لميس خميس: البساطـــــة ســر الابتكار
لم يكن من الصعب على مصممة الأزياء البريطانية ذات الجذور العراقية لميس خميس أن تنجح في عالم الابتكار والتصميم، ودخول عالمه من الطريق الأبسط، والأكثر قرباً من الجمهور، وهو الملابس اليومية سهلة الارتداء، وتحديداً القمصان والبلوزات والفساتين القطنية القصيرة التي اتخذت من اللمسات الشرقية والميل إلى التميز بين الآخرين بصمتها، لتأخذ من موروثها العائلي اللمسة المترفة، بينما كانت تترعرع في عالم غربي مغرق في اختلاط الثقافات وامتزاجها الذي أعانها على الخروج بمزيج من العملية والتميز، مؤمنة بأن «الابتكار والتجديد فيما هو بسيط هو الطريق الأفضل للنجاح». ولدت خميس في العراق، ومنذ انتقالها إلى العاصمة البريطانية لندن وهي في السادسة من العمر، صاحبت فكرة الابتكار والتصميم ذهنها، وذكرياتها المحببة لخالتها ذات التأثير الشديد في طفولتها وحبها للأزياء، حيث كانت تعمل خياطة تصنع الفساتين وتحول تلك الخامات الملونة إلى ابتكار أنتجته يداها، إضافة إلى عمها الذي كان نحاتا معروفا، بينما واجهت في تلك المدينة المزدحمة بخليط الأجناس والثقافات تحديات ممزوجة بألوان وأشكال مختلفة، متحولة من طفلة عرفت منذ أيامها الدراسية الأولى بميلها إلى الفنون، إلى واحدة من مصممات بريطانيا الشهيرات، قادرة بذلك أن تجذب إليها أسماء عالمية من شهيرات بريطانيا وأميركا، مثل المطربة البريطانية جيري هاليويل، والأميركية غوين ستيفاني، وفيكتوريا بيكهام، بينما كان آخرهم وأكثرهم شهرة باريس هيلتون، التي رافقتها خميس في زيارتها الأخيرة إلى دبي.
فنون
منذ طفولتها نجحت خميس في الفوز والحصول على جوائز عديدة في كل مجال فني أو يحمل طابعاً إبداعياً، وكان بالنسبة لها الخطوة الأولى في طريق دراستها للفن أكاديمياً، حيث درست الفنون الجميلة من رسم ونحت وطباعة وتصوير فوتوغرافي، ودراسة للخامات والتصميم الغرافيكي، إضافة إلى السيراميك، ومع هذا الزخم الكبير من التنوع الفني الذي وجدت فيه لميس نفسها، ورغم تميزها في أغلب المجالات التي درستها، فإنها كانت قادرة على أن تميز ميلها الأكبر وشغفها الذي كان دائماً يميل إلى الأزياء والتصميم، إلا أنها التحقت في نهاية المطاف بكلية كامبيرويل للفنون، للحصول على الخبرة الأكاديمية في مجالها، ومتخرجة عام 1995 في الكلية بشهادة الفنون الجميلة في مجال النحت والسيراميك.
| مجموعة جديدة تعمل لميس خميس حالياً على مجموعتها المقبلة، التي تعتقد أنها ستكون مختلفة بشكل كبير عن ميل مجموعاتها الحالية إلى الشريحة الشابة جدا، «حيث يمكن أن تستقطب شريحة السيدات أيضاً، كما أنني أتعامل حالياً مع فنانة تخرجت أخيراً من كلية الفنون الجميلة، استشعرت مهارتها، وتقوم حالياً برسم لوحات مميزة ستتم طباعتها على تصاميمي، وستكون أكثر قرباً لسوق الشرق الأوسط». وعلى الرغم من عدم وجود خطط فعلية لافتتاح خميس متاجر لها في الشرق الأوسط، «خصوصاً أنني منشغلة بمجموعتي المقبلة، إلا أنني أفكر بعمل عرض أزياء في المنطقة العربية بعد الانتهاء منها»، خصوصاً أنها لا تقوم بعمل مجموعة سنوية، حيث تستمر المجموعة الواحدة لخميس على مدى سنتين أو ثلاث، بعيداً عن المتعارف عليه بين مصممي الأزياء العالميين. |
علامة تجارية
وعلى الرغم من الإقبال الشديد على تصاميمها من قبل عدد غير قليل من شهيرات بريطانيا وأميركا، إلا أن ذلك ليس طريقتها الخاصة في الترويج لعملها، «فأنا لا أقوم بالتسويق لتصاميمي عبر ارتداء الشهيرات لها»، مؤكدة أنها رغم سعادتها بنجاح علامتها التجارية، «إلا أنني لطالما كنت أفضل ولاأزال أن تبقى تصاميمي خاصة ولفئة صغيرة من الزبائن، وأن أكون قادرة دائما على أن أكون قريبة وعلى تواصل مباشر ودائم مع زبائني»، مشيرة إلى أن الترويج الكبير الذي قدمته باريس هيلتون لتصاميمها «كان تعاوناً كريماً منها لدعمي وطريقتها لشكري على تصميمي لعدد من القطع لها، دون أن أطلب منها ذلك، خصوصاً أنها تحصل على الملابس المجانية من كل مصممي العالم أملاً في ارتدائها والترويج للدور بذلك، فكان تبرعها المستمر في ارتداء تصاميمي وذكر اسمي في اللقاءات المختلفة إطراء كبيرا لي»، ساردة قصة تعرفها إلى هيلتون قائلة، «كان هناك قطعة معينة في متجري، كنت قد صممتها مسبقاً وأنا أفكر في باريس هيلتون، وأتخيلها ترتديها، دون أن أنوي بيعها لها، إلا أنني تفاجأت بعد فترة من الوقت، بها تمر قرب متجري، وتدخل إليه متأملة تصاميمي، الأمر الذي سعدت به، وانتهزت الفرصة لأريها التصميم الذي استلهمته منها، وقدمته لها هدية مني»، مشيرة إلى أنها سعدت به كثيراً، لتقوم بدعوة خميس في اليوم التالي أملا في رؤية المزيد من التصاميم، «ومنذ ذلك الحين أصبحت وهيلتون صديقتين حميمتين».
تحرص خميس دائماً على سؤال زبائنها عما يميلون إليه من قطع أكثر من أخرى، وما يشعرن به في قطع دون أخرى، «وهو ما يعينني على الاستمرار وتقديم المزيد من التصاميم الأكثر قرباً للجمهور»، مشيرة إلى أنها غالباً ما تضيف أو تقلل في تفاصيل التصاميم، «ولكن دائماً دون مبالغة، رغم تميز تصاميمي بوجود الكريستالات والأحجار الملونة اللامعة، أو تزينها بطبعات لرسوم تجريدية وفنية مميزة، إلا أنني أحبذ أن تكون في حدود البساطة، على الرغم من ميلي الشخصي للمزيد دائما، والمبالغة في التزيين»، إلا أن طبيعة البيئة الـ«لندنية» التي تعيشها خميس وزبوناتها، تحتم عليها ترويض صخب ميولها الشرقية، «فغالباً ما تميل الألوان في لندن إلى الأسود والبني والرمادي، وهو ما أحرص على أخذه في الاعتبار، إضافة إلى أهمية أن يتناسب التصميم الواحد مع خروج المرأة نهاراً أو ليلاً».
الشرق
وترفض خميس فكرة أن يستغل المرء جذوره الشرقية في استهداف الجمهور في الشرق الأوسط، رغم الافتقار للموهبة، «وكنت رافضة لفكرة الانطلاق في الشرق الأوسط قبل أن أتأكد من نجاحي في أوروبا، حيث حرصت على تكوين اسم لامع ومعروف في بريطانيا قبل أن تصلني عروض، لعرض تصاميمي في بيروت وأخيراً في دبي»، مشيرة إلى أنها حصدت نجاحا كبيرا لتصاميمها في بيروت، «حيث تصل إلي عروض مستمرة من متاجر متعددة لعرض تصاميمي هناك، والتي لا تلبث أن تباع»، بينما تعرض خميس تصاميمها في متجر «تايغر ليلي» في «وافي سيتي» في دبي، مشيرة إلى أنها الآن أكثر ثقة بتقبل أعمالها في الشرق الأوسط. كما تستلهم خميس تصاميمها من كل شيء، كما أنها تعتقد بأن الموضة البريطانية أكثر عمقاً وتأثيراً من تلك الأميركية، «فاختلاف وتنوع الثقافات الشديدة في مدينة صغيرة مثل لندن يجبر الجاليات والثقافات المختلفة على الامتزاج مع بعضها البعض في زحام الحياة، ما كون شكلاً وطابعاً خاصاً جداً للمدينة، وبالتالي خروج أسماء بريطانية مبدعة مثل ألكساندر ماكوين، وفيفيان ويستوود، وجون غاليانو، إضافة إلى الأميركي مارك جيكوبس، ذي الميول الأوروبية في التصميم الذي يتميزون بتصاميمهم ذات التأثير العميق والقوي»، بينما بينت أن هذا المزيج لم ينجح في أميركا، «حيث بقي تصنيف الجاليات والأعراق والأديان واضحاً هناك، رغم تنوع الجنسيات، إلا أن التمييز هناك كبير فلاتزال التصاميم باردة وبسيطة، وبالتالي لم يكن التأثر الفني بالمزيج العرقي واضحاً كما هو الحال في لندن، خصوصاً أنهم يفتقرون إلى التاريخ والحضارة هناك وبالتالي تشعر بذلك الانفصال عن الجذور واضحاً».
| تصاميم تجارية
لم تكن لميس خميس قادرة على أن تتماشى مع أسلوب ارتداء الملابس العام حولها، وكانت دائماً ما تظهر بشكل مختلف تماماً عن زملائها في العمل، بعد أن قررت العمل في شركة للإعلانات بهدف تمويل شغفها بالأزياء، ومع تميز تصاميمها الشخصية، حصلت خميس على عروض من متاجر متعددة في لندن رغبت في عرض تصاميمها للعامة، وعلى الرغم من أن موافقتها على تنفيذ تصاميم خاصة بالمتاجر كان أمراً ثانوياً لم تكن خميس تخطط له، إلا أنها فوجئت بالمبيعات السريعة للقطع المعروضة لها، والتي كانت تباع خلال أيام، أو ساعات في أحيان أخرى. ولما زادت الطلبات، كان على خميس ترك عملها النهاري، والتفرغ لحلمها، مطلقة في تلك الفترة علامتها التجارية «لميس خميس». ومع نجاح تصاميمها القليلة في المتاجر، اقترحت صديقة لخميس أن تبدأ ببيع تصاميمها في سوق «لندن بورتوبيللو» الشهير والأنيق، والواقع لدى بوابة منطقة نوتينغ هيل الراقية، إلا أنها لم تكن تتوقع أن تباع جميع تصاميمها بالكامل في اليوم الأول من عرضها، من قبل اثنتين من أشهر منسقات الأزياء في بريطانيا هما باتريشيا فيلد، ومسؤولة منسقات الأزياء في مجلة «فوغ» البريطانية، الأمر الذي كان له الأثر الكبير في التوريج لاسمها بين العاملات في عالم الموضة والأزياء، من منسقات للأزياء، ومصورين، ومديري متاجر، ومشاهير، وبرواج كبير على منطقة بيعها في «بورتوبيللو» أملاً في الحصول على آخر قطعها، بينما عرفت بابتكارها الرائج في فترات تسبق السوق بسنوات. |