الحقن بالدهون.. «انقلاب» على جرّاحي التجميل


ولى زمن التجاعيد، وتحولت علامات التقدم في السن إلى حق يختاره أو يرفضه المرء، وفقاً لرغبته الشخصية، فقد توصل عدد من أطباء التجميل إلى اعتماد تقنيات بسيطة ومفيدة للتخلص من آثار الشيخوخة، وتحسين العيوب والمحافظة على جمال البشرة والجسم والشباب، بعيداً عن العمليات الجراحية وأدواتها الحادة، خصوصاً أن الجمال غالباً ما يعد بوابة مرور إلى الحياة السعيدة والمريحة. 

فقد تمكن البروفيسور الفرنسي بيير فورنييه من بلورة خبرة ومهارة سنين طويلة في عالم التجميل، من خلال استخراج الدهون من المكان الغني في الجسم وحقنها في المكان الفقير من الوجه، خصوصاً أنه يعتبر هذه التقنية «فعالة وغير مكلفة»، في حين ترى الطبيبة التجميلية غير الجراحية، وصاحبة عيادة «أستتيكا» ماريا خطار أن الطرق العلاجية المستحدثة مثل الحقن، والتي تحتوي على مقومات ومصادر مشابهة لتلك المكونة للجسم وخلاياه، «الحل الأمثل لشد البشرة وتجديد خلاياها»، لكنها ترى أن تقنية فورنييه تتطلب خبرة ومهارة «غير متوافرة في أطباء اليوم»، الذين «يحاولون خداع محبي الجمال والشباب».  

تجدّد البشرة والخلايا
وترى خطار أن العناية بالبشرة هي المهمة الأولى، لكنها ليست الوحيدة، وتقول «يتوجب علينا العناية بالدهون والعضلات والجمجمة ايضاً»، خصوصاً أنها تتغير مع التقدم في السن، إذ يمتصها الجسم ويفقدها حجمها ونضارتها، وتضيف «نحاول تجديد مادة الدهون في الوجه والجسم، لأنها المسؤولة عن الشكل والحجم». 

وعلى الرغم من اعترافها بفعالية ونجاح تقنية «الحقن بالدهون الطبيعية»، ترى خطار صعوبة وخطورة تطبيقها، لحاجتها الماسة إلى خبرة ومهارة يد متخصصة مثل البروفيسور فورنييه، وتقول «يعتمد أطباء قليلون هذه التقنية لأنها صعبة»، كما قد تؤدي إلى نتائج سلبية جداً في حال قام بها طبيب غير متخصص، وتضيف «عاينت حالات صعبة، حيث ظهرت بقع تشبه السلوليت على الوجه»، ما تطلب «الكثير من الجهد والعلاجات المكثفة لتذويب الدهن» والتخلص منه.
 
وبغية الحصول على النتائج نفسها، تستعمل خطار «الرادياس» أي وحدات الكالسيوم، التي تشجع تكوين الكولاجين في طبقات البشرة، شارحة «يتجدد الكولاجين عندما يتفاعل مع الكالسيوم والفوسفات المحقونين في البشرة»، بدءاً من الطبقة الخارجية ووصولاً إلى الداخل، خصوصاً أن هذه المادة متوافرة في البشرة والأسنان والعظام، غير أنها تؤكد أن «الرادياس» لا يصلح لتكبير الصدر.

ومنذ افتتاحها «أستتيكا» عام 2002، لم تجرِ خطار أي عملية جراحية، لأنها تؤمن أن الإبرة أو الحقنة تمكنتا من الانتصار على مشرط ومقص الجراح، وتقول «لم نعد بحاجة إلى تخدير وتعذيب المريض، ما دمنا وجدنا أدوات وتقنيات تغنينا عنها، وتعطينا نتائج أفضل»، وتشير إلى أن نتائج عمليات التجميل تجعل الوجه جافاً وبارداً، إذ لا تستطيع المرأة التصرف على طبيعتها، وتشرح «تختفي تعابير الوجه مع العمليات الجراحية وحقن المواد الاصطناعية»، فضلاً عن أنها تسبب حالات الوفاة في عمليات شفط الدهون من الجسم أو الغيبوبة الناتجة عن عمليات شد الوجه. 

وتستخدم خطار العلاجات المستحدثة لتجنب الشيخوخة وعكس آثارها، وتوضح «تحولت الشيخوخة من مرحلة حتمية إلى خيار يمكن تجاهله»، معتمدةً على حقن تعبئة التجاعيد والليزر لتجديد البشرة وتنقيتها، واستعادة نضارتها، مستخدمة مقومات ومصادر الجسم ذاته. ومن علاجاتها، اختبرت خطار علاجاً لمحاربة تجاعيد اليد، فقد قامت بحقن يدها بخلايا الدم المكثفة، بعد استخراجها من جسمها وتقويتها، وتقول «قام الدم المكثف بتنشيط وتجديد الخلايا الهرمة، لجعلها أكثر شباباً ونضارة»، في حين تركت اليد الأخرى على حالها، كي تكون دليلاً واضحاً على نجاح وصواب خطها التجميلي المتجدد.  

ونصحت خطار النساء بالاعتناء ببشرتهن وجمالهن، بالاعتماد على طرق بسيطة وطبيعية مثل تجديد البشرة، وتقول «وضع واقي شمس هو من أهم وسائل الوقاية من الشيخوخة والتجاعيد»، والابتعاد قدر المستطاع عن المواد الاصطناعية والعمليات التجميلية، واستشارة الشخص المناسب والخبير.    
    
فلسفة الجمال
أما البروفيسور الفرنسي وطبيب التجميل بيير فورنييه فيرى ان هناك طرقاً عدة للمحافظة على الجمال بعيداً عن «المشرط»، ويقول «الشباب والجمال هما من الهواجس التي تسبب القلق للإنسان»، حيث شبههما بجواز السفر نحو الحياة السعيدة والقبول من الآخرين، ويضيف «بحكم خبرتي الطويلة وعملي المباشر مع زبائني ومرضاي، هنالك نوعان من الناس فئة تريد تجميل نفسها، وتصحيح العيوب التي تزعجها، وفئة أخرى ترغب في المحافظة على جمال الشباب ونضارته».

وبغية تلبية رغباتهم، استحدث فورنييه، الذي يعد الأب الروحي والمؤسس لطب التجميل في العالم، حلاً سريعاً وفعالاً في الوقت نفسه، وتقوم هذه التقنية على «شد الوجه وصقله عن طريق حقنه بالدهون المستخرجة من جسم المريض نفسه، وتعبئتها في المكان المطلوب، لمدة تتجاوز العامين تقريباً»، من دون الحاجة إلى تخدير عام أو عناء البقاء في المستشفى لساعات أو أيام، شارحاً أن الكثير من مرضاه يزورونه في الصباح ليجروا العملية المطلوبة، ثم يذهبوا لمزاولة أعمالهم اليومية والطبيعية، وذلك بعد استراحة صغيرة لساعات قليلة، أو على جلسات متقاربة زمنياً.

وعن نوعية الدهون المستخرجة من الجسم، يشير فورنييه الى أن الدهون المستخرجة من القسم التحتي أفضل من تلك المستخرجة من البطن، ويقول «أستخدم دهون الأرداف وليس البطن، لتعبئتها في الوجه»، لأن الأولى ذات نوعية وجودة أفضل، وأكثر تماسكاً، شارحاً أن الدهون تغسل وتنظف بعد استخراجها، من الشوائب والدم. ومن فوائدها، يوضح فورنييه أن الدهون تستعمل كمراهم صحية وحيوية للبشرة، ويقول «نضع الدهون في أنابيب زجاجية، ونحفظها في الثلاجة عند حرارة منخفضة جداً»، كي تبقى صالحة للاستعمال، ويضيف «أنصح النساء بدهن وجوههن وأيديهن بدهونهن ثلاث مرات أسبوعياً في الليل»، لأنهن سيحصلن على بشرة نضرة وحيوية خلال ثلاثة أشهر، خصوصاً أن الدهون تحتوي على هرمونات حية وغنية بفيتامينات طبيعية.
 
«إجراءات بسيطة، كلفة مالية غير باهظة، عملية صحية وحيوية»، هي الأسباب الرئيسة التي تدفع فورنييه لاعتماد تقنية «الدهون الطبيعية» عوضاً عن الاصطناعية، محاولاً جعل «الجراحة التجميلية عملاً شائعاً ومتداولاً بين الناس»، ويقول «لا يملك كل الناس القدرة المادية نفسها كي يقوموا بالعمليات التجميلية»، خصوصاً أنهم مضطرون لدفع ثمن تلك العمليات، ويقول «نأخذ الدهن من المكان الغني في الجسم، ونضعه في المكان الفقير»، وبالتالي لا تكلف العملية الكثير من المال.

في المقابل، يفرض على المرضى الذين خضعوا لعمليات فورنييه الجمالية كشفط الدهون اتباع نصائح عدة، بغية الحصول على مبتغاهم، مثل تناول أدوية للالتهاب والالتزام بنظام غذائي صحي وسليم، وعدم الخضوع لأي تدليك خلال فترة النقاهة الأولى. 

ومن العمليات الأكثر شيوعاً في العالم، يشير الطبيب فورنييه إلى أن عملية تصحيح الأنف تعد الأولى، ويقول «على الرغم من أن الشعر والتسريحة هما محط النظرات الأولى، والعامل الأكثر لفتاً للانتباه، غير أن الأنف يعطي الانطباع بالراحة أو الانزعاج»، ويحدد أن 80% من الناس الذين يخضعون لعمليات التجميل يحاولون تجميل أنوفهم وتحسينها، مؤكداً أن النتائج تكون مرضية بنسبة معقولة، ولكن ليس 100%، ويشرح أن النتيجة قد لا تكون الأفضل، إلا أنها الأنسب، والتي تؤمن الشعور بالثقة والسعادة والرضى، ويقول «يعتبر بعضهم أن الأنف هو الواجهة الأمامية للوجه».

وفي السياق نفسه، يوضح فورنييه أن المرضى كانوا يزورونه كي يصححوا عيب «الأنف»، فيما يمسكون بصور لمشاهير أو نجوم معروفين، ويطلبون الحصول على الشكل نفسه، غير أنه يحاول إقناعهم بأن النتيجة تختلف من شخص إلى آخر، فتقسيمات الوجه وتفصيلاته ليست متشابهة عند الجميع، ويقول «أحاول دوماً إرضاء المريض، ولكن ليس على حساب الجمال الطبيعي والمقبول للنظر»، خصوصاً أن المثالية غير موجودة فعلياً، فضلاً عن أن «النسخ» يؤدي إلى النفور والاشمئزاز، ويشدد «أعمالي ليست كلها مثالية، بل تميل نحو المثالية». 

وبعد الأنف، تبرز عمليات شد الوجه والتجاعيد والهالات السوداء حول العينين وترهل الرقبة واليدين والأرجل، ويقول فورنييه «تترك الجراحة التقليدية ندوباً وآثاراً تستلزم وقتاً كي تندمل أو تشفى»، لكن التقنية الحديثة والتي سماها بـ«عمليات السعادة»، لا تسبب أي أضرار سلبية تذكر، على الرغم من اختلاف الطرق المستعملة في التنفيذ، موضحاً أن مهمة إخفاء التجاعيد حول العينين ورفع الحاجبين تختلف عن الرقبة أو البطن التي تتطلب قطع وإزالة الجلد الزائد، كما يلعب سن المريض دوراً مهماً في العملية، إذ إن وجه المرأة في الأربعين لا يحتاج إلى الإجراءات المستخدمة على وجه امرأة تعدت السبعين من عمرها، لكنه يؤكد أن ليس هناك عمر محدد لإجراء «عملية سحب الدهون من مكان إلى آخر، وحقنه في الجسم من جديد»، إذ يمكن إخضاع المراهقين لعملية تغيير شكل الأنف في سن الخامسة عشرة.

وبالانتقال إلى الجسم، أجرى طبيب التجميل الفرنسي، الذي زار دبي في أوائل شهر يونيو الجاري بدعوة من الطبيبة التجميلية ماريا خطار، الكثير من عمليات تغيير حجم الصدر وتحسين شكله مثل التصغير أو التكبير، مشيراً إلى أن نحو مليون امرأة تقوم بتكبير صدرها في الولايات المتحدة الأميركية، ويقول «لا يجوز استعمال السيليكون لتكبير الصدر، غير أن المواد المستخدمة في الزرع يتوجب أن تكون اصطناعية، لا طبيعية»، ويعلل السبب قائلاً «لا تصلح الدهون في منطقة الصدر لأنها لن تعطي الشكل المطلوب والنتيجة الفعالة، كما أنه لن يدوم وقتاً طويلاً، خصوصاً للمرأة التي ترضع أطفالها».
ومن العمليات المطلوبة عند الرجال، يوضح فورنييه أن الذكور أمسوا من رواد عيادات التجميل، غير أن طلباتهم تبدو أكثر واقعية من متطلبات المرأة، ويقول «يعتبر الصلع من المشكلات الخطرة التي يواجهها الرجل، خصوصاً عندما يبدأ بالتقدم في السن»، وعادة ما يعمد إلى زرع خصلات الشعر، المأخوذة من جوانب الرأس، في المكان المناسب، مضيفاً أن التبدل في المظهر يعيد الثقة للنفس، والقدرة على الاختلاط في المجتمع. ومن التقنيات الحديثة، يوفر فورنييه للمرضى المصابين بالصلع عملية جديدة في الرأس لتغطية الفراغ بالشعر، ويشرح «أشق الطبقة السطحية لجلدة الرأس، وأزرع حشوة اصطناعية تحتوي على بصيلات شعر طبيعية، تتمدد بعد مرور أيام قليلة»، ليستعيد الأصلع شعره القديم، وكأنه لم يفقده، خلال عملية صغيرة وفترة نقاهة بسيطة. 

العمر والتجميل
وتفرض كل مرحلة عمرية تغييراً معيناً في الشكل والمظهر، حيث تكتفي كثيرات بتغيير قصة الشعر أو طريقة اللباس والماكياج، في حين تفضل أخريات تسليم أنفسهن لطبيب جراح ليجعلهن جميلات وشابات دوماً، وعلى الرغم من قدرته على تجديد الجمال والمحافظة على الشباب، يقول فورنييه «أستطيع إرجاء الساعة، وليس إيقافها أو تعطيلها».

خلال فترة الشباب، يعمد فورنييه إلى زيادة الحجم والتكبير، فيما يضطر إلى شد الجلد، بعد استخراج كميات الدهون الزائدة، ويفسر «يعمل الجسم الشاب عكس جاذبية الأرض، فنعمل على شد البشرة نحو الأسفل»، والعكس صحيح في الشيخوخة، إذ يعمدون لشد الوجه من الأسفل إلى الأعلى، خصوصاً عند عضلات التعبير، التي تتأثر سلباً أو إيجاباً، وفقاً لسن المريض وحياته. وبغية الحصول على النتيجة المطلوبة، يدرس فورنييه، الذي تخطى السبعين من عمره، تفاصيل الوجه، خلال جلسته مع المريض، محاولاً اكتشاف شخصيته وطلبه، ويوضح «أنفذ ما أراه مناسباً ولائقاً للشخص»، ويحاول إقناعه بوجهة نظره، وبحكم خبرته وممارسته الطويلة في مجال التجميل، وإسعاد الناس، خصوصاً أن هنالك فئة ضائعة لا تعرف ماذا تريد «المحافظة على الشباب والنضارة أو تحسين العيوب».

في المقابل، يرى فورنييه أن نفسية الإنسان وتركيبته السيكولوجية تؤثران في رغباته الجمالية، ويقول «يحاول الناس ركوب موجة عمليات التجميل، في حين لا يحتاجون إليها في الحقيقة»، خصوصاً أن قسماً كبيراً منهم يفضل الاهتمام بالجمال والشباب أكثر من أي شيء آخر، ويضيف «تفضل النساء الشعور بالجوع، لطالما تمكن من المحافظة على نضارة بشرتهن وجمالها».
 
بالإضافة إلى ذلك، يشير فورنييه إلى أن بشرة الوجه تتأذى أكثر من الجسم، لأنها معرضة لأشعة الشمس والعوامل الطبيعية، في حين يبقى الجسم في الظل، محتمياً بالثياب، لذلك يتوجب العناية بالوجه وحمايته، وتعزيز وجود الكولاجين في خلايا البشرة.  
 
  الدهون الطبيعية هي الأفضل   
 استعمل أطباء وخبراء التجميل في الماضي مواد صناعية في عمليات الشد والتكبير كالسيليكون، غير أن تطور العلم واكتشاف مضار هذه المواد، مكّن الطب من الاستعاضة عنها بمواد أقل ضرراً، وبالتالي أكثر أماناً للإنسان مثل البوتوكس، والتي يراها فورنييه ممتازة ومفيدة، لكنه يقول «يتفاعل الدهن المأخوذ من الجسم بشكل طبيعي في المكان المحقون، ويتآلف مع الخلايا الأصلية»، ما يؤمن نتيجة تفوق التوقع وتدوم لوقت أطول، ويصفها «بالحية والنابضة بالحياة»، خصوصاً أن كثيرين يخافون من استعمال السيليكون. 
 

الأكثر مشاركة