صالونات بغداد.. تستعيد الجمال


يحاول مصفّفو الشعر وخبراء التزيين في بغداد تلبية مطالب النساء اللواتي يسعين وراء احدث صيحات الموضة والتسريحات مع تحسن الاوضاع الامنية نوعاً ما رغم بقاء التهديدات ماثلة في ذاكرتهم، فالخوف من التعرض للقتل أجبر في السابق العديد من الحلاقين على التخلي عن عملهم بسبب تهديدات القوى المتشددة، لكن أصحاب هذه المهنة تحدوا الكثير من الظروف الصعبة وراهنوا على العمل والانتصار «للجمال» كما يقولون رغم بؤس الأوضاع في ظل الاحتلال.

 

وتقول هبة أحمد (26 عاماً)، وهي حلاقة كانت تستقبل بين 50 إلى 60 امرأة يومياً غالبيتهن من الطبقة المترفة إنها تلقت تهديدات من مجموعة مسلحة تعتبر عملها «حراماً»، ودفع تحسن الظروف الامنية في بغداد الى اعادة فتح صالونها في منطقة اخرى اكثر أمناً لكن مستوى العمل بقي في تراجع مستمر.

 

وتضيف «تعرضنا للتهديد من مجموعة مسلحة فأغلقت الصالون في مارس .2006 لكن مطلع العام الجاري قررت بصحبة العاملين معي افتتاح مركز تجميلي صغير في منطقة المنصور  الراقية»، وتؤكد هبة ان الظروف الامنية «تحسنت لكن لا يوجد عمل، استقبل أربع نساء في اليوم فقط. فالكهرباء مقطوعة ونضطر لاستخدام المولدات الخاصة التي تصاب بأعطال في كثير من الاحيان كما ان سعر الوقود مرتفع جداً».

 

أما وجدان (30 عاماً) فتقول إنها أغلقت صالون الحلاقة الخاص بها في منطقة الاعظمية، بعد اشتباكات مسلحة حدثت أمام محلها صيف عام  2006 «ما أرغمني على المبيت في الصالون ليالٍ عدة بسبب ذلك، ثم قررت الانتقال الى منطقة اخرى»، وتضيف « فتحت صالون حلاقة في منطقة اخرى لأن الوضع الامني هناك أفضل بكثير».

 

يذكر أن الكثير من القوى المتشددة منعت الحلاقين من استخدام آلات كهربائية، كما تعرض العديد منهم الى القتل في الأماكن العامة بسبب مخالفتهم تعاليم تم وضعها من قبلهم بدوره، يقول خضر إلياس «53 عاماً» وهو مصفف شعر نسائي ورجالي إن عمله «محدد لأن غالبية النساء يرفضن خلع الحجاب أمام رجل غريب»، معبراً عن اعتقاده بأن «10% منهن يرغبن في تصفيف شعرهن عند رجل»، ويشير الى ان النظام السابق منع الرجال من العمل في مجال تزيين النساء.

 

وابّان النظام السابق، لجأ خضر الى نساء ليعملن بدلاً منه لكنه كان يحضر الى الصالون بشكل سري من حين لآخر استجابة لرغبة إحدى الزبونات، وكان رجال الأمن يحضرون الى مكان عمله بحثاً عنه ما يضطره الى الهرب من الباب الخلفي. ويوضح خضر أن «معظم صالونات التزيين تعرضت لتهديدات حتى ان بعضهم فقدوا عاملين معهم، لكنني اخترت الانزواء تجنباً للفت انتباه المتطرفين»، ويعبر عن أمله في تحقيق السلام «لأنني أطمح الى ان أبرهن للعالم قدرتي على تقديم إبداعات فريدة من نوعها، تفوق ما نشاهده على شاشات التلفزيون».

 

من جهتها، تؤكد أم حنين (45 عاماً) انها كانت تعمل لغاية وقت متأخر نوعاً ما قبل الاحتلال الاميركي عام .2003 لكن بسبب الظروف الامنية المتدهورة اضطرت الى تقليص ساعات العمل ما يؤثر في مداخيل الصالون، وتقول «تعرض الصالون عام 2005 الى السرقة ما أرغمني على إعادة تأثيثه من جديد.

 

وعام 2006 انفجرت سيارة مفخخة أمامه وقتل العديد من الرجال والنساء ورجال الشرطة واصيب العشرات بجروح كما تعرض جزء كبير من الصالون للتدمير» وتضيف «تعرضت لتهديد مباشر مرات عدة عام 2007 وقررت حينها التخلي عن عملي لكن تبين أن مستوى العنف فى جميع أنحاء العراق يشهد انخفاضاً فعاودت العمل مجدداً اعتباراً من فبراير الماضي فالأوضاع باتت الآن أفضل.

الأكثر مشاركة