«تشابك» حوار إبداعي بين رواد وشباب في مدينة إكسبو دبي
عبر الممرات التصاعدية في البناء الذي يجمع بين الحداثة والأصالة، تحول جناح المغرب في مدينة إكسبو دبي إلى «بيت الفن»، الذي يحتضن مجموعة كبيرة من الفنانين من الإمارات والخليج العربي، ويؤسس «بيت الفن» حواراً فنياً يجمع بين جيل الرواد والشباب، إذ يتضمّن معرضاً دائماً للفنانة نجاة مكة، فيما حملت الغرف المتعددة العديد من التجارب الفنية الشابة، لاسيما التي تستلهم من التراث المحلي.
يحتضن «بيت الفن» معرضاً فنياً يحمل عنوان «تشابك»، للتعبير عن جمع عدد من الفنانين من أجيال متعددة، وكذلك من المصممين المعاصرين الذين يستلهمون قطعهم من التراث الفني، ليصنعوا لوحة مشتركة تجمع بين الذاكرة والانتماء، حيث تتحول المواد إلى روح والإيماءة إلى قصة.
فيض من المشاعر
ومن المعارض الدائمة الموجودة معرض الفنانة نجاة مكي، التي تعد من رواد الحركة الفنية في الإمارات، ويضم لوحات تعكس تجربتها الفنية الممتدة على عشرات السنوات، ويعكس أسلوبها التجريدي الشعري، الذي يكرس اللون من أجل تقديم فيض من المشاعر المرتبطة بالذاكرة، وكذلك بالمكان كالصحراء والبحر، وعن معرضها الدائم، تحدثت الفنانة نجاة مكي لـ«الإمارات اليوم» قائلة: «أُقدم أعمالاً تعود لبداية تجربتي الفنية وتتدرج عبر السنين لتصل إلى آخر إنتاجاتي، وهذه المبادرة تصب في خدمة الثقافة الفنية، فهي تسهم في جمع عدد من الفنانين في مكان واحد على اختلاف الأنماط الفنية وكذلك الثقافات»، ولفتت إلى أن أهمية المبادرة تكمن في عرض أعمال الفنانين الشباب أيضاً، الذين يقدمون رؤيتهم الخاصة بالفن من وجهة نظرهم، والتي يستخدمون فيها التكنولوجيا الحديثة، موضحة أن هذا يوجِد حواراً بين أجيال من الفنانين، وكذلك حواراً مع الجمهور، لأن مدينة إكسبو أصبحت منصة تتوجه للعالم، ومن خلالها يصل صوت الفن إلى عامة الناس، وأشارت إلى أنها ستقوم بين الفترة والأخرى بالتجديد في المعرض الدائم، والتغيير في الأعمال الفنية المعروضة.
نجم سهيل
من جهته قدم الفنان ناصر نصرالله قصة نجم سهيل في معرض خاص، عمل فيه على «الأنيميشين»، مقدماً الأسطورة الخاصة بنجم سهيل الذي قتل نجماً آخر يسمى «نعش»، وكان لديه سبع بنات، واللائي أقسمن على أخذ الثأر، وانقسمن، وهن يمثلن النجوم التي تُعرف بنجوم الدب القطبي الأكبر والأصغر، وهذه القصة موروث عربي قديم لمعرفة دخول موسم الشتاء، وقال: «جسدتُ الأسطورة بتقديم جميع الشخصيات بحركات خفيفة، بينما تم التنويع في أزياء الشخصيات تبعاً للبلد الذي يظهر فيه النجم، ولهذا ظهرت ملابس من اليمن وبلاد الشام»، وأكد أن قاعة المعرض الخاص به، تشهد تعاوناً مع سينما عقيل، حيث سيتم عرض أفلام مدة سنة كاملة، معبراً عن سعادته بالمبادرة، ومتأملاً أن تستمر وأن تجذب المزيد من التجارب الفنية.
خط زمني
وتحت عنوان «مسار» قدّم الفنان خالد البنا معرضه الذي يجمع بين عدد من المنحوتات وجدارية، ولفت إلى أن العنوان «مسار» يرمز إلى الخط الزمني الذي استلهم منه أعماله، وهي فترة السبعينات والثمانينات، مشيراً إلى أنه استحضر من تلك الفترة العديد من التركيبات التي عمل على إعادة تشكيلها بهدف خلق تشكيلات جديدة تنتمي للواقع، وقال: «إن المنحوتات تحمل الكثير من العناصر التي تأثرتُ بها، وكانت محفورة في الذاكرة، ولاسيما الأشكال الهندسية التي تعود للبيوت القديمة، فضلاً عن أشكال الطيور والحيوانات»، أما الجدارية فأكد أنها تروي قصة لفترة من الزمن، فهي تشكلت من الحنين للماضي، ولكنها تُعيد تشكيل الزمن بأسلوب يعكس الماضي ويواكب الحاضر، مشدداً على أن «بيت الفن» مبادرة تثري الحركة التشكيلية في دبي.
نشاط الأرشفة
أما القيّمة الفنية في منصة «دروازة»، حصة النعيمي، فلفتت إلى أن المعرض يضم أعمال خمسة فنانين من الإمارات والخليج، وهم المها جارالله، شيخة الكتبي، صفية البلوشي من الإمارات، وناصر الزياني من البحرين، ودانة التركي من السعودية، ولفتت إلى أن المعرض ينظر في نشاط الأرشفة، موضحة أن الفنانة دانة التركي على سبيل المثال وظفت صور العائلة للتعبير عن الماضي وكيفية تثبيت الذكريات، بينما قدّمت المها جارالله مفهوم العائلة أيضاً، وإنما من خلال الكرسي وكيف استخدمته العائلة، وأشارت النعيمي إلى أن مدة المعرض سنة، وسيتم بعد ستة شهور تغيير مجموعة من الأعمال المعروضة، موضحة أن بيت الفن يسهم في تحقيق أهداف المنصة والمتمثل في دعم الفنان الخليجي وفي تسليط الضوء على أهمية الأرشفة.
أما الفنانة البحرينية غادة خنجي، فقدمت عملاً تركيبياً، بعنوان «بابا وماما» والذي عرضت فيه شكل الشراع الخاص بالسفينة، والمنقسم إلى قسمين الأبيض والأسود، مشيرة إلى أن القسم الأبيض هو من قماش مجموعة من الكنادير التي جمعتها من أفراد العائلة، بينما الأسود من أقمشة العباءات، مستخدمة التطريز الذي يحمل الجانب الأنثوي وكذلك اللؤلؤ للدلالة على التجارة البحرينية، وقالت: «أهتم بإعادة التدوير في الفن، وإبراز الجانب الأنثوي والذكوري في الحياة، وهذا المعرض يشكّل تجربة مميزة لأنه يجمع أنماطاً فنية متعددة من دول الخليج».
حوار فني
تحدثت القيّمة على «بيت الفن» ومعارضه وبرامجه، مها أبوالهول، قائلة: «يتضمن 15 غرفة، ويشارك في الدورة الأولى 18 فناناً، وستكون هناك معارض متجددة باستمرار، وتم جمع الفنانين من دول الخليج ومن أنماط فنية متنوعة، وقد أصبح بيتاً خليجياً، وهذا أوجد حواراً مميزاً بين الجميع»، وأكدت أن اختيار الفنانين أتى تبعاً للأعمال التي تحاكي المشاعر بالدرجة الأولى، ولهذا تم اختيار هذه الأسماء، موضحة أن بيت الفن سيتوسع من ناحية البرامج والفعاليات، وأكدت أنه تم اختيار جناح المغرب، بسبب هندسته المعمارية المكونة من طبقات، وكونه من المباني الدائمة التي تتماشى مع درجة الحرارة والرطوبة، فهو مكان مناسب بطوابقه المتعددة وغرفه الكثيرة، إذ يمكن رؤية الفعاليات من أي مكان. وشددت أبوالهول على أهمية التعاون بين مدينة إكسبو وهيئة الثقافة والفنون في دبي، مشيرة إلى أنه تم توقيع اتفاقية تعاون مع الهيئة، وهناك اهتمام كبير من قبلهم بالمشاريع التي تُطرح، ويتم العمل عليها كفريق واحد.