أقول لكم

محمد يوسف

   

ما الذي يضرّ الدائرة الاقتصادية لو أنها اشترطت كتابةً في تراخيصها التي تمنحها للشـركات والمؤسسات والمطاعم والمحلات التجارية ضرورة الالتزام باللغة العربية. لا يضرّها شيء، ولكنها لا تفعل ذلك، لأنها تعتقد أن الحفاظ على هوية الوطن ليس من ضمن اختصاصاتها،  فهي دائرة تعمل حسب ما أوكل إليها من أعمال ومهام في قرار إنشـائها.


وقد يخرج علينا مديرها ليقول إن الاهتمام بمظهر المدينة.. وغيره، من اختصاص البلدية، وقد يرد آخر من البلدية ليلقي تبعة ذلك على غرفة التجارة أو مجلس دبي الثقافي مثلاً، ثم سـنصل إلى جمعية حماية اللغة أو «الحرف العربي» أو الفنون الشعبية أو ربما نصل إلى عجائز «فريج»، ولكننا سنعود إلى الدائرة الاقتصادية، فهي التي تصدر التراخيص، وهي المسؤولة عن الااشـتراطات في العقود التي تبرمها لممارسة الأنشطة، وهي لن تتكلف كثيرًا لو عيّنت مراقبًا أو أثنين لتصحيح الخلل.


وإذا كانت الدائرة الاقتصادية تنتظر أمرًا صريحًا بذلك، فالمجلس التنفيذي موجود، ويمكن أن تُقدَّم له دراسة متكاملة حول ما تتعرض له اللغة العربية، فلا يعقل أننا وفي الوقت نفسه الذي نحاول أن نحيي فيه تراثنا وما كاد أن يندثر منه، نسمح بهذا الاختفاء التدريجي للغة العربية.


وإذا كنت قد ضربت مثلاً يوم أمس عن مطعم عربي ألقى اللغة العربية من لائحة طعامه التي يقدمها إلى مرتاديه، فإن الشـواهد كثيرة وإن اختلفت، فهناك مطعم إيراني يقدم لائحة كُتبت بلغتين، الأولى هي الإيرانية، والثانية هي الإنجليزية، ومثله المطاعم الهندية، وكذلك المطاعم الإيطالية، ولم تبق إلا مقاهي الشيشة لأنها لا تقدم أية لوائح؛ ولهذا كله أوردت المثل الحيّ عن ذلك المطعم، وقلت إنني قررت أن أقاطعه، فهل سـنقاطع الجميع قريبًا؟ وإذا فعلنا ذلك فأين سـنأكل؟ وأين سـنجلس؟ ومن سيتجاوب معنا ؟ ومتى كانت التصرفات المنفردة حـلاً؟ بلا شـك هي ليسـت الحل ولكنها ردة فعل معبرة عن رفض الواقع، ولا أظن أن مطعمًا سـيتوقف لأن شخصًا لم يأكل عنده احتجاجًا على اللائحة غير المكتوبة باللغة العربية، ولكن كل المطاعم والمحلات التجارية ستحترم لغتنا وهويتنا لو قالت لها الجهة المسؤولة عن منح الترخيص وتجديده، إن احترام لغتنا من احترام سـلطتنا، ساعتها سنرى عودة اعتبارية للغة العربية. فهل تتحرك الدائرة الاقتصادية أم أنها بحاجة إلى قرار يحركها ؟   
myousef_1@yahoo.com
تويتر