<p align=right><font size=1>البستكي تعكف على رسم أحد التصميمات.</font></p>

البستكي: المحلية بوابة العــالمية

تمثل تجربة مصممة الازياء الامارتية رانية البستكي، تأكيد أن المحلية هي البوابة الاوسع للعالمية، وأن التمسك بالتراث والخصوصية الثقافية والحضارية، لا يعيق الانتشار العالمي والوصول الى أعلى درجات الشهرة. ولعل مهرجان الشرق الاوسط السينمائي الذي اختتمت فعالياته أخيرا في ابوظبي، جاء تأكيدا لهذه الفكرة ولقناعات البستكي التي اختارت النجمه العالمية سوزان سراندون أحد تصاميمها لتلقي فيه كلمة خلال المهرجان، أمام عدسات مصورين يمثلون أهم المؤسسات الإعلامية العالمية. ولم يقتصر الأمر على سراندون، بل انهالت الطلبات على تصاميم البستكي من قبل نجمات عالميات كثر، مثل جين فوندا، والفرنسية كارول بوكيه، وبطلة آخر أفلام جيمس بوند الفرنسية إيفا غرين، بالإضافة إلى العارضة السويسرية ماريا دولوريس ديغيز خطيبة الممثل البريطاني جوزيف فينيس. الجميع كان يرغب في تصاميم البستكي التي تعبر عن هوية الامارات، بحرفية عالية وجودة في الإنجاز، و ترف في التطريز والمشغولات والألوان.

وقالت البستكي التي تعد واحدة من المصممات الأوائل اللاتي بدأن حياتهن في إنجاز الاثواب التقليدية وتصميمها والتي تحمل الخصوصية التراثية للخليج بصورة عامة والامارات بشكل خاص «شهدت حقبة التسعينات ومنتصفها جملة من التطورات والمتغيرات الثقافية والاجتماعية في كثير من الدول العربية ومنها الإمارات، وكانت ثقافة الجينز والوجبات السريعة تفرض نفسها على ثقافة الحياة اليومية، في ذلك الوقت، ووسط هذه التحديات بدأت التفكير في تحويل ميولي وشغفي بالأزياء الإماراتية التقليدية إلى حرفة حقيقية».

«زفافي من تصميمي»

وأضافت البستكي التي ظهرت علاقتها بالازياء والفن بصورة عامة منذ نعومة أظفارها «كنت أملأ جدران المنزل برسومي الطفولية، بالإضافة إلى المشغولات اليدوية والتحف. وفي مرحلة لاحقة بدأت أصمم ملابسي بنفسي، وخصوصا فترة المراهقة مدفوعة بموهبتي وميلي الدائم إلى الاختلاف والتميز عن قريناتي، حتى انني قمت بتصميم فستان زفافي بالإضافة إلى الكوشة والزينة وكل ما يتعلق بالحفل».

ومن مملكة البحرين التي انتقلت إليها البستكي بعد الزواج، لأسباب خاصة بعمل زوجها، بدأت خطواتها العملية الاولى في عالم تصميم الأزياء، متحدية ظروف اختلاف الحياة ونمط العيش، والفترات التي كانت تقضيها وحيدة بسبب انشغال الزوج في أعماله. وكانت الخطوات الاولى في انجاز تصاميم لأفراد العائلة الذين لعبوا دورا ملموسا في دعمها وتشجيعها. وقالت لـ«الامارات اليوم»: «الاهل والأقرباء شجعوني كثيرا على بدء العمل وتوسيع دائرته وجعله أكثر حرفية و تأسيس دار أزياء خاصة، ولكنني كنت مسكونة برغبة في ان تكون انطلاقتي الحقيقية من بلدي الإمارات، وتحديدا من أبوظبي، حيث انتقلت إلى الإمارات بعد أن شجعني زوجي على قرار افتتاحي داري الخاصة، ولم يدخر الوقت للانتقال بين الإمارات والبحرين، والتزمت بالتأسيس لمشروعي الوليد».

«عتيج الصوف»

وأضافت «تخصصت منذ البداية في الأزياء والتصاميم الإماراتية التقليدية، ولذلك اطلقت على دار الازياء اسم «عتيج الصوف»، وعملت بكثير من الجهد والتركيز على استنباط التراث والعناصر التقليدية وتوظيفها في تصاميمي، على الرغم من أن العالم ودور الازياء الأخرى كانت تصبّ جهودها في انجاز التصاميم الحديثة المنسجمه مع العصر، وخصوصا الجينز و«التيك أواي». ولعل عدم اهتمامي بمثل هذه الامر خلق لدي التميز والاختلاف الذي كنت انشده وأسعى إليه»، مشيرة إلى أنها ومع انطلاقها استطاعت جذب النساء إلى ارتداء الأثواب الخليجية التقليدية، ولاسيما في المناسبات الخاصة، من زفاف وأعياد، وفي شهر رمضان الذي تكثر فيه الدعوات الرمضانية، وتميل النساء إلى الملابس التقليدية المحتشمة».

تمسّك وإصرار

وعلى الرغم من تمسكها بتصميم الاثواب التراثية و التقليدية، فإنها استطاعت مغايرة المألوف والسائد، من خلال تطوير فكرة الثوب التقليدي، من دون الخروج عن تقنيات التطريز والمشغولات التقليدية، التي ميّزت تصاميمها وأعطتها طابعها وروحها الخاصة، سواء ذلك عبر الشكل أو الإكسسوارات، والبعد دائما عن التقنيات الغربية في التطريز أو التزيين. وأوضحت البستكي « هناك فقر وشح شديدان في التركيز على ماضينا وتراثنا وأزيائنا المعروفة بغناها وترفها، على مستويي الشكل والخامة، وهو ما ألمسه يوميا في أسواقنا وفي دور الأزياء التي تنتشر في أماكن عدة من الإمارات». وتلوم البستكي الإعلام العربي «الذي يحرص على الترويج لكل مايقدمه الغرب، من دون وعي منا بما يجب أن نتمسك به أو نحرص على الترويج له. ولعل اندهاش فنانات هوليوود بالتصاميم الإماراتية التقليدية، دليل على ان الآخر لا يعرفنا وليس لدينا الادوات الكافية لعرض ثقافتا وخصوصيتنا».

مشاركات

وعلى الرغم من انطلاقتها الإماراتية، فإن البستكي تأسف، «أن هذه الانطلاقة لم توجه وتدعم من قبل الجهات المعنية محليا، لا بل قوبلت في احيان كثيرة بالتجاهل، خصوصا أن الأحداث والفعاليات المحلية المتعلقة بالموضة والازياء، كانت ولا تزال، تستقطب المواهب من الخارج، بالإضافة الى الاسماء المعروفة والترويج لتصاميمهم وأزيائهم، بينما نقابل نحن بالعجرفة وطلب مبالغ طائلة للمشاركة، فيما كان حري بهم دعم المواهب الإماراتية والترويج لها، هذا الأمر جعلني أطلق أولى مجموعاتي، من العاصمة اللبنانية بيروت في عرض حمل عنوان (ليلة خليجية)».

روما

وعلى الرغم من التجاهل المحلي الذي أشارت إليه لم تستسلم البستكي، بل اصرت على فرض اسمها وحضورها والمشاركة في غالبية الاحداث المحلية المتخصصة في الازياء، حيث شاركت بعد عرضها الأول، في معرض «العروس»، في مدينة العين، أبوظبي، قبل أن تأتيها دعوة غير متوقعة من أسبوع روما للأزياء الذي يعدّ واحدا من أبرز الاحداث العالمية في هذا المجال. وأشارت إلى أنه وعلى الرغم من أهمية الحدث الذي يمكن من خلاله وضع اسم الامارات على خارطة عروض الازياء العالمية، فإنها لم تجد من يعينها ويدعمها وقوبلت «برفض تام من الجميع». وأوضحت «قررت بعد هذا التجاهل الذهاب بمفردي وعلى نفقتي الخاصة، وعلى الرغم من خوفي وقلقي، واستخفاف الكثيرين بما يمكنني تحقيقه بتصاميمي التراثية، فإنني استطعت أن أحصد نجاحا وتقديرا متميزا بين أسماء وتجارب عالمية شاركت في هذا الحدث».

بعد نجاحها في البحرين، وترويجها للأزياء الإماراتية التقليدية في محفل دولي مهم، جاء تكريم البستكي من جهة لم تكن تتوقعها، حيث كرمتها حرم ملك البحرين، وتمت دعوتها إلى المشاركة في فعالية ضمت مجموعة من مصممات الازياء، تحت عنوان «مصممات مبدعات». ثم شاركت في عرض أزياء خليجي، في مهرجان مصر السينمائي الدولي، وتم تكريمها من إدارة المهرجان».

الأكثر مشاركة