ارتفاع الوقود يهدد شركات طيران بالإفلاس
|
|
|
|
تواجه صناعة الطيران أزمة حادة هذه الأيام بسبب الارتفاع غير المسبوق لأسعار النفط في الأسواق العالمية. وأكدت شركات كبرى أن الوضع الراهن سيؤدي إلى نتائج وخيمة إذا ما ستمر على ما هو عليه، وقد ينتهي بالإفلاس. وقالت الشركة الفرنسية للطيران «اير فرانس» إن سنة 2008 ستكون «مليئة بالتحديات»، في ظل التقلبات التي تشهدها الأسواق العالمية والارتفاع المتواصل لأسعار الوقود.
وقال مسؤولون في «اير فرانس»، المشغل الأول في أوروبا، «إن الوضع في غاية الصعوبة، بعد إعلان الشركة عن خسائر الربع الأول من السنة التي قدرت بـ542 مليون يورو». وكانت الشركة قد حققت أرباحاً بقيمة 44 مليون يورو في الفترة نفسها من العام الماضي. ورغم الغموض الذي يشوب مستقبل «اير فرانس»، إلا أن المحلل في «بيتركام»، ثيجيس بيركيلد، يرى أن وضع الشركة أفضل بكثير من منافساتها الأوروبية، «يمكن للشركة أن تستمر في جني الأرباح في الوقت الذي تعاني فيه الشركات الأخرى الخسائر» وتتميز الشركة الفرنسية بامتلاكها لأسطول من الطائرات الحديثة والاقتصادية، إضافة إلى اندماجها مع «كي إل إم» الهولندية، التي يعطيها هامشاً أكبر للمناورة. وهو الأمر الذي تفتقده الشركات الأخرى. من جهة أخرى، قامت الشركة الأسترالية للطيران «كوانتوس» برفع سعر التذاكر للمرة الثانية في غضون شهر، بينما أعلنت الخطوط اليابانية، أكبر مشغل في آسيا، أنها «تعتزم إضافة رسوم إضافية إلى التذاكر لتغطية الزيادات الجديدة في تكلفة الوقود». وجاء ذلك بعد إعلان «أميركن أيرلاينز» عن خطة لتقليص عدد الرحلات. وفي الوقت الذي وصل فيه سعر النفط إلى 135 دولاراً للبرميل، تقول الخطوط البريطانية إنه كلما ارتفع سعر الوقود بدولار واحد، خسرت الشركة 18 مليون جنيه إسترليني من أرباحها الصافية. حلول وخيارات ورغم المخاطر المحدقة لا تزال شركات الطيران، حسب المحلل في بنك ألمانيا كريس ريد، تتردد في اتخاذ التدابير الضرورية لتفادي الخسائر والإفلاس، ويبدو أنها تفضل الاعتماد على «استراتيجية آخر طائرة على المدرج»، إشارة إلى الإصرار على الخسائر حتى النهاية.
ويعود هذا الإصرار حسب ريد إلى أمل الشركات المتنافسة في أن تبدأ أسعار النفط في التراجع لتعود إلى ما كانت عليه قبل سنوات.
إلا أن خبراء الطاقة يؤكدون أن هذا الانخفاض لن يتم في المستقبل القريب، حيث يرى المحللون في بنك «تريستون كابيتال»، المتخصص في استثمارات الطاقة، أن أسعار النفط ستحافظ على أسعارها متخطية سقف 100 دولار للبرميل، خلال السنتين المقبلتين على الأقل. وقال ريد، في تقرير خاص، إن بعض شركات الطيران لديها «الاستراتيجية نفسها لمواجهة ارتفاع تكاليف الوقود ومخاطر تراجع الطلب.. إنها تنتظر انخفاض الأسعار أو إفلاس المستهلكين!».
ويرى المحلل أن أمام هذه الشركات خيارين: إما مراجعة خططها من خلال تقليص حجم النمو وخفض التكاليف، أو زيادة كبيرة في الرسوم، مما سيزيد العبء على المستهلك. ويؤيد الخبير في مجال الطيران بشركة «بلو أور سيكيوريتيز»، دوغلاس ماكنيل، هذا الرأي، حيث يرى أنه هناك بعض الخيارات التي يمكن للشركات أن تتبناها، مثل الخطوة التي أقدمت عليها «أميركن أيرلاينز» التي أعلنت أنها ستقلص عدد الرحلات غير المربحة.
وهو الإجراء الذي ستلجأ إليه الخطوط البريطانية، في أغلب الأحوال. في الوقت الذي قررت شركة «إيزي جيت» إحالة طائراتها غير الاقتصادية (في استهلاك الوقود) على التقاعد. وتتسابق شركات الطيران لرفع أسعار التذاكر، بحجة ارتفاع الكلفة، وتعمد إلى رفع رسوم كثيرة مثل الرسوم على الأمتعة الزائدة، وصالات الانتظار وغيرها، وحقيقة الأمر أن تلك الشركات تصارع لمواكبة أسعار الوقود، إذ يعد الكلفة الأكبر لشركات الطيران. ويعتقد ماكنيل أن هذا الإجراء قد يكون مفيداً إلى حد ما، لكن ذلك لن يكون حلاً عملياً لأزمة ارتفاع أسعار النفط. كما أن «احتفاظ بعض الشركات بأسعار التذاكر الحالي، لن يدوم طويلاً، في الوقت الذي بدأت المشغلات الكبيرة بزيادة الأسعار»، حسب الخبير. ودعا خبراء صناعة الطيران إلى إعادة النظر في سياسة الشركات لتتمكن من استيعاب الموقف، ولتتأقلم مع أسعار النفط الجديدة التي يبدو أنها ستبقى مرتفعة. وفي ظل الارتفاع الكبير لأسعار النفط والغذاء يبدو أن العالم مقبل على عشرية صعبة، يمكن أن تحمل الكثير من المفاجآت. ومن أهم نتائج ارتفاع تكلفة الخدمات الجوية، تراجع السياحة وعزوف المستهلكين عن السفر بالطائرة وقد يلجأوا إلى وسائل أرخص. وهو الأمر الذي ربما سيجلب البهجة للناشطين في مجال حماية البيئة ومكافحة التلوث. رفع الأسعار
قالت أكبر ثلاث شركات طيران في الولايات المتحدة إنها رفعت أسعار التذاكر مرة أخرى، بنحو 20 دولاراً، لمواكبة كلفة الوقود المتصاعدة. والزيادة الجديدة، التي أقرتها كل من «أميركان أيرلاينز» و«ونايتد أيرلاينز» و«دلتا أيرلاينز»، ستكون على رسوم الوقود، والتي تبلغ الآن 130 دولاراً لكل رحلة ذهاب وإياب، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الرسوم والضرائب لأكثر من كلفة السفر نفسه.
وبدأت «دلتا أيرلاينز» بهذه الزيادة، والتي سيتم تطبيقها على معظم الرحلات داخل الولايات المتحدة، وهذه هي الزيادة الثانية خلال أسبوع، والتي تبعتها فيها معظم الشركات المنافسة. وقالت الناطقة باسم الشركة، بيتس تالتون، إن «الزيادة جاءت نتيجة أوضاع السوق الحالية، وأسعار التذاكر تعكس الكلفة المرتفعة. وارتفع سعر وقود الطائرات بشكل متسارع، تبعاً لارتفاع أسعار النفط الخام، ووصل سعر غالون الوقود في بورصة نيويورك نحو 57.3 دولاراً، وهو أعلى بنحو 78% من سعره في الفترة نفسها من العام الماضي. ويتوقع محللون أن تسجل كثير من شركات الطيران خسائر هذا العام، بعد أن كانت تحاول الإبقاء على الطلب رغم الكلفة المرتفعة، دون اللجوء إلى رفع الأسعار. ويقول مدير مجموعة العاملين في قطاع النقل الجوي، غيوفاني بيسيغناني، «سأقول لرؤساء شركات الطيران إن عليكم ربط الأحزمة والاستعداد لرحلة مليئة بالمطبات هذا العام.
ارتفاع بنسبة 450%
شهدت أسعار وقود الطائرات ارتفاعاً كبيراً منذ 2003، بنسبة 450%، وذلك بالتزامن مع رفع شركات الطيران لأسعار التذاكر، الأمر الذي يهدد عمل وكالات السياحة التي تعتمد على العروض الموسمية لجذب أكبر عدد من السياح.
ويقول المحللون الاقتصاديون في جامعة أكسفورد إن ذلك سيؤثر سلباً في الخدمات التي تعود عليها المستهلكون، مثل الفنادق والنقل في المدن السياحية.
عن «ذي اندبندنت» و«الغارديان»
|