90٪ من مرضى سرطان الرئة من المدخنين. د.ب.أ

سرطان الرئة بلا أعراض مُبكرة.. ويُضلّل مرضاه

لا شك في أن تشخيص مرض السرطان يعتبر بمثابة ضربة قاصمة للمريض، ويأخذ الأمر منحنى آخر في حال كان الشخص مصاباً بسرطان الرئة؛ إذ غالباً ما يُسْأل المريض عقب التشخيص: هل دخنت؟

تقول باربارا بايزال من جمعية المساعدة الذاتية لمرضى سرطان الرئة بالعاصمة الألمانية برلين، إن تشخيص هذا المرض في حد ذاته أمر سيئ، بالإضافة إلى ما يعقب هذا السؤال من شعور المريض بالذنب.

من جانبه، قال البروفيسور فولف بانكوف من معهد الإقلاع والوقاية من التدخين التابع لمستشفى نويكولن الجامعي في برلين إن «التدخين يرفع في الواقع مخاطر الإصابة بسرطان الرئة بشكل كبير»، مشيراً إلى أن 90٪ من مرضى سرطان الرئة من المدخنين.

وأضاف بانكوف أن المشكلة تكمن في أن مرض سرطان الرئة ليست له أعراض مبكرة؛ لأن الرئة من الأعضاء غير الحساسة للألم، الأمر الذي يجعل الأورام تتطور في معظم الأحوال على مدار سنوات، ومن ثم لا يتم اكتشافها إلا في مرحلة متقدمة، ومن الممكن ألا يكون للأعراض أي خصائص مميزة وتظهر النقائل داخل الشُعب الهوائية والرئتين.

وأشار بانكوف إلى أن خروج دم مع السعال يعتبر بمثابة ناقوس خطر واضح، وعلى المريض أن يذهب في هذه الحالة بأسرع ما يمكن إلى الطبيب المتخصص، في الوقت نفسه فإن أعراض الإصابة بسرطان الرئة يمكن أن تظهر في صورة آلام مزمنة في الصدر أو تغير في طبيعة السعال أو آلام في الظهر.

ويؤكد مركز أبحاث السرطان DKFZ في مدينة هايدلبرغ الألمانية أهمية إجراء دراسة حديثة عن الاكتشاف المبكر للمرض إذ خن نسبة المصابين بهذا النوع من السرطان الذين يبقون على قيد الحياة لأكثر من خمس سنوات بعد اكتشاف المرض تراوح في المتوسط بين 10 و15٪ فقط، وتهدف هذه الدراسة إلى بحث ما إذا كان التصوير المقطعي باستخدام الكمبيوتر مناسبا للكشف بصورة مبكرة عن الإصابة بسرطان الرئة، مشيراً إلى إمكانية استئصال الأورام الأصغر حجماً بنجاح في حال اكتشاف المرض في الوقت المناسب.

من جانبه، يقول شتيفان ديلورمه أخصائي الأشعة بمركز DKFZ ومدير معهد الدراسات الاسكتشافية لمرض سرطان الرئة LUSI، إن عملية الفحص لا تستغرق سوى دقائق قليلة ومن دون ألم حيث يتم تعريض المرضى لأشعة قليلة نسبياً مقارنة بما يحدث في حال التصوير المقطعي متعدد الشرائح بالكمبيوتر والمعروف باسم MSCT، وأوضح ديلورمه أنه أثناء إجراء الفحوص أثارت بعض الجسيمات الإيجابية القلق، حيث كان تجمع هذه الجسيمات لافتاً للانتباه في بداية الأمر لكن في النهاية اتضح أنها ليست سرطاناً.

وانتهت نتائج الفحص إلى أن نحو 30٪ من الذين أجريت عليهم الدراسة يحتاجون إلى المتابعة اللاحقة أو إجراء اختبار خزعة وهي عبارة عن تدخل جراحي دقيق في محيط الصدر لأخذ عينة حية من الخلايا أو الأنسجة للفحص، غير أن البيانات الأولية لدراسة أميركية انتهت إلى التأكيد على الفائدة التي يمثلها الفحص الوقائي بطريقة التصوير المقطعي المتعدد الشرائح MSCT، لاسيما في حال الأورام الخبيثة التي تنمو ببطء؛ إذ يمكن من خلال هذه الوسيلة اكتشاف المرض في الوقت المناسب.

ويبقى الإقلاع عن التدخين هو الشيء الأكثر فاعلية في وسائل الوقاية من سرطان الرئة بالنسبة للمدخنين، ويقول بانكوف إنه «مع طول فترة الإقلاع عن التدخين تقل مخاطر الإصابة بسرطان الرئة بشكل كبير»، مؤكداً أن الأفضل هو عدم التدخين من الأساس؛ إذ إن الشخص الذي ظل يدخن 20 سيجارة يومياً على مدار 10 سنوات مهدد بقوة بالإصابة بهذا المرض مقارنة بالشخص غير المدخن. وأوضحت الإحصاءات أن واحداً من بين كل 10 مدخنين يصاب بسرطان الرئة.

وتكمل بابارا بايزال الحديث قائلة «إن معظم المدخنين يقلعون فوراً عن التدخين عندما يتلقون خبر التشخيص الصادم»، وثمة برامج للإقلاع عن التدخين تساعد هؤلاء المرضى الذين يجدون صعوبة في تنفيذ هذه الخطوة، وتعتمد هذه البرامج، كما يوضح بانكوف، على فك الارتباط بين العادات مثل تدخين سيجارة عند تناول فنجان قهوة أو عند حدوث التعرض لضغط عصبي.

ويعتبر الإقلاع عن التدخين من الأمور شديدة الأهمية في علاج سرطان الرئة؛ إذ إن فاعلية أدوية تثبيط السرطان تكون سيئة في حال المريض المدخن مقارنة بالمريض غير المدخن، كما أنه في حالة شفاء المريض المدخن فإن خطر ظهور الورم الخبيث مرة أخرى بعد الشفاء يظل قائماً.

من ناحية أخرى، أشارت باربارا بايزال إلى أن خبرتها العملية في أربع مؤسسات للمساعدة الذاتية لمرضى سرطان الرئة في برلين، انتهت إلى أن ثمة عاملا مهما آخر في علاج هذا المرض، وهو تمسك المريض بالأمل، مؤكدة أن الأمل حدد مصيرها الشخصي، وذكرت أنها أصيبت بالمرض للمرة الأولى في 2001 ثم تجددت الإصابة بعد عام ونصف، واليوم تقول بابارا عن نفسها إنها أصبحت خالية من الأورام لكنها تحاشت القول بأنها شفيت تماماً.

الأكثر مشاركة