«الروماتويد» يسبب آلاماً حادة وتيبساً في المفاصل يمتد لستة أسابيع. فوتوز.كوم

«الروماتويد».. مرض المفاصل الأكثر خطراً

ينتشر مرض «الروماتويد» أحد أهم أمراض التهاب المفاصل، بشكلٍ كبير في المجتمع الإماراتي، إذ يبلغ عدد المصابين به نحو 75 ألف مريض، وعلى خلاف الشائع، لا تقتصر الإصابة به على كبار السن، بل تنتشر بين الفئات العمرية من 18 وحتى 45 عاماً، تشكل فيها النساء النسبة الأكبر بين المصابين .

وعلى الرغم من أن السبب الرئيس للإصابة به، ظل مجهولاً حتى الآن، إلا أن العامل الوراثي يشكل نسبة 4 إلى 6٪ فيها. وأثبتت الدراسات والأبحاث أن التشخيص المبكر للمرض يسهم في سرعة الاستجابة للعلاج، والتحكم بتأثيراته الجانبية، التي تترك آثاراً وخيمة تتعدى الجانب الصحي لتمتد إلى الجانبين النفسي والاجتماعي.

ويرى استشاري أمراض المفاصل والروماتيزم بوزارة الصحة، ورئيس جمعية أطباء المفاصل د. وليد يوسف الشحي أن مرض «(الروماتويد) الذي لم يتم التوصل إلى السبب الرئيس للإصابة به، ينجم عن خللٍ في جهاز المناعة الذي يقاتل الفيروسات والبكتيريا، ما يؤدي إلى مهاجمته لأعضاء الجسم المختلفة، وأهمها المفاصل، كما قد يهاجم الرئة، وشرايين االقلب، والكلى، والدم مسبّباً تكسراً فيه».

أعراض المرض
وعن أعراض المرض، قال الشحي في حديثه لـ«الإمارات اليوم» إن أعراض «(الروماتويد) تتمثل في آلام حادة وتيبّس وتورم في المفاصل، تمتد لنحو ستة أسابيع، يعجز على إثرها المريض عن النهوض من السرير، لممارسة حياته الطبيعية، حيث يستغرق منه الأمر نحو ست ساعات، وقد يفوقها في بعض الأحيان، إذ لا يقوم بذلك مع غروب الشمس»، الأمر الذي يترك حسب الشحي «آثاراً وخيمة تتعدى الجانب الصحي، لتشمل الجانبين النفسي والاجتماعي، إذ يعجز المريض عن ممارسة حياته بشكلٍ طبيعي، فيضطر إلى الإقلاع عن العمل والدراسة والزواج كذلك». ويضيف أن المريض «يعجز، على سبيل المثال، عن حمل كأس الماء للشرب، وعن الاستحمام، نظراً لمواجهته صعوبة في حركة الرسغ.

 اللحم والبروتين   
 
لطيفة راشد.
أكدت رئيسة قسم التغذية في مستشفى القاسمي لطيفة راشد، أن اللحم الأحمر ليس وحده المتهم الذي يقف وراء الاصابة بالتهاب المفاصل، بل البروتين كذلك، فالأشخاص الذين يتناولون أكثر من 75 غراماً من البروتين يومياً من جميع المصادر، هم أكثر عرضة لخطر الاصابة بالتهاب المفاصل أكثر بثلاث مرات من الذين يتناولون أقل من 62 غراماً من البروتين يومياً. وأوضحت أن النظام الغذائي المعتمد على تناول الخضراوات والفواكه والمنتجات النباتية المصدر، له دور فعال في الوقاية من التهاب المفاصل.
و(الروماتويد) يصيب في الغالب مفاصل اليدين والقدمين، الصغرى منها والكبرى، إلا أنه لا يصيب الظهر، ويعتبر مرضاً تماثلياً، بمعنى أنه إذا أصيبت مفاصل اليد اليمنى مثلاً، تصاب على إثرها مفاصل اليد اليسرى، بمعنى أنه يصبح هناك تطابق في الإصابة».

ونوّه الشحي بأن «سوء التشخيص وإهمال المرض يلعبان دوراً رئيساً في تأخر العلاج، ويعتبر تأخر مرضى (الروماتويد) في اللجوء إلى الطبيب المتخصص، مشكلة تعاني منها أغلب الدول العربية، بما فيها الإمارات، فضلاً عن استخدام مضادات ومسكنات دون استشارة طبية، الأمر الذي يضاعف بدوره من انتشار المرض ويؤخر فرص العلاج»، لافتاً إلى أن «التشخيص المبكر للمرض يسهم في استجابة المريض للعلاج وتفادي آثاره السلبية، التي قد تصل في حالات متأخرة، إلى دخول المريض مرحلة اليأس وعدم التجاوب مع العلاج»، محذراً من أن ذلك «قد يصل الى مرحلة تلف المفاصل كاملاً في بعض الحالات، في حين أثبتت الدراسات والأبحاث أن العلاج في الأشهر الستة الأولى من اكتشاف المرض بإمكانها إيقافه والتحكم بتأثيراته الجانبية». وأضاف الشحي أن «دراسات أثبتت أن تأخر مرضى (الروماتويد) في العلاج، يؤثر في ديمومة حياتهم، حيث يقصر عمرهم عن عمر الإنسان العادي ما بين خمس الى سبع سنوات، وأن نسبة الذين خسروا أعمالهم نتيجة عدم لجوئهم إلى العلاج في أول خمس سنوات من المرض، بلغت 40٪، في حين بلغت 80٪ في ثماني سنوات من المرض».

وعن طرق التشخيص، قال «لابد أن يلجأ المريض الذي يشعر بآلام حادة في المفاصل، يرافقها تيبس وتورم، يستمر لمدة ستة أسابيع، إلى الطبيب المختص، الذي بدوره يقوم بإجراء فحوص دم خاصة، إلى جانب الأشعة، لتشخيص المرض»، وتابع أنه «في حال كان المريض مصاباً (بالروماتويد)، يبدأ علاجه عن طريق الأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم، أو عن طريق حقن تحت الجلد. وقد زرعت هذه الأدوية الأمل في العلاج بعد أن كان مفقوداً قبل 10 سنوات».

وبين الشحي أن «نسبة قليلة من مرضى (الروماتويد) تتأثر أعضاؤهم الداخلية مثل الكبد والرئتين بأدوية التهابات المفاصل، لذلك يلزم المريض بعمل فحوص وتحاليل دورية قبل موعده مع الطبيب للتأكد من سلامة وظائف الجسم، فيما لا تسبب أدوية التهاب المفاصل الشلل أو خللاً في جهاز المناعة، إنما تصاب بعض الحالات بالشلل بسبب المرض نفسه».

الوزن والمفاصل
وترى رئيسة قسم التغذية في مستشفى القاسمي لطيفة راشد أن «النظام الغذائي يلعب دوراً محورياً في علاج التهاب المفاصل، وذلك من خلال المحافظة على الوزن في الحدود الطبيعية»، وأكملت أنه «إذا كان الشخص من ذوي الأوزان العالية، أو يعاني من السمنة، فلابد من اتباعه نظاماً صحياً متوازناً، يساعده على تخفيف وزنه، فأي زيادة في الوزن تعني زيادة فرصة الإصابة بالتهاب المفاصل».

وتابعت أن «من المعروف أن نوع الدهون المتناولة، يؤثر في مستوى الالتهاب والشعور بآلامه، فقد وجد أن الدهون المشبعة مثل الدهون الحيوانية، اللحوم، البيض، منتجات الحليب الكاملة الدسم، منتجات الوجبات الخفيفة، واللحوم المصنعة، تساعد على زيادة الألم»، وأكدت أنه لابد من تغيير نوع الدهون المستخدمة في إعداد الطعام، وذلك عن طريق استبدالها بالدهون غير المشبعة، مثل الزيوت النباتية، وذلك لغناها بـ«أوميغا 3»، كما هو حال الأسماك ذات القشرة الغامقة «السردين، التونة والسبريم»، التي تساعد على تخفيف الشعور بالألم، لذلك لابد من تناول الأسماك مرتين الى ثلاث مرات أسبوعياً.

وعلقت «أن الطعام الذي يحتوي على كمية قليلة من اللحوم، والغني بالخضراوات والدهون غير المشبعة يساعد على تخفيف الألم لدى مرضى الروماتويد. وأن تناول أربع حصص من الخضراوات يومياً، وحصتين من الفاكهة ذات الألوان المختلفة، يقلل من الشعور بآلام المفاصل، كما أن شرب كوب من عصير البرتقال يومياً، يساعد على الوقاية من التهابات المفاصل لارتفاع محتواها من الأجسام المضادة، وقد بينت الدراسات أن لبعض أنواع الأعشاب كالكركم والزنجبيل والثوم، دوراً في التخفيف من آلام التهاب المفاصل».

الأكثر مشاركة