كثيرات لا يفكرن في إصابة أطفالهن بنقص المناعة الوراثي. د.ب.أ

مرض الطفل الدائم.. فتـشي عن «نقص المناعة»

إذا أصيب الطفل بالتهاب في الجيوب الأنفية أكثر من مرتين في السنة، أو عانى تقيحات جلدية عميقة متكررة، أو مشكلات في النمو، فقد يرجع السبب في ذلك إلى نقص المناعة الوراثي. وغالباً ما يفكر الآباء والأطباء في هذا السبب، في وقت متأخر جداً؛ لأن هذه الأمراض نادرة جداً، ولا تظهر أعراضها سوى بشكل غير مباشر.

وتتمثل وظيفة جهاز المناعة الوراثي أو المكتسب في السيطرة على العدوى بالجسم. ويقول مدير مركز نقص المناعة التابع للمستشفى الجامعي شاريتيه بالعاصمة الألمانية برلين البروفيسور فولكر فان «عندما لا تؤدي عمليات معينة وظيفتها في هذا الجهاز المعقد، أو تتلف بعض مكوناته، فقد يحدث أن تتخذ العدوى مساراً أسوأ أو أن يتكرر حدوثها بصورة أكبر من المعتاد».

فعلى سبيل المثال قد يتسبب التهاب المخ في حدوث أضرار مستدام، كما أن التهابات الرئة قد تؤدي إلى تمدد الشُعب الهوائية على هيئة أكياس أو أسطوانات.

قلة أعداد

يعرف الأطباء أكثر من 200 عرض مرضي يمكن التمييز بينها وراثياً، في حين لا توجد سوى تقديرات حول أعداد المصابين. وفي الولايات المتحدة الأميركية تم إجراء مقابلات هاتفية مع نحو 30 ألف شخص، تم اختيارهم بشكل عشوائي، ومن خلال هذه المقابلات تم التوصل إلى معدل إصابة يبلغ 1:.2000 وعن هذه الطريقة يقول فان «هذه الطريقة محل جدل، لكن لا تتوافر لدينا أعداد أفضل».

ويعد تشخيص نقص المناعة الوراثي صعباً للغاية، بسبب قلة أعداد حالات الإصابة من ناحية، والتنوع الشديد في الأعراض المرضية من ناحية أخرى. وتقول مُؤسسة ورئيسة جمعية المساعدة الذاتية للمصابين بنقص المناعة الوراثي بمدينة شنايتزيه جنوب ألمانيا غابرييلا غروندل «الأهم هو ملاحظة الإشارات التحذيرية المحتملة، خصوصاً في سن الرضاعة والطفولة».

وفي بادئ الأمر ينظر الآباء والأطباء إلى كثير من الإشارات التحذيرية، مثل التهاب الجيوب الأنفية، باعتبارها عدوى عادية، ولا يساورهم شك في إصابة طفلهم بنقص المناعة الوراثي إلا مع تكرار حدوثها، وإلى هذا الحين ينقضي وقت ثمين، وإضافة إلى ذلك، تظهر الأعراض في أوقات مختلفة للغاية.

وأوضح أخصائي طب الأطفال والمراهقين بكلية الطب بمدينة هانوفر الألمانية أولريش باومان، أن بعض الأعراض المرضية تظهر أثناء الولادة أو بعدها مباشرة، ويسري هذا مثلاً على نقص المناعة المشترك الشديد. والبعض الآخر يظهر في مراحل حياتية مختلفة تماماً، كما أن أعراضاً أخرى تنشأ فجأة من العدم مثل الالتهابات الحبيبية.

خطوات

إذا ساور الآباء شك بإصابة الطفل بنقص المناعة الوراثي، فيمكن إجراء أُولَى خطوات التشخيص في عيادة الطبيب، ويقول البروفيسور الألماني فولكر فان «يستطيع طبيب الأطفال أو الطبيب المنزلي في بادئ الأمر إجراء (تعداد دم تفريقي)، وكذلك إجراء قياس لمستوى الأمينوغلوبين في الدم وواحد أو اثنين من الأجسام المضادة المصلية».

وعندما تعطي الفحوص مؤشرات إلى الإصابة بنقص المناعة الوراثي، أو إذا لم يكن الطبيب المعالج على يقين، فيتم مواصلة التشخيص وكذلك العلاج أو الملاحظة الطبية، عند الضرورة، في إحدى العيادات الخارجية، ويتوقف العلاج على نوع نقص المناعة.

وتقول غروندل «مع جميع الأشكال المختلفة لنقص الأجسام المضادة يتم أخذ الأمينوغلوبين (أجسام مضادة) من بلازما دم المتبرعين، وحقنها بانتظام في أوردة المريض أو في الأنسجة الدهنية تحت الجلد»، وبالنسبة لنقص المناعة المشترك الشديد يتم اللجوء إلى زراعة النخاع أو الخلايا الجذعية.

الأكثر مشاركة