فعاليات الملتقى تشهد إقبالاً واسعاً من الجمهور والمختصين. وام

«ملتقى الراوي».. منصة معرفية للتراث الشفاهي وأدب الرحلات

يشكل «ملتقى الشارقة الدولي للراوي»، الذي ينظمه معهد الشارقة للتراث، في دورته الـ25، منصة معرفية تجمع باحثين وعلماء من مختلف الدول، في إطار بحثٍ وحوارٍ ثري حول التراث الشفاهي وأدب الرحلات العربية.

وتشهد الفعاليات إقبالاً واسعاً من الجمهور الذي حرص على متابعة الجلسات والمشاركة في الفعاليات وورش العمل المختلفة، كما ناقش الباحثون من خلال أوراق علمية وجلسات حوارية موسعة أبعاد الرحلة في التاريخ والثقافة العربية، مسلطين الضوء على الدور الإنساني والمعرفي للرحّالة في نقل التجارب وتبادل الثقافات.

ومن الجلسات المهمة التي شهدها الملتقى الذي يحتفي بيوبيله الفضي «حكايات الرحالة»، جلسة «رحلة في الذاكرة والسرد»، شارك فيها رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، محمد المر، الذي تحدث خلالها عن تجربته الطويلة مع أدب الرحلات، مؤكداً أن ما يقدمه لا يقوم على مجرد الوصف أو السرد السياحي، بل يعد انعكاساً لانطباعاته الخاصة وتفاعلاته الإنسانية مع الأمكنة.

وأوضح أن أسلوبه في التدوين أقرب إلى اليوميات التي تسجل خواطره وحالاته النفسية، معتبراً أن أدب الرحلات الراقي يجمع بين السيرة الذاتية والقصصية، مضيفاً أن التصوير الفوتوغرافي فن موازٍ للكتابة، لكنه لا يغني عنها وهو يتعامل معه بشغف يقوم على احترام الإنسان، وعدم تصوير الأشخاص دون استئذان.

ولفت المر إلى أن المكان الواحد قد يلهم قراءات متباينة تبعاً لخلفية الكاتب، موضحاً أنه لا يذهب برحلاته محملاً بأفكار مسبقة، بل يترك لنفسه حرية الدهشة والتعاطف مع الشعوب، وفي مقارنته بين أدب الرحلات وصناعة المحتوى المرئي عبر المنصات الرقمية، أوضح المر أن معظم المدونين يكتفون بالتصوير السطحي للأماكن، بينما القلة فقط تضيف قيمة ثقافية تعكس حضارة الشعوب وفنونها، ووقّع المر خلال الحدث على كتبه الثلاثة في أدب الرحلات، وهي «حول العالم في 22 يوماً»، و«زنجبار الجميلة» و«مدغشقر سواحل وقوارب».

وزير الثقافة في جمهورية المالديف، آدم ناصر، ألقى الضوء على التأثير العميق للغة العربية في تشكيل لغة بلاده الأم «الديفيهي»، موضحاً أن التراث العربي أسهم بشكل محوري في بناء مفردات «الديفيهي» وهياكلها النحوية التي مازالت مستخدمة حتى اليوم، ما يعكس صلة ثقافية ممتدة لقرون بين المالديف والعالم العربي.

وخلال مخاطبته جمهوراً من الكتاب والعلماء والمهتمين بالثقافة، استعرض الوزير التفاعلات التاريخية بين المالديف والدول العربية، مشيراً إلى أن التجارة والدين والسفر أسهمت في إدخال العديد من الكلمات والعبارات العربية إلى «الديفيهي».

ونوه بأن «العربية» ليست مجرد لغة دين، بل جسر يربط ثقافتنا وتقاليدنا بالتراث العربي الأوسع، داعياً الجيل الجديد إلى الحفاظ على هذا الإرث اللغوي.

وفي جلسة بعنوان «مدن الإمارات والخليج العربي في كتابات الرحالة والجغرافيين»، قدمت أوراق بحثية تناولت دور الرحالة والجغرافيين في توثيق المدن والموانئ الإماراتية، وسلط طلال الرميضي الضوء على رحلة رئيس البعثة الكويتية للأمم المتحدة، محمد جاسم السداح، إلى الإمارات وقطر عام 1958، إضافة إلى ملاحظات عن التعليم والمؤسسات الناشئة في الشارقة، ودور التعاون الكويتي في ترسيخ الروابط الثقافية.

وتناولت ورقة وفاء سالم الحشيمي، سيرة ابن جبير الأندلسي ورحلات الحج في القرنين السادس والسابع الهجريين، مركزة على التوثيق العمراني والاجتماعي ومشاهده للحياة الاقتصادية والثقافية، مما جعل كتابه مرجعاً أساسياً للباحثين.

وقدمت فاطمة المزروعي ورقة بعنوان «الظفرة بين التاريخ والأدب»، استعرضت فيها جهود علي الكندي المرر في توثيق تاريخ الظفرة وطرقها الصحراوية ومواردها المائية، والشعر الشعبي الذي حفظ أسماء المواقع، وتناول الدكتور سالم الطنيجي في ورقته البحثية وصف المدن الإماراتية عبر كتابات أربعة رحالة من القرن الثالث إلى السابع الهجري، مؤكداً الدور الحيوي لسواحل الإمارات كمراكز مؤثرة في التواصل الحضاري.

محمد المر:

• المكان الواحد يلهم بقراءات متباينة تبعاً لخلفية الكاتب، وأنا لا أذهب برحلاتي محمَّلاً بأفكار مسبقة، بل أترك لنفسي حرية الدهشة.

آدم ناصر:

• التراث العربي أسهم بشكل محوري في بناء مفردات لغة «الديفيهي» وهياكلها النحوية التي مازالت مستخدمة حتى اليوم.

الأكثر مشاركة