المستثمرون يقبلون على الأسهم الجديدة هرباً مــن «ملل التـداول»

كسر أسهم قيادية لنقاط دعهما أدى ألى حدوث عمليات بيع محمومة                     تصوير: دنيس مالاري 
     
قال خبيران ماليان إن تعطش الأسواق المالية لعنصر يكسر الروتين اليومي للتداول، الذي أصبح مملاً، أدى إلى أن تستقبل الأسهم المدرجة حديثاً بحفاوة بالغة بغض النظر عما إذا كانت تستحقها أم لا. وأضافا أنه في ظل نقص السيولة أصبحت الأسهم الجديدة «ضيفاً ثقيلاً» على الأسواق، وهو ما حدث مع سهم «مصرف عجمان»، إذ أدى التهافت غير المبرر لشرائه إلى موجة تسييل قام بها بعض المستثمرين والمضاربين لتوفير سيولة بهدف الدخول على السهم.

 

وأشارا إلى أن الأسواق المالية المحلية تأثرت سلباً ببدء التداول على السهم الجديد، فضلاً عن تأثرها بكسر أسهم قيادية نقاط دعم قوية مثل سهم «إعمار العقارية» ما أدى إلى حالة من البيع العشوائي، إضافة إلى نقص السيولة الكبير الذي تعاني منه الأسواق.

 


تهافت غير مبرر
فقد قال المستشار الاقتصادي في شركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور همّام الشمّاع: «إن وتيرة التراجع في أسواق الأسهم المحلية ارتفعت خلال الأسبوع المنقضي، واستمر التراجع للجلسة الرابعة على التوالي في سوق دبي والخامسة في سوق أبوظبي حتى يوم الخميس، وسط زيادة عمليات البيع من غالبية المتعاملين ليتكرر للأسبوع الثاني على التوالي تأثير الأسباب نفسها التي كانت وراء تراجع الأسبوع قبل الماضي».

 

وأضاف أن «سببين مختلفين إضافيين حدثا خلال الأسبوع وأسهما في التراجع، الأول: هو دخول سهم «مصرف عجمان» إلى التداول، ما أدى إلى تهافت غير مبرر على شرائه، وبالتالي موجة تسييل قام بها بعض المستثمرين والمضاربين لتوفير سيولة بهدف الدخول على هذا السهم. والثاني يعاكس الأول في الاتجاه ويتمثل في دخول الأجانب بمحصلة شراء بلغت 245.23 مليون درهم، خلافاً لما كانت عليه الحال في الأسبوعين الماضيين، ما يدلل على ثقة عالية من قبل المؤسسات المالية العالمية التي تعمل في الدولة بالأوضاع السياسية والاقتصادية».

 

وتابع: «وفي مقابل الدخول الجيد نسبياً للمستثمرين الأجانب، فقد حدث نوع من البيع العشوائي من جانب صغار المتعاملين، خصوصاً مع كسر أسهم قيادية نقاط دعم قوية مثل سهم «إعمار العقارية» الذي تراجع عن 11 درهما إلى 10.95 دراهم ووصل إلى 10.90 دراهم، وبالتالي انعــكس التراجع الذي شهده ســهم «إعمار» نفسياً على أداء الأسهــم المتداولة خلال الأسبوع، وخصوصـــاً في جلسة يوم الأربعاء التي بدأتها ســوق دبي علــى ارتفاع كبير نســبيا، ظل مستمراً لفترة طويلة طيلة الجلسة مع ارتــداد «إعمار» فـوق مستوى 11 درهماً، إلا أن المــؤشر عكس مساره للهبوط بضغط من تحول «إعمار» من الارتفاع إلى الهبوط دون  11 درهماً، مغلقاً على استقرار دون تغير عند 10.95 دراهم وبتداولات ضعيفة بقيمة 89.6 مليون درهم من إجمالي 937.6 مليون للسوق».

 

سيولة شحيحة
ولفت الشماع إلى أن «سهم «مصرف عجمان» الذي سعرته الأسواق بأعلى من استحقاقه قاد التراجع لهذا الأسبوع، لكن تأثيره في الأسواق لم يقتصر على تراجعه من خمسة دراهم عند أعلى سعر بلغه، إلى الحدود الدنيا ليومين متتاليين، وإنما امتد  إلى السيولة الشحيحة أصلاً، فقد أغرى ارتفاعه السريع في اليوم الأول لإدراجه، إلى قيام كثير من المستثمرين والمضاربين بتسييل أسهم قيادية وذات سيولة عالية، لغرض الدخول على سهم المصرف، وربما كان تراجع سهم «إعمار» في دبي وسهمي «الدار» و«صروح» في أبوظبي ناجماً عن ذلك، وتالياً قاد تراجع هذه الأسهم الأسواق إلى تراجع أكبر خلال الأيام الأربعة الأولى من الأسبوع».

 

 وأشار إلى أنه «في الوقت نفسه فإن الصعود السريع غير المتوقع لسهم «مصرف عجمان» أغرى العديد من المتداولين للدخول عليه بمراكز مكشوفة، ما دفع الأسواق إلى التراجع بشكل حاد، خصوصاً في يوم الثلاثاء وهو اليوم التقليدي لإغلاق المراكز المكشوفة».

 


اتجاه معاكس
وحدد الشماع مشكلة أسواق الأسهم المحلية في كونها «تعاني من نقص  السيولة وأنها تسير باتجاه معاكس لاقتصاد الدولة المتخم بالسيولة، بسب تعاظم الموارد النفطية، فلا أحد يدخل سيولة جديدة إلى الأسواق، بسبب تزايد فرص الاستثمار والمضاربة المباشر في الأسواق والقطاعات الواعدة في الدولة، إضافة إلى أن التضخم يخفض القوة الشرائية للنقد، ويدفع المستثمرين للبحث عن فرص استثمارية ذات عائد أعلى من العائد الذي توفره فرص الاستثمار في الأسواق المالية».

 

واستطرد: «إذا علمنا أن نسبة النمو المتحققة في الأسواق المالية للقيمة السوقية للأسهم، خلال الأشهر الستة الماضية، ومنذ بداية العام هي أقل من 1%، أدركنا حجم المشكلة الحالية للأسواق المالية التي أظهرت خلال النـــصف الأول من العام الجاري، عدم قدرة استيعابية لشركات جديدة تــدرج في السوق، وإلى ذلك، فإن الأســواق متعطشة إلى أي عنصر تجديد يكسر الروتين اليومي الذي أصبح مملاً بين صعود وتراجع طفيفين، لذا فهي تستقبل الأسهم المدرجة حديثاً بحفاوة بالغة، وتقيم لها حفلاً تكريمياً يأخذها إلى القمة بغض النظر عــما إذا كانت تستحقه أم لا».

 

وأكد أن «مثل هذا الاستقبال للأسهم الجديدة يكلف السوق والأسهم القديمة جزءاً من قيمتها السوقية، لكن هذا لا يعني التوقف عن إدراج أسهم جديدة في الأسواق، والحل يكمن في مراجعة شاملة للعوامل الاقتصادية والتنظيمية المؤثرة سلباً في أداء الأسواق، والتي قد يكون على رأسها تقييد معدلات النمو في القطاع العقاري، والتي يمكن أن تضرب عصفورين بحجر واحد، وهما التضخم والمضاربة في العقارات». واختتم الشماع: «لابد من الاستشهاد برؤية «صندوق النقد الدولي» الذي استبعد تحسن الأوضاع في الخليج، ما لم يعالج الشق العقاري، بأن يحدث نوع من التحرك إزاء أسعار العقارات وقيم الإيجارات.

 

فالتضخم سيظل عند مستويات قياسية، ومع بقائه عند تلك المستويات واستمرار ارتفاع الإيجارات، وبالتالي قيم العقارات، فإن عمليات التطوير العقاري المربحة ستتواصل، لتتواصل معها فرص الاستثمار والمضاربة العقارية التي تسحب السيولة من الأسواق المالية».

 

ضيف ثقيل
من جهتها، أفادت المحللة المالية، مها كنز أن «تداولات كل من «مصرف عجمان» وشركة «ميثاق للتأمين التكافلي» شكلت نسبة 39% من إجمالي قيمة تداولات سوقي دبي وأبوظبي خلال الأسبوع المنقضي، فقد بلغت قيمة تداولات كل منهما ما يفوق  ملياري درهم، ومثلت تعاملات شركة «ميثاق» نسبة 42.6% من قيمة تداولات سوق أبوظبي التي بلغت 4.73 مليارات درهم، وكذا مثلت قيمة تداولات «مصرف عجمان» نسبة 36% من قيمة تداولات سوق دبي المالي، التي بلغت 5.83 مليارات درهم».

 

وقالت «إن جلسة الأحد شهدت تداولات نشطة على سهم «مصرف عجمان» وصل فيها سعر السهم إلى خمسة أضعاف سعر الاكتتاب، وكانت الكمية المتداولة بالجلسة تقارب نسبة 50% من عدد الأسهم التي طرحت للاكتتاب، لكن ما لبثت أن ارتفعت وتيرة التراجعات على مدار الجلسات التالية في السوقين، وقاد هذه التراجعات «مصرف عجمان» الوافد الجديد إلى السوق، الذي اعتبره البعض «ضيفاً ثقيلاً» ألقى بظلال قاتمة على السوق، حيث استمر مسلسل التراجع بالقيمة القصوى للسهم على مدار الجلسات الثلاث التالية لأول يوم تداول له، وخسر المستثمرون الكثير، خصوصا الذين اشتروا في أول يوم تداول على السهم بعدما وجدوا قوة شرائية حافظت على السهم عند مستويات أربعة دراهم طوال جلسة التداول».

 

 وأضافت «بالمقابل لاحظنا استمرار النشاط على سهم «ميثاق»، الذي كان إدراجه في السوق يوم 11 مايو الماضي وما زال يسير في اتجاه صعودي حاد محافظا على مكاسبه رغم الانخفاضات الحادة التي جرت على العديد من الأسهم هذا الأسبوع».

 

نقاط شبه    
ترى المحللة المالية، مها كنز أن: «هناك نقاط تشابه بين سهمي «ميثاق للتأمين التكافلي» و«مصرف عجمان الإسلامي»، فهما كيانان جديدان أسسا حديثا، وكلاهما لم يبدأ التشغيل الفعلي بعد، وكلاهما طرح نسبة 55% من رأس المال للاكتتاب العام خلال العام الجاري، كما أنهما يتشابهان في أن كليهما لا توجد له أيه بيانات مالية فعلية، وإنما هي توقعات واردة في دراسة الجدوى المنشورة مع نشرة الاكتتاب، ومن ثم يصعب تحديد قيمة عادلة للسهم على أساس تحليل أساسي للشركة». 

 

وأسارت إلى أن «دراسة الجــدوى المنشــــورة مع نشرة الاكتتاب ودراسة القطاع الــذي ينتمي إليه الكيانان الجديدان وفرص النمو المتوقعة به تستخدم لإعطــــاء ملامح عامه لمستقبل الشركة، ومن ثم تقوم الأموال الذكية بالـــدخول في هذا النوع من الاستثمار إذا ما رأت فرصا جيده ، حيث إن هذا النوع من الاستثمار يعد عالي المخاطر مقارنة بالاستثمار في الشركات القائمة بالفعـل في  القطاع ذاته، يضاف إلى ذلك، أن كلا السهمين لا توجـــد له أيه بيانات تاريخيـة للتداول، حتى يستخدمها التحلـــيل الفني لإرشاد المستثمرين عند اتخاذ قرار الشراء، وبالتـــــالي يعتمد المضاربــون في ذلك الوقت على ملاحظة تحرك الســهم أثناء جلسة التـــداول وعلى خبرتهم الســـابقة عن تفاعل المستثمرين مع  الاكتتـابات الأولية في أول يوم تداول لها بالسوق المالي».

الأكثر مشاركة