<p align=right>الحب والتسامح يجعلان كلاً من الزوجين قادراً على تقبّل الماضي بكل أخطائه. فوتوز.كوم</p>

البوح بالعلاقات القديمة.. ثقة لا تـــــــخشى الماضي

غالباً ما يمر كثيرون، رجالاً ونساء، بعلاقات قبل الزواج، وسواء اقتصرت على التعارف السطحي، لفترة بسيطة، أو كانت مشروع حب لم يكتمل، فهي بلا شك تترك داخل الشخص ذكرى قد لا تعني شيئاً مهماً، ولكن لا يمكن تجاهلها.

وعندما يقبل المرء على الارتباط الرسمي يدخل في مرحلة جديدة من حياته تنسيه التجارب الفاشلة. ولكن تظل اسئلة كثيرة تراوده، ومنها هل تجب مصارحة الشريك بالعلاقات السابقة قبل الزواج ام بعده؟ وكيف يمكن ان تؤثر في الحياة الزوجية وعلى الثقة بين الطرفين؟ وهل المصارحة تزيد من الثقة ام تكون المغذي للشك في عقل الشريك؟

وتتباين الأجوبة، فبينما يرى أشخاص أن الماضي ملك لصاحبه فقط، وأن البوح به سيفتح باب الشك، يعتقد آخرون أن الزوج المحب (أو الزوجة) قادر على نسيان التجارب القديمة حتى مع أخطائها، وينصح متخصصون بضرورة التوافق الذي يكون نتيجة الصراحة والصدق، ويدل على ثقة الزوجين في حياتهما الجديدة.

ولم تواجه أم راني، (عراقية) أي مشكلة في الحديث مع زوجها عن التجارب السابقة التي مرت بها، إذ تقول «اتمتع بشخصية منفتحة، ولا احب ان أخفي اموراً أقتنع بها، لذا اخبرت زوجي عن التجارب السابقة التي مررت بها».

وتابعت «شخصياً كنت اريد الصراحة قبل الزواج، لأني لا احب المغامرة والوصول الى نتائج غير مرغوب فيها بعد الزواج، لذا في المقابل ايضاً طلبت من زوجي ان يصارحني في وقتها وقد فعل ذلك».

ولم ترَ أن هذه الصراحة أدت الى مشكلات في الحياة الزوجية، وتقول «لا أمر اليوم بأي نوع من المشكلات مع زوجي بسبب هذا الأمر، اذ يمكن القول إنه في البداية كان هناك بعض الأمور غير الواضحة ربما بسبب صراحتي الزائدة لكننا تخطيناها مع الوقت».

وتختلف هنادي كامل (مصرية) مع أم راني بشأن الصراحة التامة قبل الزواج، وترى أنه «من الممكن ان تكون هناك صراحة، ولكن ليست تامة بل جزئية»، موضحة أن ما تعنيه بالصراحة الجزئية هو «عدم التعرض للتفاصيل»، معللة ذلك بأن «الغوص في التفاصيل عن العلاقة السابقة سيولد لدى الرجل الشك، وسيجعله يتخيل اموراً كثيرة قد لا يكون لها أساس من الصحة، لذا يجب الاختصار في هذه المسألة».

وتشير إلى ان المجتمع العربي يفرض على المرأة تقبل علاقات الرجل السابقة بكامل تفاصيلها، «لا بل إن فتيات يرغبن في الرجل ذي الماضي الغني بالتجارب لأنهن يعتبرن انها تجعله صاحب خبرة في الحياة الزوجية».

واعتبرت ان عدم مصارحة الزوج لزوجته بعلاقاته قبل الزواج «يجعل المرأة تخاف من وجود سبب لإخفاء زوجها لهذه العلاقة التي يفترض انها انتهت».

ويقول وائل سيف الدين، إن «الماضي للماضي، ولا حاجة لأن يخبر الرجل زوجته بالعلاقات السابقة»، ويحكي تجربته «لم أخبر زوجتي بالعلاقات التي عشتها قبل الزواج، فلماذا اسبب لها الألم، أو اجعلها تفكر في موضوع انتهى ومرت عليه سنون»، ويذكر أن زوجته حاولت ان تعرف منه عن علاقاته السابقة لكنه لم يخبرها شيئاً، ويضيف «كنت اهرب من الإجابة بالمزاح، وأحياناً كنت اشعر بأنها تغار من مجرد إخفائي لحقيقة الماضي، لكني اعرف اليوم ان عدم الغوص في التفاصيل هو الحل الأنسب كي تستمر العلاقة بنجاح، فقد اعتادت زوجتي عدم اجابتي، تعرف تماماً انه كان لي علاقات قبل الزواج ولا تعرف تفاصيل».

ولا يشاطر أبو محمد، سيف الدين، الرأي، اذ يقول «قبل ان أتزوج ارتبطت بفتاة وكانت تجربة فاشلة، واخبرت زوجتي بتفاصيل العلاقة، لأنني رأيت ان من الأفضل ان تعرف الأسباب التي ادت الى فشل العلاقة كي نتجنب تكرارها في علاقتنا»، معتبراً أن الصراحة المطلقة هي اساس نجاح العلاقة بين الزوجين.

ثقافة المحرّمات

ويرى رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة الشارقة، الدكتور أحمد العموش، أن «ثقافة المجتمع العربي قائمة على المحرمات، فالرجل لا يتقبل الحقيقة ومصارحة الزوجة لزوجها بتجارب عاشتها قبل الزواج، في حين ان الزوجة تتقبل الصراحة وتتعايش مع الواقع وتسامح، لأن المجتمع الشرقي ذكوري بامتياز».

وتابع «وهناك نوع من الرجال يصارحون زوجاتهم بالتجارب السابقة ويتباهون بها، كونهم يعتبرون هذه العلاقات دليلاً على الرجولية»، لافتاً إلى أن «طبيعة الحياة الشرقية التي تعيشها المرأة توجب عليها عدم المصارحة بعلاقات ما قبل الزواج حتى وإن كانت علاقات بسيطة وسطحية، على الرغم من اهمية الصراحة في هذه الأمور».

وأشار العموش الى «تعرض المرأة لضغوط كثيرة بسبب هذه العلاقات السابقة، والتي وصلت في بعض الحالات الى تعرض الفتاة لجرائم شرف، وهذا الذي يسبب لدى الفتيات خوفاً من عواقب علاقات مهما كانت بريئة»، معتبراً أنه توجد «ازدواجية في المعايير الاجتماعية في المجتمع الشرقي، اذ يمكن ان يصارح الرجل زوجته بما مر به من تجارب وهي تتفهم وتتقبل ذلك، في حين ان المرأة تكون الضحية دائماً في هذه العلاقات، فحتى صراحتها في العلاقات الفاشلة تستغل اجتماعياً ضدها».

ونصح بضرورة البحث عن «التوافق قبل مرحلة الزواج، حيث يمكن ان يتعرف الشريكان على بعضهما بعضاً قبل ان يتزوجا ولكن شرط ان تكون المعرفة خاضعة لرقابة الأهل وبعلمهم، من دون ان تتسم بالطيش والتهور لأن ذلك من شأنه ان يقلل من نسبة ان تكون الفتاة الضحية».

صراحة وصدق

وقالت عالمة النفس، ليلى يزيدي، إن «الراحة النفسية في العلاقة تأتي من خلال الصراحة، لأن الصدق هو المبدأ الأساسي لتكوين أي علاقة ناجحة». وأسفت على «عدم وجود الصراحة المطلقة في كثير من العلاقات».

وشددت على «اهمية احترام الحرية الشخصية التي هي ثمينة ومهمة، ولكن في المقابل ان يبدأ كل من الطرفين حياة جديدة، من دون ان يؤثر الماضي في العلاقة الحالية او المستقبلية».

وأوضحت ان «الهفوات التي تكون في حياة الشخص من السهل ان يغفرها الطرف الآخر، طالما ان هناك حباً يجمع بين الطرفين، وإرادة مشتركة لعيش حياة قائمة على التوافق».

ونصحت بوجوب ان تتم المصارحة قبل الزواج؛ لأن اكتشاف الزوج او الزوجة لأي من هذه الأمور بعد الارتباط يؤدي الى عواقب نفسية كثيرة. ومنها حسب يزيدي «ان يصاب المرء بخيبة الأمل، وكلما كان الحب أقوى، وكذلك كلما كانت العلاقة مدتها أطول فهذا يؤدي الى صدمة اكبر، قد تفوق خيبة الأمل لتصل عند بعض الأشخاص الى الإحباط، ويمكن ان يلجأ بعضهم الى محاولة الانتحار».

ودعت الطرفين في حال اكتشف أحدهما عن طريق المصادفة هذه العلاقات السابقة «بوجوب تحلي كل من الطرفين بالتسامح والحب والصداقة، لأن ذلك من شأنه ان يعزّز القدرة على المغفرة والنسيان».

تحت عين الأهل
اتفق كل من أستاذ علم الاجتماع احمد العموش، وعالمة النفس ليلى يزيدي، على ان العلاقات التي تتم تحت اشراف الأهل هي الأفضل للشباب والشابات كونها تجنبهم من الوقوع في الخطأ، بالإضافة الى انها تكون مقبولة اجتماعياً وتخفف من التعامل مع الفتاة على انها الضحية، وكذلك تعزز من خبرة الشبان والفتيات بعيداً عن التهور حتى ولو فشلت العلاقة

الأكثر مشاركة