المحترفون يتصدّرون «فزّاع» للغوص الحر

 
شهد سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، مساء أول من امس، ختام الدورة الثانية من  بطولة فزاع للغوص الحر في نادي دبي للرياضات البحرية، حيث أبدى سموّه إعجابه بحسن تنظيم البطولة والنتائج المتقدمة التي أفرزتها، موجهاً بضرورة العمل على تطويرها اعتباراً من نسختها المقبلة، على نحو يضمن المزيد من الإقبال على المشاركة في منافساتها، والحث على ممارسة أحد أهم جوانب الموروث الإماراتي وهو الغوص .
 
وأسفرت النتائج النهائية للبطولة، التي شهدت مشاركة نحو 200 متسابق، عن تحقيق أرقام قياسية جديدة في الغوص الحر المحاكي لأسلوب الغوص الإماراتي في عصر ما قبل النفط، بحثاً عن اللؤلؤ في أعماق الخليج العربي، حيث تمكن الألماني توم سيتاس من تحقيق رقم أبهر جميع المتابعين للمنافسات الذين ساورهم بعض الشك على سلامته وهو ثماني دقائق و24 ثانية و59 جزءاً من الثانية، فيما جاء في المركز الثاني الروسي ماليكاسون أليكس بزمن قدره 7.49 دقائق، وحل الفنلندي تيمو كونين ثالثاً بزمن قدره 6.13 دقائق، وهم جميعاً أبطال محترفون مصنفون في ترتيب متقدم في البطولات الأوروبية، إلا أنهم يمارسون الغوص الحر المحاكي لأسلوب غوص الطواش الإماراتي «الباحث عن المحار وما يزخر به من لؤلؤ، حيث غاص ثلاثتهم للمرة الأولى من دون ملابس الغوص الحديثة وما يرتبط بها من نظارات غوص، بطريقة الغوص الرأسي، معتمدين على حبل يربطهم بمتن قارب راسٍ على السطح .
 
تراجع حامل اللقب
وتسبب انضمام الثلاثي المحترف لمنافسات البطولة للمرة الأولى في تراجع ترتيب حامل لقب بطولة العام الماضي اللبناني نديم مجذوب إلى المركز الرابع بزمن قدره 4.55 دقائق، رغم تفوقه على الرقم نفسه الذي حققه العام الماضي وتصدر به ترتيب البطولة وهو 3.46 دقائق، وحل السوداني أشرف أحمد صالح خامساً بزمن قدره 3.27 دقائق بفارق ثانيتين فقط عن صاحب المركز السادس الإماراتي معاذ سلطان علي، الذي تلاه سابعاً مواطنه أحمد محمد عبدالرحمن بزمن قدره 3.7 دقائق.

ومثلما كان لسلطنة عمان مشاركة قوية في بطولة اليولة كان الأمر كذلك في بطولة الغوص الحر أيضاً، حيث جاء العماني خميس مسلم سعيد في الترتيب الثامن بزمن قدره 3.5 دقائق، وحل الإماراتي ربيع سعيد سالم في المركز التاسع بزمن قدره 2.48 دقيقة، وجاء في الترتيب العاشر مواطنه بشير فيروز الحمادي بعد أن حقق زمناً قدره 2.40 دقيقة.
 
تأمين «تراثي»
وقال رئيس اللجنة المنظمة للبطولة حمد الرحومي في تصريح خاص لـ«الإمارات اليوم» إن الغواصين المحترفين كانت لهم تحفظات متعددة في بادئ الأمر على الالتزام بالحبل تحت الماء، لكنهم أبدوا إعجابهم بجدواه بعد أن استمعوا إلى ضرورته لمزيد من تأمين سلامتهم حيث يعد ارتخاء الحبل على أن الغواص يواجه مشكلة ما عرضته لإغفاءة تحت الماء ما يستدعي التدخل السريع لإنقاذه، وهو أحد الأشكال التقليدية للحفاظ على سلامة «الطواش» قديماً. 

وأضاف الرحومي أن الأرقام التي تحققت في هذه البطولة تعد قياسية بكل المقاييس إذا ما روعيت صعوبة الغوص وعدم اعتياد المتسابقين الأوروبيين عليه نظراً لأن الغوص الشائع على مستوى العالم حالياً هو الغوص الطافي الذي يجعل المتسابق شديد القرب من سطح الماء، بينما يتسبب الغوص التقليدي الذي يتم على مسافات بعيدة من سطح الماء في زيادة الضغط المائي على الرئتين وسائر أعضاء الجسم، ما يؤدي في النهاية إلى صعوبة تحقيق أرقام جيدة قياساً بما يمكن أن يتحقق في ظل طرق الغوص المتبعة في البطولات الرياضية الحديثة.

نحو العالمية
وحول الكيفية التي تمت من خلالها مشاركة الغواصين الذين وفدوا من خارج الدولة قال الرحومي: «لم تتم دعوة متسابقين بأعينهم على نحو خاص، بل تساوى في البطولة المتسابقون المحترفون مع غيرهم، وقدومهم إلى دبي للمشاركة في البطولة تم بناء على مبادرات فردية من قبل كل منهم، ومعظمهم تعرف إلى أنظمة وتاريخ إقامة البطولة عبر شبكة المعلومات الدولية»، مشيراً إلى أن الجوائز المادية للبطولة تعد الأكثر تميزاً في بطولات الغوص على مستوى العالم.
 
وذكر الرحومي أن هناك أنظمة جديدة سوف تطبق في الدورة المقبلة من بطولة الغوص الحر ابتداء من العام المقبل بعد احتكار المحترفين صدارة البطولة الحالية، حيث سيتم تخصيص فئة للمحترفين وأخرى للهواة، وثالثة لذوي الأعمار الحديثة من أجل تشجيع الجميع على خوض منافسات البطولة ومن ثم الحفاظ على توارث الموروث الإماراتي عبر الأجيال.
 
من جانبه قال المدير التنفيذي لمكتب «بطولات فزاع» عبدالله حمدان بن دلموك إن المنافسات القوية لبطولة الغوص الحر هذا العام قفزت بها رغم كونها مازالت في دورتها الثانية إلى العالمية، مشيراً بشكل خاص إلى استفادة ممارسي الغوص الحر محلياً المتوقعة من خبرات الغواصين المحترفين الذين تمكنوا من تحقيق ارقام فاقت التوقعات مقارنة بما تحقق في العام الماضي بعد أن حقق صاحب المركز الأول هذا العام نحو ثلاثة أضعاف الزمن الذي حققه نظيره في البطولة السابقة، ما يعكس في جانب منه أحد مظاهر التطور التي رافقت البطولة في نسختها الجديدة.
 
وحصل صاحب المركز الأول على كأس البطولة وسيارة رنج روفر موديل 2008 ، بينما حصل صاحب المركز الثاني على جائزة مالية قدرها 20 ألف درهم، وصاحب المركز الثالث على 20 ألف درهم، وتم منح أصحاب المراكز من الرابع إلى العاشر جوائز مالية قدرها 5000 درهم لكل منهم .
 
أين ذهب توم؟  
بعد أن غطس المتسابق الألماني توم ساليتاس غائباً عن أنظار الجمهور ولجنة التحكيم التي تراقب الموقف لزمن يقترب من الدقائق التسع كان التساؤل الذي يتهامس به الجميع : «أين ذهب توم؟»، وهو الأمر الذي برّره الرحومي بقوله : «من الناحية الطبية فإن توقف أي إنسان عن استقبال الأكسجين لمدة خمس دقائق يعني وصوله حتماً إلى مرحلة الموت السريري، لكن توم استطاع من خلال اعتماد تقنيات متقدمة في الغوص أن يصل إلى هذا الرقم النادر تحقيقه» .

وأضاف الرحومي: «استطاع توم أن يختزن في صدره أكبر كمية ممكنة من الأكسجين، فضلاً عن أنه تمكن من خفض نبضات قلبه إلى النصف تقريباً، بحيث تتراوح ما بين 30 الى 35 دقة في الدقيقة، فضلاً عن أنه أحال كل أعضاء جسمه بما فيها الحركة اللا إرادية للأمعاء والمعدة إلى ما يقارب الثبات التام، والأمر نفسه في ما يتعلق بالعمليات الدماغية المتعلقة بالمخ والأعصاب.  

أصغر غوّاصة إماراتية 
قامت اللجنة المنظمة بتكريم أصغر المشاركات في البطولة وهي الطفلة الإماراتية سارة محمد جمعة الغاوي التي لا يتعدى عمرها 11 عاماً.

ورغم عدم تحقيق الغاوي رقماً متميزاً ومن ثم استبعادها حسب النظام المعمول به في المسابقة من منافسات اليوم الختامي، إلا أنها تمكنت من خطف الاهتمام الإعلامي والجماهيري من المحترفين الأوروبيين الثلاثة الذين تمكنوا من حصد المراكز الأولى في المسابقة. 

الأكثر مشاركة