينما تتجاوز قيمة المشروعات 550 مليار درهم، وقد أعلنت البنــوك، منذ نحو أسبوعين، أنها غطت حدها الأقصــى في المجال العقاري وهــو 20% من قيمتها، أي أن البنوك بالفعل أسهمت بالـ 15 بليون درهم، مما يستوجب الاستعانة بالتمويل الخارجي، وهو ما سيــواجه بالرفض بالنظر إلى الأسعــار الوهمية التي يعاني منها السوق مما ينذر بانهياره، وقال «إننا أرسلنا برسالة إلى وزارة الاقتصــاد وإلى إحدى الشخصيات الكبيرة لسرعة تنظيم السوق في مدة من ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر كحد أقصى».


وأكّد البحراوي أن هـذه الأسعار الوهـمية ليس سببها فقط الوسطاء العقاريين، وإنما كل الأطراف مشاركون في المسؤولية، وعلى رأسهــا البنوك التي تعلم بوهمية هذه الأسعار ومع ذلك تقوم بتمويلها، والدليل على ذلك أنه لا يوجد بنك يموّل مشروعات عقاريـة بنسبة 100% لعـدم وجود ثقة، وإنما يمولون فقط من 50 إلى 60% من قيمة المشــروع، في حين يأخذ ضماناً قيمته 100% من قيمة العقار وليس على نسبة الـ60% فقــط لأن البنــوك تعرف أن السعـر غير طبيعي وأن قيمــته الحــقيقية هي نسبــة مشاركتها في التمويل. 


وأكّد أن تبرير زيادة الأسعار بقلة المعروض يتنافى مع المنطق، لأن سائق التاكسي عندما يرى ازدحاماً في محطة الانتظار لا يستطيع أن يرفع سعر التعريفة لأن هنـاك قانـوناً ينـظم السعـر بيـنه وبـين العمـيل وكـذلك ينطـبق الأمـر بالنسبة للسوق العقاري.  

الأكثر مشاركة