|
الصالح: جيل الرواد مطالب بمراجعة الحسابات (تصوير : عماد علاء الدين )
أكد الفنان الكويتي غانم الصالح أن الممثل الخليجي الأسوأ حالاً عربياً، سواء من حيث المردود المادي أو المعنوي، مشيراً إلى أن جيل الرواد في الدراما الخليجية بشكل خاص بحاجة ماسة إلى ما سماه «رد اعتبار من الجهات الحاضنة للإبداع الدرامي على المستويات كافة» وحذر في الوقت نفسه من «خطورة سيطرة منتفعين على مجال الإنتاج الدرامي الخليجي يعملون بنهج تجار الشنطة ويهدفون إلى تحقيق مكاسب مادية سريعة على حساب الدراما والممثل الخليجيين».
وقال الصالح الذي يعد من أبرز مؤسسي الدراما الكويتية عبر عشرات الأعمال التلفزيونية والمسرحية: «رغم أن الدراما الخليجية بشكل عام تمر بأزهى مراحلها فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة للفنان الخليجي الذي لم يستفد من ثمار هذا الازدهار، في تناقض مع مساحة الانتشار الواسعة التي أتيحت له أخيراً عبر إقبال فضائيات عربية على شراء المسلسلات الخليجية وإذاعتها». الصالح الذي رسخ اسمه بقوة في تاريخ الدراما الخليجية، عبر مسيرة إبداع طالت لأكثر من أربعة عقود، كشف لـ «الإمارات اليوم»، خلال حوار خاص، عن مشروعه الدرامي الذي يعكف عليه حالياً تمهيداً لعرضه خلال شهر رمضان المقبل على شاشة قناة فنون وهو مسلسل «عيال بو سالم» من إخراج بسام عبد الأمير وبطولة عبدالرحمن العقل ومحمد المنيع ومحمد جابر وسعاد العلي، وهو عمل تراثي كوميدي يدور زمنه المتخيل في خمسينات القرن الماضي ويتم تصوير معظم مشاهده داخل الاستوديو.
إيحاء كاذب واعتبر الصالح أن «هناك جيلاً واعداً من الممثلين الشباب الخليجيين الذين يبشرون بمستقبل أفضل للدراما الخليجية»، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن «عدداً مهماً من هؤلاء الصاعدين تحركهم هواجس الطموح المبالغ فيه أكثر من الرغبة في اكتساب الخبرات الفنية بشكل تراكمي، فسرعة إيقاع الحياة في شتى جوانبها أوحت للبعض بأن صناعة النجم لم تعد بحاجة إلى كثير وقت أو مجهود، وهو إيحاء كاذب من دون شك ». وفي ما يتعلق بسياسة العرض الحصري لمعظم الأعمال المهمة التي أسهمت في زيادة حمى التنافس على شراء المسلسلات الخليجية بين القنوات الفضائية قال الصالح: «على عكس ما يتبادر إلى الأذهان فإن العرض الحصري لأي مسلسل يسهم في زيادة متابعته جماهيرياً وليس العكس، لأنه سيخلق حالة من التنظيم أو التوحيد في وقت عرضه، في الوقت الذي سيحصل فيه العمل أيضاً على فرص أفضل في الدعاية والتنويه بميقات عرضه، كما أن المشاهد سوف يحرص على متابعة العمل الجيد، بغض النظر عن اسم القناة التي تقوم ببثه ولن يكلفه الأمر أكثر من كبسة زر . وأضاف الصالح أن صناعة الدراما تتجه لتصبح صناعة قوية خليجيا، مشيراً إلى أن «الكويت على سبيل المثال ينتج فيها سنوياً أكثر من 15 مسلسلاً مهماً عبر شركات إنتاج ومنتجين منفذين استثمروا دعم التلفزيون الكويتي لهم». واعتبر الصالح أن قناة دبي الفضائية بشكل خاص تلعب دوراً مهماً في دعم الدراما الخليجية عبر تبنيها لإنجاز مسلسلات مهمة واعتمادها على سياسة المنتج المنفذ، مضيفاً: «مع التقدير لجهود سائر القنوات الخليجية فإن المتابع سيلحظ تميزاً واضحاً لتلفزيون دبي في هذا المجال حيث يكاد لا يمر عام إلا وهناك نحو خمسة مسلسلات على مستوى عالٍ من الناحية الفنية يتم عرضها على شاشته بشكل حصري». وفي هذا الإطار أشار الصالح بشكل خاص إلى مسلسل «الخراز» الذي تم عرضه خلال شهر رمضان الماضي حصرياً على شاشة قناة دبي الفضائية وشاركته البطولة فيه الفنانة سعاد العبدالله وأنتجته بأسلوب المنتج المنفذ الفنانة حياة الفهد التي كتبت أيضاً قصته، مشيراً إلى أن «الخراز» يحمل قيمة اجتماعية وفنية كبيرة من خلال معالجته لقضايا متعددة، رغم تناوله فترة ما قبل ظهور النفط في منطقة الخليج، مضيفاً: «الأمر نفسه ينطبق على مسلسل (لحظة ضعف) الذي أنتجته الفنانة زينب العسكري وتم عرضه في التوقيت ذاته على قناة البحرين الفضائية، وأحدث صدى واسعاً لدى الجمهور الخليجي بشكل عام، ما يشير إلى أن سياسة حصرية عرض الأعمال لا تقلص مطلقا فرص انتشار العمل». ركوب الموجة واعتبر الصالح أن سياسة المنتج المنفذ «لم تعد ترفاً إنتاجياً تمتلك الكيانات الإعلامية الكبرى كالتلفزيونات الرسمية والقنوات الفضائية رفاهية اختيار الاستعانة به في منظومة إنتاج الأعمال الدرامية من عدمه، بسبب شدة التنافس بين تلك المؤسسات على إنتاج أعمال وفيرة ومميزة من جهة، وارتفاع الكلفة الإنتاجية للأعمال من جهة أخرى على مستوى الدراما الخليجية»، لكنه أبدى تحفظاً على «حالة ركوب الموجة واستغلال مرحلة الازدهار التي تعيشها الدراما الخليجية من قبل (تجار شنطة) يدخلون إلى صناعة الإنتاج عبر شركات صغيرة تارة وقناع المنتج المنفذ تارة أخرى لتحقيق مكاسب مادية على حساب سمعة الدراما الخليجية»، لذلك رأى الصالح أن المنتج المنفذ الذي يكون بمثابة شريك إنتاجي للقناة التلفزيونية أو الفضائية التي تعرض العمل بشكل حصري في الغالب «لابد أن يكون أحد رموز الوسط الفني الخليجي بحيث يكون العمل استثماراً للخبرة العملية الطويلة المتحصلة لديه في مجال الدراما الخليجية من على أرض الواقع كما هي الحال في إنتاج حياة الفهد والعسكري وسميرة أحمد وغيرهم». غياب «الحاضن» وأشار الصالح إلى أن «مسيرة الفنان الخليجي كانت الأكثر صعوبة في الوطن العربي بسبب غياب الحاضن الإبداعي في مرحلة البدايات، رغم ذلك تمكنت من مقاومة كل محاولات تغييبها، وأصبحت الآن مطلوبة، ليس في منطقة الخليج فحسب، بل عربياً أيضاً، وهو ما أتاح الفرصة للتعريف بالممثل الخليجي بشكل أقوى أهله لأن يشارك أيضاً في أعمال كثـيرة غير خليجية». وحول سبب ندرة مشاركاته العربية قال: «لدي مشاركات إذاعية ومسرحية عربية داخل الكويت، أما تلفزيونياً فمقتصرة فقط على سهرة من ثلاث حلقات تم تصويرها في نهاية السبعينات من إخراج الراحل نور الدمرداش وبطولة الراحل عماد حمدي وكريمة مختار، وكانت الصعوبة الأساسية في وجود غزارة في الأعمال المشتركة سابقاً تتعلق بمسألة الارتباط بتوقيت التصوير وما يترتب عليه من احتياجات التفرغ والسفر، فضلاً عن غياب المسوغ الدرامي المبرر لوجود الممثل الخليجي بلهجته في مسلسل يتم تصويره في الغالب في القاهرة». حضور الحافز ونفى الصالح أن تكون المكانة الثابتة للدراما المصرية والسورية تشكل حالياً معوقاً امام انتشار الخليجية، مضيفاً: «سيطرة الدراما المصرية عربياً لعقود طويلة أفضت لتراجع تلك الدراما ذاتها قبل أن يعيد حراكها ظهور مسلسلات سورية قوية هددتها بسحب البساط من تحت أقدام القائمين على صناعتها، لتكون المحصلة نشاطاً غير مسبوق في المجالين، وهي حالة أثرت إيجاباً في صناعة الدراما الخليجية التي وجدت نفسها مطالبة أيضاً بتدارك الأخطاء والاستفادة من كامل طاقات أبنائها الإبداعية، ما أفرز بالتبعية أعمالاً نوعية كثيرة كان من الصعب انجازها في فترة زمنية وجيزة لولا حضور الحافز والتنافس القوي».
عبقرية الاختيار
أثنى الصالح بشكل خاص على نهج مؤسسة دبي للإعلام ممثلة في قناة دبي الفضائية في ما يتعلق بحسن اختيار المسلسلات الخليجية التي يتم عرضها على شاشتها بشكل حصري وقال: «من يتتبع نمط انتقاء إدارة الإنتاج في هذه المؤسسة سيلمس حرفية شديدة تصل إلى حد العبقرية في الوصول إلى مزيج درامي متكامل بين المسلسلات المختارة على نحو يزاوج بين ثنائيات مهمة مثل الاجتماعي والكوميدي، المعاصر والتراثي، فضلاً عن جرأة تناول أعمال تتضمن رؤىً وأفكاراً جديدة الطرح خليجياً.
وأشار الصالح إلى نجاح سياسة المنتج المنفذ التي اعتمد عليها التلفزيون في المرحلة الأخيرة بشكل رئيس بسبب الاتكاء على رموز مهمة في الدراما الخليجية في هذا المجال والابتعاد عن «تجار الشنطة الذين يتربحون من الإنتاج الدرامي». التزامان نصح غانم الصالح نظراءه من جيل الرواد في الدراما الخليجية بإخضاع نتاجهم إلى ما سماه «إعادة تقييم دقيقة»، مشيراً إلى أنه «في خضم العمل الدرامي الممتد عبر العقود لا يلتفت الفنانون المخضرمون كثيراً حولهم ليتحسسوا مكانتهم، وكثيراً ما يظل بعضهم يعمل بذات النهج والأسلوب الذي ابتدأوه قبل أربعة أو خمسة عقود مضت، لاسيما في ظل غياب التقدير الكافي من قبل المؤسسات الرسمية للفنان الخليجي». وأضاف الصالح الذي نصح مواطنه الفنان القدير عبدالحسين عبدالرضا بمحاولة انتقاء أعماله الجديدة، قائلاً: «المسؤولية أصبحت أكثر صعوبة الآن بعد وصولي إلى منتصف العقد السابع، ما بين التزام بمحدودية أدوار تقلصها المرحلة العمرية المتأخرة من جهة، والتزام آخر لا يقل أهمية بتقديم أعمال تشكل أنموذجاً فنياً للجيل الشاب من الفنانين الخليجيين الذين مازالوا يتلمسون بدايات مشوارهم الفني». |