«البذخ الاستهلاكي» يكلِّف الدولـة ملياري درهم
|
|
|
| غياب ثقافة ترشيد الاستهلاك لدى المستهلكين يسهم في رفع معدلات التضخم. الإمارات اليوم
قال خبراء إن الدولة تشهد سلوكيات استهلاكية تتسم بـ«البذخ والإسراف»، خصوصاً في التعاطي مع المعروض من سلع وبضائع غير أساسية، مشيرين إلى انعكاسات هذا التوجه سلباً على أسعار سلع وبضائع استهلاكية أساسية أخرى، خصوصاً الغذائية، المعرضة خلال فترات قصيرة لارتفاعات كبيرة في أسعارها»، لافتين إلى «وجود خلل في التشريعات المنظمة للدعاية والإعلان محلياً». في المقابل قلل خـبراء اقتصـاديون من آثار الاستهلاك الزائد لهذه السلع والمواد على مؤشرات التضخم، إذ إن تأثيرها محدود ومرتبط بانخفاض حصتها في سلة المستهلك، في مقابل عنصر مثل السكن الذي يشكل نحو 36% من الإنفاق الأسري، في ما لو طرأت عليه زيادة بسيطة ستنعكس بشكل لافت على مؤشرات التضخم».
وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن مركز دبي للإحصاء، ومركز المعلومات في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، أن حجم الواردات من السلع الاستهلاكية «غير الأساسية»، بلغ ملياري درهم، وهي عبارة عن أدوات تجميل من مزيلات وملمعات أظافر، ومستحضرات للعناية بالبشرة واليدين، ومثبتات طلاء الأسنان، ومزيلات للشعر، وعدسات ورموش صناعية، ومستحضرات تجميل حيوانية، وصبغات للشعر، وعطور، وغير ذلك.
وذكرت البيانات التي حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منها، أن تجاراً في إمارة دبي استوردوا، في العام الماضي، بضائع وسلعاً «غير أساسية» بقيمة1.7 مليار درهم، وهي عبارة عن مساحيق تجميل ومواد كيميائية لصبغ الشعر والوقاية من أشعة الشمس، والعناية باليدين، ومبيضات للأسنان، ومزيلات للشعر، وعدسات ورموش صناعية، وأوراق معطرة، ومستحضرات تجميل حيوانية، فيما استورد تجار في إمارة أبوظبي عطوراً ومواد تجميل ومستحضرات للعناية بالبشرة والشعر وتلميع الأظافر وكريمات الحلاقة بقيمة بلغت نحو 200 مليون درهم، خلال الفترة نفسها.
مساحيق وعطور واستوردت إمارة دبي، خلال العام الماضي، مستحضرات للعناية باليدين بقيمة 207 ملايين درهم، وأوراقاً معطرة بقيمة 77.4 مليون درهم، وعطوراً بقيمة 475.7 مليون درهم، ومستحضرات لتجميل البشرة بـ 57.7 مليون درهم، ومزيلات للشعر بقيمة 39.4 مليون درهم، وصبغات للشعر بـ 23.2 مليون درهم، ومساحيق للأطفال بقيمة 17.7 مليون درهم، وعدسات ورموشاً صناعية بقيمة 6.7 ملايين درهم، ومستحضرات تجميل حيوانية بقيمة 2.4 مليون درهم، ومستلزمات الوقاية من أشعة الشمس بقيمة 3.156 ملايين درهم، ومزيلات ملمعات الأظافر بقيمة 1 مليون درهم، ومبيضات للأسنان (غير شاملة معاجين الأسنان) بقيمة 550 ألفاً و203 دراهم، وأخيراً مثبتات طلاء الأسنان بقيمة 356.4 ألف درهم» وفقاً لبيانات صادرة عن مركز دبي للإحصاء.
وبلغت الواردات من العطور (البارفيوم والكولونيا) والأصناف الأخرى الشبيهة في إمارة أبوظبي خلال الفترة نفسها، نحو 60 مليون درهم، بينما استورد تجار مستحضرات تجميل الشفاه والعيون وطلاء الأظافر وطلاء الوجه والماكياج، بقيمة تبلغ 31 مليون درهم، وفقاً لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي.
وتشير الإحصاءات نفسها إلى أن «قيمة فاتورة الاستيراد لمستحضرات العناية بالشعر والتمليس والتجعيد وغيرها بلغت نحو 46 مليون درهم، بينما مستحضرات العناية بالفم بلغت قيمة الواردات منها 23.5 مليون درهم تقريباً، فيما بلغت قيمة مستحضرات وكريمات الحلاقة وما يستخدم قبل وأثناء وبعد الحلاقة ومستحضرات إزالة الشعر عموماً نحو 38 مليون درهم»، وفقاً للمصدر نفسه.
وتشير إحصاءات صادرة عن دائرة التخطيط والاقتصاد في أبوظبي، حصلت عليها «الإمارات اليوم»، إلى أن إجمالي قيمة المستوردات للسلع الاستهلاكية «غير الغذائية» لإمارة أبوظبي العام الماضي، بلغ 37.53 مليار درهم، فيما بلغت قيمة المستوردات من المواد الغذائية ما قيمته 4.37 مليارات درهم».
تضليل المستهلك إلى ذلك، اتهم رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحماية المستهلك، محمد موسى الجاسم، شركات للدعاية والإعلان بتضليل المستهلكين، «وذلك من خلال ما ينشر في الصحف ووسائل الإعلام الأخرى بصورة شبه يومية، للتأثير في ثقافة الاستهلاك، من خلال الإيهام بأن هذه السلع تحتوي على مميزات خارقة للعادة، مستندين إلى الوفرة المالية المتمثلة في ارتفاع الدخول، وقوة الاقتصاد الوطني»، مطالباً الجهات الرسمية بوضع ضوابط صارمة لمراقبة الإعلانات التجارية على السلع والبضائع الاستهلاكية بأنواعها. ولم تتمكن جمعية الإمارات لحماية المستهلك من ممارسة دور التوعية «بسبب شح الموارد المالية الكافية لتنفيذ وتنظيم برامج وندوات مباشرة مع المستهلكين»، وفقاً للجاسم.
لكن الخبير في قضايا حماية المستهلك، المهندس حسن الكثيري، أكد أن «المرأة هي المستهدفة من هذه السلع والبضائع بنسبة تصل إلى 80%، إذ يعتمد المروجون لهذه السلع على مخاطبة هذه الشريحة تحديداً»، مشيراً إلى أن «البذخ الاستهلاكي عموماً مرتبط بطريقة مباشرة بالدعاية والإعلان وغياب الضوابط عليها»، مطالباً بـ«تحديث قنوات التوعية الرسمية التي تدعو المستهلك إلى الترشيد في الاستهلاك، وحتى لا يتسنى للتجار المغالاة في أسعار سلع ومواد استهلاكية أساسية، مثل السلع الغذائية».
واعتبر أن الأرقام الإحصائية «تعبر عن حالة من الإسراف والتبذير ليست في مكانها الصحيح، والتي ستفرز عمّا قريب ارتفاعات أخرى في أسعار السلع الغذائية الأساسية».
ولفت إلى أن «المستهلك غير الواعي، يعتبر شريكاً رئيساً في رفع نسب التضخم، التي تعاني منها الدولة حالياً، والذي ترتفع مؤشراته عندما يمتلك المستهلكون سيولة مالية وفيرة، تنفق بطرق غير منظمة، من حيث فقدان للسيطرة على الموازنة بين العرض والطلب».
وبين أن «جهود التوعية القائمة حالياً من قبل جهات رسمية وغير رسمية، غير متكافئة مع مدى التطور الحاصل في عمليات الدعاية والإعلان، التي تلاحق المستهلكين في كل مكان، من التلفزيون والصحف والإذاعات، حتى الطرق والشوارع»، لافتاً إلى وجود «خلل في التشريعات المنظمة للدعاية والإعلان محلياً».
تأثير محدود
قلل أستاذ الاقتصاد الكلي في كلية الاقتصاد جامعة الشارقة، الدكتور أسامة سويدان، من آثار الاستهلاك الزائد للسلع والبضائع «غير الأساسية» على مؤشرات التضخم محلياً، قائلاً «إن تأثيرها محدود جداً، وهو مرتبط بانخفاض حصتها في سلة المستهلك، بحكم دخولها ضمن تصنيف الزينة والمستلزمات الشخصية، لكن آثارها بسيطة على رفع مؤشرات التضخم، إذا ما قورنت مثلاً بإيجارات السكن التي تلتهم ما لا يقل عن 36% من الإنفاق الشهري للأسر»، مشيراً إلى أن «وزن هذه البضائع والسلع ما زال ضئيلاً في الرقم القياسي لتكاليف المعيشة محلياً».
|