عامان في عشق قفازات الملاكمة والدفاع عن النفس

فهيمة فلكناز.. دخلت عالم الرياضة بـ «الضربة القاضية»

صورة

«عيب»، و«غير مقبول اجتماعياً»، و«لا يتماشى مع التقاليد الإماراتية»، كلمات وعبارات تقف أحياناً حائلاً أمام كثير من الفتيات في الإمارات، اللاتي يمارسن بعض الأنشطة الرياضية التي لايزال بعض المجتمع متحفظاً عليها، ولكن هناك القليل من الطيور التي تحاول أن تغرد في سربٍ مختلف، وتتمسك بهواياتها الرياضية. المواطنة فهيمة فلكناز اختارت عالم الملاكمة لتهب له حياتها، وخلال عامين استطاعت أن تمتلك المهارات التي تؤهلها للمشاركة في البطولات العالمية، لتمثل الإمارات في المحافل الرياضية الدولية.

منذ الصغر

تروي فهيمة فلكناز لـ«الإمارات اليوم» تفاصيل عن تجربتها في عالم الملاكمة، والتي تمتد إلى عامين، اكتسبت خلالهما كل المهارات اللازمة لتجعلها من أبرز الوجوه النسائية الخليجية التي تشارك في البطولات الدولية، والتي أهّلتها لتكون من أوائل الفتيات الإماراتيات في هذه الرياضة، قائلة: «منذ صغري يجذبني عالم الرياضة بكل فنونه، فانضممت إلى فريق ألعاب القوى، ثم كرة السلة، والطائرة، وتنس الريشة، وسجلت تميزاً على صعيد البطولات المدرسية، إلا أن ظروفاً خاصة حالت دون استمراري بشكل رسمي في الرياضة».

فلكناز التي جذبها عالم الملاكمة، بدأت هوايتها في عام ٢٠١٧ حين انضمت إلى حصص تدريبية جماعية، ومن ثم قررت البحث عن مدرب شخصي، عندما لاحظت أن مستواها في الملاكمة أصبح يتقدم كثيراً عن بقية زملائها في المجموعة.

بين التدريب والعمل

تضيف فلكناز أن عشقها للملاكمة، ورغبتها في الاستمرار بها كانا حافزاً، لتتعلم فن تقسيم الوقت بين الوظيفة صباحاً والتدرب مساء، مع جعل الملاكمة على قائمة أولوياتها، واستطاعت بمجهود ليس سهلاً تنظيم وقتها، والاستفادة من كل ثانية تمرّ عليها في يومها.

وكانت تحرص على التدريب يومياً لمدة ساعة، في نادي ريل بوكسينج أونلي بدبي، لكن ذلك، لاحقاً، كان يجيء على حساب واجباتها العائلية، فأحياناً كانت ظروف البطولات التي تشارك فيها تحرمها الاجتماعات العائلية.

مهارات

وعن أهم المهارات التي يحتاجها من يمارس رياضة الملاكمة، تذكر فلكناز أن «سرعة البديهة والقدرة والتحمل والقوة أهم مفاتيح الملاكم الجيد، بجانب التدريبات الذهنية التي تعتمد على الأرقام والألوان التي يتم اكتسابها بمرور الوقت».

وتعترف الملاكمة الإماراتية أن هواية الملاكمة انعكست على شخصيتها، وأسهمت في صقل مهاراتها الذهنية والأخلاقية، وعلمتها الصبر واحترام الذات والغير، وعززت بداخلها مبادئ المنافسة الشريفة، كما مكنتها من تطوير مهاراتها الاجتماعية، وتعزيز ثقتها بنفسها، إلى جانب رفع حس الالتزام بالمسؤولية، والتدريب، ووضع أهدافها نصب عينيها، فهي لعبة ذهنية تتطلب انسجاماً ما بين الجسم والفكر.

الجنس الناعم

تعترض فلكنازعلى تصنيف البعض للرياضات القتالية بأنها لا تصلح للجنس الناعم، وتؤثر سلباً في أنوثتهن قائلة: «رياضة الملاكمة لا تنتقص من أنوثة المرأة شيئاً، بل تكسبها هيبة، وتمنحها القوة والثبات والاتزان من خلال التدريبات الجسدية والذهنية، فعندما ننظر إلى الطيور الصغيرة وكم هي لطيفة، لكنها إذا أحست بأن هناك خطراً يقترب من أبنائها تتحول العصفورة الأم إلى وحش هائج يهابه المهاجم».

وتكمل: «هذه هي الحال عند الفتاة، فهي تحتاج أن تكون قوية وحكيمة في حال أحست بخطر يقترب منها، سواء كان خطراً مباشراً أو غير مباشر، لأنها ستستخدم عقلها قبل ردة فعل جسدها».

نظرة المجتمع

نظرة المحيطين بها لم تثنها عن ممارسة الرياضة التي تحبّ، وتضيف فلكناز أن البعض تعجَّب من رغبتها في احتراف هذه الرياضة التي يظن البعض أنها رجالية، ولا تصلح للنساء، ولكن إيمانها الشديد بأنها تمتلك المهارات التي تجعلها تتميز بها، دفعها إلى الاستمرار والمثابرة، وإحراز المزيد من الإنجازات التي تتمنى أن تضاف إلى رصيد الفتاة الإماراتية في عالم الرياضة غير التقليدية.

طموحات

تطمح فلكناز لتقديم أفضل ما عندها في مجال الملاكمة في السنوات المقبلة، من أجل رفع علم دولة الإمارات العربية المتحدة، و أن تنجح في مهمتها التي وهبت لها عمرها، وهي تحضير أجيال من الفتيات الإماراتيات للدخول في هذا المجال.

ودعت فلكناز«كل من يشعر بأنه يمتلك المهارات الكافية لخوض تجربة الملاكمة، أن يمارسها ليس بغرض المتابعة المهنية، ولكن من أجل اللياقة البدنية، والعيش في حالة لا يوفرها أي نوع آخر من الرياضة من الانسجام الجسدي والروحي»، متمنية أن تحفز تجربتها الكثيرات من بنات جيلها للاشتراك بلعبة الملاكمة، لحفر اسم بنات زايد في مجال رياضي جديد.

إنجازات

عن مشاركاتها الرياضية تشير فهيمة فلكناز، إلى أن آخر مشاركاتها كانت في بطولة آسيا للملاكمة في أبريل الماضي، ومن بعدها شاركت في البطولة الرمضانية للملاكمة في أبوظبي، التي استطعت خلالها حصد الميدالية الذهبية.

مضيفة أنها خلال مسيرتها الرياضية شاركت في إحدى بطولات نادي فتيات الشارقة في تنس الريشة، وحققت نجاحاً كبيراً، إلى جانب مشاركتها العام الماضي 2016 في سباق تحدي الوحل، إضافة إلى حصولها على العديد من الميداليات، أهمها ميدالية بطولة اليوم الوطني للإسكواش 2016، وميدالية ماراثون ستاندرد تشارترد في دبي عام 2003، ودرع نظير مشاركتها في تنس الطاولة عام 2005، كما فازت في 2019 بذهبية، في النسخة الـ23 من بطولة زايد الرياضية، التي ينظمها نادي ضباط القوات المسلحة.

«لم ألقِ بالاً لنظرات التعجّب والاستنكار، ووهبتُ للرياضة شبابي».

«أطمح بأن أسهم في تأسيس جيل من لاعبات الملاكمة الإماراتيات».

 

تويتر