حنان أبو هدروس: احترفت التمريض بعد تغيّر نظرة المجتمع
|
|
|
|
«عندما زرت مدينتي غزة في فلسطين قبل سنوات، اكتشفت أن نظرة المجتمع تغيرت لمهنة الممرضة، وأصبح الناس يلقبون التي تمتهن تلك المهنة بـ«البطلة»؛ لأنها تبذل كل ما في وسعها لإنقاذ حياة المصابين، كان عمري وقتها 17 سنة، لهذا قررت الالتحاق بمعهد التمريض في أبوظبي، بعد أن حصلت على الثانوية العامة، لأدرس المهنة التي أحببتها أكاديمياً».
بهذه الكلمات بدأت الممرضة حنان أبو هدروس كلامها لـ«الإمارات اليوم»، مؤكدة أن «نظرة الناس إلى الممرضة تغيّرت، بعد أن كانت أسيرة نظرتين: إما ملاك الرحمة، أو المرأة البعيدة عن تقاليد المجتمع، لكن الآن تغيّرت المسألة، وأصبحت المرأة عاملاً منتجاً في أماكن مختلفة».
وعن اختيارها لتخصصها، تحدد السبب قائلة «أصبحت دراسة التمريض موازية تماماً للدراسة الجامعية، لذا فقد درست ثلاث سنوات، وتدربت سنة كاملة، لأعمل بعد ذلك في مستشفى خليفة في أبوظبي، وبمجرد أن ارتديت الثياب البيض شعرت بنظافة الروح وشفافيتها».
صعوبات وأضافت أن «لكل مهنة صعوباتها، وصعوبات مهنة التمريض، كانت في البداية في الدوام الطويل، حيث نعمل 12 ساعة، تتوزع بين مناوبة الليل مرة، ومناوبة النهار مرة أخرى، فالتعوّد على هذا الموضوع ليس سهلاً، نعمل أربعة أيام أسبوعياً، يقابلها ثلاثة أيام إجازة».
وتابعت أن «الصعوبات الأخرى، تكمن في التعامل مع المرضى بجنسياتهم المختلفة، وما يحملونه من خلفيات دينية واجتماعية وسلوكية، إلى جانب مزاجياتهم، وسلوكياتهم، وآلامهم وحالاتهم الصحية المختلفة، كل هذا يحتاج إلى معرفة بنفسية المريض، وكيفية التعامل معه بحساسية عالية من أجل أن يشعر بالطمأنينة والأمان»، لافتة إلى أن «مفتاح العلاج الأول، يقع على عاتق الممرضة، التي يجب أن تتابع إعطاء المريض الدواء في الأوقات المحددة، وقد أصبح رأي الممرضة لا يقل أهمية عن رأي الطبيب، لأن الممرضة في تماسٍّ مباشر مع المرضى، لهذا فإن الطاقم الطبي يشكل رأياً متكاملاً حول خطة علاج المريض، ومهام كثيرة تقوم بها الممرضة».
طرائف وحكايات وعن طرائف حدثت معها، تقول إن «أكثر ما يواجهنا خجل وعفة النساء المسنات اللواتي يستغربن أن نحممهن، أو نضع لهن القسطرة، لهذا نحتاج إلى وقت كي نقنعهن بأن العلاج يحتاج إلى ذلك».
غناء وزادت أنه «مرة جاءنا صبي مريض، عمره 14 سنة، كان يهذي بكلمات غير مفهومة جراء ارتفاع حرارته، ويطلب أن يستحم، حاولنا بكل الطرق خفض حرارته، لكنه كان يصرّ على الاستحمام، فغنيت له أغنية انجليزية رددت فيها اسمه، فخف صراخه، وحين خرج من المستشفى شكرني هو وأسرته».
تطور وخبرة وعن تطورها في عالم التمريض، تروي رحلتها قائلة «بعد سنتين من العمل حققت فيهما الكثير من النجاح، نتيجة ما نخضع له من تطوير وتدريب مستمرين، من قِبل إدارة المستشفى، فالمحاضرات والدورات تضيف إلى خبرتنا أحدث التطورات في عالم المهنة، إضافة إلى محبة المرضى لنا، فكم أكون سعيدة حين يرسل لي أحد الأطفال رسالة شكر، أو يدعو لي رجل مسنّ، الدعاء أحياناً يوصلني لدرجة البكاء، فتزداد محبتي لمهنتي، واندفع للمشاركة في معظم الأعمال التطوعية».
العمل ضرورة وترى حنان أن «العمل ضرورة، تفرضها الحاجة الاقتصادية، وصعوبات الحياة فرضت على المرأة العمل لمساعدة الرجل، كي يمضي مركب الأسرة بسلام، فأنا لست متزوجة، ورغم ذلك أشارك أهلي في مسؤوليات الحياة، سواء المادية أو المعنوية، وأقوم بمساعدة أخي الأصغر على دروسه، فأشعر بوجودي، لأن العمل يحقق لي الكرامة، والإحساس بالنفس، وكم أتمنى أن أكمل بكالوريوس التمريض في جامعة الشارقة».
إجازتي وتتحدث عن أيام الإجازة موضحة أن «الأيام تتوزع بين متعة التسوّق، ومتعة لقاء الصديقات، ومتعة تعلم العزف على آلة العود في «بيت العود»، الذي انتسبت إليه أخيراً لأخفف من ضغوط العمل، إلى جانب ممارسة الرياضة والسباحة، وأجمل شيء بالنسبة إلي هو الغناء، لذا فإن أهلي يشعرون بالسعادة، بل يشعرون بأنني أعطي البيت حياة أخرى ومختلفة»، لافتة إلى أن «غيابي عن البيت يجعلهم يشعرون بالفراغ والملل، لهذا يقولون لي إنني حين أدخل إلى البيت فإنني أقلبه، واكسر الصمت بغنائي للأغاني الشعبية الفلسطينية، وأغاني مارسيل خليفة وسميح شقير، إلى جانب عشقي لغناء فيروز؛ لذا أجعل الكمبيوتر يصدح بصوتها».
يومي وعن كيفية قضاء يوم في حياتها، تقول «الصباح يبدأ بهذا الشغب الجميل، أضيف إليه طقس فنجان الشاي، حيث أحتسي الشاي مع أمي وأبي وأختي، لتدب الحياة فينا، نتذكر أخوتي الذين يدرسون بعيداً، لذا نتصل بهم ليشاركوننا طقوسنا اليومية».
«مناقيش الزعتر» وأضافت أنه «في حال تصادف يوم عطلتي مع العطلة الأسبوعية، فإننا نستعد كعادتنا لتناول الفطور في حدائق كورنيش أبوظبي، لذا فإننا نأخذ معنا المناقيش بالزيت والزعتر والجبنة، إلى جانب الشاي والمسجلة وأشرطة الغناء التي نحبها، نتمشى أو نسبح، فتمضي الساعات مع العائلة كلمح البصر».
وزادت «أحياناً يكون غداؤنا على الكورنيش، حيث المشاوي والتبولة، ونحضر الفحم، ونوزع المهام بيني وبين أختي وأمي وأخي الصغير وأبي، ونتلذذ برائحة الشواء مع الهواء البحري، فنقضي الإجازة لنزيح ضغوط العمل ونجدد أرواحنا، ودائماً يقولون لي«خلي صوتك يلعلع»، ويقصدون الغناء، لذا أرافق أخي الصغير إلى مركز ابوظبي مول، ونغني في محل «كاريوكا»، فيتمتع أخي ويتعلم الأداء كأنه على المسرح».
مساءات التلفزيون وتتابع حنان «إنني أضفت إلى ضجيجي الذي أحدثه في البيت، التدريب على آلة العود، لذا يقولون لي «عندك إفراط في النشاط»، وحين يحل المساء نتابع مع الأسرة بعض البرامج التلفزيونية، لأخبار أهلنا في فلسطين أو العراق، حيث تأخذ الأخبار الكثير من وقتنا، والوقت الآخر يكون لمتابعة برنامج «أوبرا»، أو «دكتور فيل»، على قناة دبي فور».
صداقة وعن علاقتها بأختها ميادة، تقول «أتقاسم مع أختي غرفة واحدة، لهذا هي صديقتي، لاسيما أنها أصغر مني بسنة واحدة، ونتشارك الصديقات أنفسهن، والمشاوير، والأغاني، من دون أن نلغي خصوصية كل واحدة فينا، بل على العكس تماماً، فكل واحدة لها الحرية أن تعيش أجواء تحبها، لهذا أشارك دائماً في الماراثون، وقد فزت في الماراثون الأخير، وأشارك في احتفالات تقيمها المستشفى أو الهيئة، ومع السفارة الفلسطينية، وفي الأعمال التطوعية، لأشعر بسعادة ما بعدها سعادة».
تاريخ التمريض التمريض مهنة سامية، تعد من أشرف المهن على وجه الأرض. وتتفاخرالشعوب بأول ممرضة على مدى التاريخ، فالعرب يتحدثون عن أمهاتنا الصحابيات اللواتي مارسن التمريض في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وعهد الخلفاء الراشدين، فأول ممرضة في التاريخ الإسلامي، رفيدة بنت كعب الأسلمية، التي قامت بمداواة الجرحى الذين أصيبوا في معركة الخندق، في خيمتها بالمسجد.
في الغرب ربطوا تاريخ التمريض بظهور أول ممرضة تدعى فلورنس نايتنجل، وهي سيدة إنجليزية من مشاهير نساء القرن الـ19 (1820-1910)، عرفت بأنها رائدة التمريض في التاريخ الإنساني، وقد كان إنجازها الأعظم أنها أسست مدرسة داخلية للتمريض باسمها في لندن عام1860 أنفقت عليها كل أموالها جاهدت فلورنس كثيراً من أجل أن تُحترم مهنة التمريض النسائي في مجتمع كان ذكورياً بالدرجة الأولى في ذلك الوقت. |