إطلالات.. عابد فهد «الساحر» الذي صنعته قسوة الحياة

على امتداد أيام الشهر الفضيل، يتبارى نجوم الدراما في العالم العربي، ليس فقط في تقديم أهم الأدوار الفنية، بل وفي رهانات الاختلاف والتنوع في جذب جمهور الشاشة الفضية وعشاق الدراما كل عام، في الوقت الذي فرض فيه العزل المنزلي، بسبب انتشار فيروس «كورونا» المستجد، للمرة الأولى، ظروف متابعة استثنائية، ستوجه دفة الاهتمام والإقبال نحو الدراما العربية على وجه الخصوص، لتضاعف مشاهدات جميع الأعمال المتسابقة هذا العام، التي نقف اليوم على أبرز مميزاتها، وأكثر شخصياتها الفنية فرادة وخصوصية.

بموهبته الفنية الفذة، وقدرته على الإمساك بتفاصيل الشخصية الدرامية، يبدو أن الممثل السوري عابد فهد، شرع في حبس أنفاس الجمهور الذي يتابع على امتداد الشهر الفضيل، تفاصيل شخصية «مينا» في المسلسل الجديد «الساحر»، منحازاً هذه المرة نحو تجسيد شخصية الرجل الذي طحنته الشدائد وقسوة الحياة، لتسلمه إلى بر أمان «وهمي»: بلدة صغيرة في لبنان، ألقى فيها همومه وأحزانه، مندفعاً نحو توفير قوته اليومي عبر العمل منسقاً موسيقياً (دي جي) في أفراح ومناسبات، تقوده الصدف إلى لقاء «كارمن»، المرأة الغنية المخدوعة، التي تعاني أزمة شك مستمرة في زوجها المتحكم في تركة والدها، والطامع في مكانتيه الاجتماعية والسياسية.

تتوالى الأحداث وتتتابع تدريجياً، لتدفع البطلة «كارمن» في لحظة يأس عابرة، إلى منزل الغجرية «عزيزة» التي تلوذ بها لكشف الطالع، فيستقبلها «مينا»، ويبدأ معها سلسلة من التجارب والمغامرات التي ستحول لاحقاً مسار حياته، لتجعله «منجماً» و«ساحراً» يفتن القلوب ويخلب الأفئدة بكلامه الذي يرضي ضعف من يلتجئ إليه.

ألق التفاصيل

المتتبع لأداء فهد في هذا المسلسل، الذي كتبه حازم سليمان وأخرجه عابد فهد، يلاحظ الجهد الواضح الذي بذله فريق عمل المسلسل، سواء في صياغة ملامح شخصية البطل وعمقها الإنساني، أو حتى بعض تفاصيل مظهره الخارجي، في الوقت الذي تفرد الممثل السوري عابد فهد بتقديم إحدى أجمل الشخصيات الدرامية لهذا العام، من خلال قصة اجتماعية وترددات واقعية كشفت عن أزمة اللاجئين السوريين، وعدد من القضايا الإنسانية والاجتماعية والسياسية الأخرى، التي تفرد النجم في تجسيدها ببراعته المعتادة، وإن كان ذلك على حساب إطلالته في بعض المرات، خصوصاً في أعماله الأخيرة في الدراما اللبنانية، التي ظلت تعاني عدم توافق مستويات أدائه المتفوقة، مع مستوى الشخصيات النسائية المقابلة له في أدوار البطولة.

هوس

على صعيد آخر، يخوض النجم مغامرة درامية جديدة، من خلال إطلالة مختلفة عبر تطبيق رقمي، انفرد بعرض مسلسله الثاني «هوس»، عن نص لناديا الأحمر وإخراج لمحمد لطفي، تشاركه البطولة المغنية اللبنانية، هبة طوجي، في تجربتها التمثيلية الأولى، حيث يقدم فهد شخصية جراح تجميل تتعرض زوجته «راما» لحادث تدخل على إثره في غيوبة طويلة، ما يضعه في وضع نفسي معقد تتداخل فيه الأحداث، لتكشف عن الكثير من المفاجآت والتفاصيل المثيرة.

فيما يكشف فهد، عبر شخصية «زياد»، عن خط درامي فريد، يختلف شكلاً ومضموناً عن بقية أدواره السابقة، ويرتكز هذه المرة على مسارات نفسية شائكة، يراهن فيها النجم مجدداً على موهبته وقدرته على الولوج في أدق تفاصيل الشخصية وصراعاتها، إلى حدود التماهي الكلي معها وإقناع الجمهور.

«كادر خاص»

لا تغيب المأساة السورية عن تفاصيل أعمال عابد فهد هذا العام، وإن كان بشكل ضمني وغير مباشر، سواء عبر دوره في مسلسل «الساحر»، الذي يكشف فيه البطل عن بعض أوجه معاناته وشقيقه الأكبر ورحيلهما القصري عن بلدهما، عبر حوارات شخوص العمل أو «المونولوجات» الداخلية للبطل «مينا» في لحظات الشرود والتأمل، أو في مسلسل «هوس» الذي يكشف منذ الحلقة الأولى عن مبادرة تكريم خاصة يتلقاها البطل الطبيب (عابد فهد) من قبل جمعية طبية فرنسية، لقاء جهوده في ترميم وجه الطفلة السورية «فرح»، واستعادتها الأمل في الحياة بعد تجربتها الأليمة مع الحرب.

نجاحات

يطول الحديث عن قائمة الأعمال والمسلسلات التلفزيونية التي شارك فيها الفنان منذ انطلاقته أوائل الثمانينات، وحصد بها العديد من الجوائز، أبرزها ذهبية مهرجان قرطاج لأفضل ممثل عن شخصية الحجاج بن يوسف الثقفي، وذهبية مهرجان القاهرة عن أدائه لشخصية الظاهر بيبرس، وجائزة أفضل ممثل عربي في عام 2013، وجائزة «الموريكس» لأفضل ممثل عربي عن دوره في مسلسل «طريق»، وذلك بعد أن عرف الجمهور موهبته الفنية في سلسلة «مرايا»، للفنان السوري ياسر العظمة، قبل أن تتاح له فرصة العمل مع أغلب مخرجي الدراما السورية في عشرات المسلسلات الاجتماعية والتاريخية الناجحة.

مغامرة درامية جديدة بإطلالة مختلفة في «هوس».

الأكثر مشاركة