البتراء الأثرية: المرشدون السياحيون فقدوا رزقهم.. والحمير والبغال تتضور جوعاً

فقد مئات الأردنيين من أصحاب الحيوانات الناقلة للسياح في البتراء الشهيرة مصدر دخلهم الرئيسي إثر توقف السياحة لأكثر من عام بسبب جائحة كوفيد-19، وبات يتعذر عليهم إطعام عشرات الحمير والبغال والخيول المتضورة جوعا.
ويقف عبد الرحمن علي (15 عاما) في عيادة بيطرية بالقرب من المدينة الوردية المنحوتة في الصخر في جنوب الأردن منتظرا الحصول على علف مجاني لحماريه، إذ بالكاد يستطيع إطعامهما مع توقف السياحة في المدينة الأثرية (230 كلم جنوب عمان).
ويقول الفتى الأسمر البشوش الذي ارتدى قميصا أزرق وبنطالا زيتي اللون وقبعة زرقاء لفرانس برس «قبل كورونا لم يكن أحد دون عمل، البدو في البتراء كانوا يحصلون على النقود ويطعمون حيواناتهم. لكن مع كورونا أصبحنا مضطرين لأن نأتي الى هذه العيادة للحصول على علف وعلاج مجانا».
وتضم العيادة التي أسستها منظمة «بيتا» الأميركية غير الربحية في قرية أم صيحون بالقرب من البتراء اسطبلا لمبيت الخيول والحمير والبغال التي تحتاج الى رعاية.
ففي نوفمبر 2019، احتفلت البتراء بالزائر رقم مليون في عام، فيما انخفض عدد زوار البتراء عام 2020 الى ربع مليون بسبب القيود المفروضة لاحتواء أزمة كوفيد-19 وتداعيات الوباء على الاقتصاد.
ويزور المدينة بين 150 الى 200 سائح في اليوم الواحد مقارنة بأكثر من 3000 عام 2019، وفقا لرئيس سلطة إقليم البتراء سليمان الفرجات.
ويضيف «نحو 80% من سكان إقليم البتراء (نحو 35 ألفا) كانوا قبل الجائحة يعتمدون بطريقة مباشرة او غير مباشرة على السياحة كمصدر دخل ثابت لهم وتوقف هذا الدخل مع توقف السياحة».
وهناك نحو 200 دليل سياحي من أبناء البتراء، ويستفيد نحو أربعة آلاف شخص من نقل السياح بواسطة 700 الى 800 من الحمير والبغال والجمال والخيول.
ويقول عبد الرحمن «في الأيام الجيدة كنت أحصل يوميا على ما بين 100 إلى 200 دينار (140 الى 280 دولارا)، أما الأيام الضعيفة ف20 دينارا (28 دولارا) بالكاد تكفي لشراء الشعير».
ويقول الفرجات «ليس أصحاب الحيوانات فقط من تضرّر إنما أيضا أصحاب الفنادق والمطاعم ومحلات بيع التحف الشرقية حيث فقد مئات الموظفين عملهم».
وضربت جائحة كورونا قطاع السياحة الأردني الذي كان يساهم بين 12 الى 14 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وانخفض الدخل السياحي من 5,8 مليار دولار عام 2019 الى مليار واحد عام 2020، وفقا للأرقام الرسمية.
عند باب العيادة الحديدي الكبير، وقف أيضا محمد البدول (23 عاما) مع حماره، وقد ارتدى زيا عربيا بني اللون وسترة عسكرية وطاقية سوداء. ويقول «قبل كورونا، كان لدي وأسرتي سبعة حمير ونشتغل في البتراء. الآن لدينا فقط حمار واحد بالكاد أستطيع إطعامه».
ويشير الى أن عدد أفراد أسرته سبعة، ويعمل هو وأشقاؤه الثلاثة وهم أصغر منه سنا.
وتقدّم عيادة «بيتا» الرعاية للحيوانات العاملة خصوصا تلك التي تعاني اوضاعا صحية سيئة نتيجة سوء تغذية.
ويقول جراح الخيول المصري حسن شطة الذي يدير العيادة التي افتتحت في يناير 2020 «الناس هنا يعتمدون على حيواناتهم للعمل في السياحة، ومع توقفها فقدوا مصدر دخلهم فلم تعد لديهم القدرة على رعايتها واطعامها».
ويوضح شطة أنه منذ نحو 8 أشهر «بدأنا نرى حالات سوء تغذية كثيرة ونرى حميرا وخيولا نحيلة جدا. دفعنا هذا الى إطلاق برنامج تغذية لدعم الحمير والخيول والجمال والبغال».
وتستقبل العيادة وهي الوحيدة العاملة والمجانية حاليا ما بين 10 الى 15 حالة يوميا، بحسب شطة.
ويشير الى أن البرنامج «أنقذ نحو 250 حيوانا خلال فترة توقف السياحة، لأن الناس ليس لديهم القدرة المادية على إطعام أو علاج حيواناتهم».
ويروي شطة بينما يعاين جرحا في ساق فرس رمادية تدعى «سلوى»، أن البرنامج استطاع متابعة حالات كانت تعاني نتيجة الجوع وأحضرت الى العيادة وقُدِّم لها الغذاء والماء والعلاج اللازم فتعافت.
وتعالج العيادة بالإضافة الى سوء التغذية، الجروح الناجمة عن السرج، أو السقوط أو إساءة المعاملة.
ويؤكد الفرجات أن هناك مشروعا لاستبدال الرواحل بسيارات كهربائية.
ويتحدث عن مشروع ل«تشغيل 20 سيارة كهربائية بحلول الأول من يوليو في البتراء، لتعود بالفائدة على أصحاب الرواحل». إذ سيوظف بعض هؤلاء لقيادة تلك السيارات. كما سيقتطع من قيمة تذكرة دخول السائح البالغة 50 دينارا (70 دولارا) ثمانية دنانير (11 دولارا) لأصحاب الرواحل.
وفي عام 2019، تجاوزت قيمة تذاكر الدخول الى البتراء 50 مليون دينار (70 مليون دولار).

 

الأكثر مشاركة