شخصيات كرتونية تتجول في القدس بلمسات مهندسة فلسطينية

يومياً، وعلى مدار أوقات مختلفة، تشق الشابة المقدسية أسيل أبورميلة طريقها داخل بلدات وأحياء مدينة القدس الشريف، متجولة بين الأسواق العتيقة والأزقة القديمة الضيقة، تلتقط بواسطة كاميراتها الشخصية عشرات الصور الفوتوغرافية للمعالم التاريخية داخلها، ولحياة السكان اليومية فيها.

فور الانتهاء من رحلة التصوير التي تستغرق ساعات عدة، تدمج المهندسة المعمارية أسيل (٢٨ عاماً) بأسلوبها الخاص في التصميم، بين الصور التي تعكس واقع الحياة للسكان المقدسيين بأدق تفاصيلها، ومجسمات لشخصيات كرتونية عالمية مشهورة.

هذه العملية الفنية تباشر في إنجازها المهندسة الفلسطينية، في إطار مبادرة فنية تقودها في مجال تصميم الغرافيك، من أجل نشر الرواية الفلسطينية المقدسية، بشكل مختلف عن الصورة التقليدية لواقع الفلسطينيين في ظل الاحتلال، ولإيصال تفاصيل الحياة اليومية في المدينة المقدسة على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، لمن يعيش خارج القدس سواء داخل فلسطين أو حول العالم، إذ تعرض جميع أعمالها على وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة.

باكورة

«سبايدر مان، بات مان، عدنان ولينا، الأسد الملك، سندريلا، روبانزل»، وعشرات الشخصيات الكرتونية المشهورة القديمة، استخدمتها المهندسة المعمارية المقدسية في تصميمات ومجسمات فنية جذابة استثنائية، لتركيبها على صور عدة لأزقة وحارات مدينة القدس الشريف.

وكشفت المهندسة أسيل أبورميلة لـ«الإمارات اليوم» عن أن أول عمل فني أنتجته كان لصور التقطتها لجدار الفصل العنصري، دمجت فيها مجسمات كرتونية مركبة، لشخصيات سوبر مان وبات مان.

وقالت إن «باكورة أعمالي الفنية انطلقت بعد تصميم لوحة لشخصية سوبر مان المشهور والمعروف بتسلقه الأماكن المرتفعة، فمن خلال شخصيته جسّدت مأساة المقدسيين، إذ كان يتسلق الجدار العازل المرتفع، الذي يقف الفلسطينيون أمامه غير قادرين على تجاوزه، بفعل ممارسات الاحتلال». وصممت المهندسة لوحة فنية أخرى عن معاناة الفلسطينيين عبر الحواجز والمعابر العسكرية، وتقييد الاحتلال لحرية حركتهم، إذ دمجت من خلالها شخصية «بات مان»، وهو يستقل سيارة أجرة، تحمل لوحة الضفة الغربية، بينما كانت تنتظر السماح لها بالمرور باتجاه مدينة القدس الشريف، عبر حاجز قلنديا وبوابة جدار الفصل.

جمال ومعاناة

وجدت أسيل أبورميلة في دمج شخصيات كرتونية شهيرة مع صور لأزقة القدس الضيقة، ومعالمها التاريخية، وسيلة لتظهر جمال المدينة المقدسة، بأسلوبها الخاص، وموهبتها في التصوير والتصميم، وكذلك للفت النظر إلى معاناة المقدسيين في مدينتهم، موضحة أن «الغالبية لا يعرفون تمام المعرفة الحقائق الكاملة عن المدينة المقدسة، ومعالمها التاريخية المتعددة، والمقدسات الإسلامية والمسيحية، كما تخفى عنهم مجريات الأحداث الجارية والمتتالية، وتفاصيل الحياة اليومية، وتقتصر معرفتهم على ما يشاهدونه ويعرض في نشرات الأخبار المتلفزة، التي لا تظهر المشاهد والملامح الجمالية لمدينة حائط البراق، وقبة الصخرة المشرفة».

وأضافت أن «جميع من تخفى عنه هذه الحقائق ليس من خارج الأراضي الفلسطينية فحسب، فأهل قطاع غزة ومناطق من الضفة الغربية يحرمون من دخول وزيارة المدينة المقدسة، بفعل ممارسات وقيود وإجراءات الاحتلال التعسفية».

الحواجز تعيق «سندريلا»

من بين الأعمال الفنية التي تنجزها أسيل، تصميم لشخصية سندريلا الكرتونية، إذ تظهر أمام أحد الحواجز العسكرية، وقد خسرت كل شيء أمام هذا الحاجز، لعدم تمكنها من الوصول إلى قصر الأمير في الوقت المحدد.

وعن حقيقة المعاني التي تحملها هذه اللوحة الفنية، قالت: «أردت إيصال ونشر حقيقة ما يجري من ممارسات ومعاناة على الحواجز العسكرية المنتشرة على مداخل مدينة القدس، فاخترت صورة التقطتها لحاجز قلنديا الفاصل بين المدينة المقدسة والضفة الغربية من جهة مدينة رام الله، ودمجتها بتصميم لشخصية سندريلا المشهورة، تقف مجردة من كل السحر الذي نعمت به».

وأكملت: «كانت أمام سندريلا ساعة محددة للوصول، وإذا لم تصل ستخسر كل شيء، ويظهر في التصميم أن الوقت تجاوز منتصف الليل، وهو ما يؤكد عدم نجاحها في المرور عبر الحاجز إلى الجهة الثانية».

وأشارت إلى أنها اختارت حاجز قلنديا العسكري، لأن الحواجز تعطل حياة سكان القدس، وتمنعهم من إنجاز أي شيء في الوقت المحدد، لافتة إلى أن هذا الحاجز يعيق حياة المقدسيين بشكل دائم وعميق.

تفاصيل الحياة اليومية

قالت المهندسة الشابة أسيل أبورميلة: «من خلال الصور والرسومات والتصاميم التي أنتجها، يتعرف كثيرون على مجريات الحياة اليومية لحظة بلحظة في المدينة المقدسة، بأسلوب رشيق ومشوق، بل وتجذبهم كل لوحة، لمشاهدة ومتابعة الأعمال الفنية المتتالية».

فور الانتهاء من رحلة التصوير تدمج أسيل بأسلوبها الخاص بين الصور والمجسمات.

«بات مان» يستقل سيارة تحمل لوحة الضفة الغربية، وتنتظر السماح لها بالعبور إلى القدس.

 

الأكثر مشاركة