محاضرات وتوقيع كتب وأنشطة متنوعة وسط ازدحام الزوار

أيام الشارقة التراثية..بحثٌ عن الكنوز الوفيرة

صورة

للمرة الثانية يشارك مركز التراث العربي في فعاليات أيام الشارقة التراثية، حيث يقدم العديد من الأنشطة والبرامج التي تلقى إقبالاً لافتاً من جمهور وزوار الأيام، منها مجلس الخبراء الذي يعرض الكثير من التجارب والخبرات والمحاضرات والجلسات التفاعلية حول موضوعات عدة ومتنوعة، وقاعة فيلمية، وجدارية تعرض عناصر التراث الثقافي «العربي» غير المادي المسجلة في قائمة اليونسكو. وقالت عائشة الحصان الشامسي، مدير مركز التراث العربي، إن «مشاركة المركز في الأيام جاءت من أجل المساهمة في تسليط الضوء على التراث الثقافي غير المادي، وفقاً لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة».

• معهد الشارقة للتراث قدم مبادرات فعالة لخدمة الموروث والحفاظ عليه.

• معروضات في الجناح اليمني يعود تاريخها لمئات السنين.

• توقيع كتب

وقّع الكاتب والباحث الأكاديمي، سيد محمد علي، ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية كتابه الحاصل على جائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي «النموذج الثقافي للموت والخلود الرمزي»، ويناقش الكتاب نظرية الخلود الرمزية وتفسير أبرز الاتجاهات للشعائر الجنائزية «شعائر الموت»، فضلاً عن اشتماله على المفهومات الأساسية للنموذج الثقافي والموت.

من جهة أخرى، وقعت الكاتبة إيمان حميد غانم، كتابها الحاصل على جائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي، تحت عنوان «المتاحف في إمارة الشارقة»، متحف المحطة نموذجاً من عام 1932 إلى الآن.

واشتمل الكتاب على تعاريف عدة، منها أول تعريف للمتحف ووظيفته، وأنواع المتاحف، والعوامل المؤثرة في تصميم المتاحف، وشروط بناء المتاحف، كما احتوى الفصل الأول في الكتاب على المتاحف في إمارة الشارقة، مثل متحف الآثار، والفنون والخط، وحصن الشارقة، وبيت النابودة، وغيرها من المتاحف الأخرى التي لها حضور قوي في إمارة الشارقة.

• تواصل «الأيام التراثية» جذب زوار وعشاق التراث إلى مختلف أنشطتها وبرامجها التي تبهر الجمهور، وتلقى تفاعلاً حيوياً لافتاً من زوار «الأيام» من داخل الدولة وخارجها، متنقلين بين الندوات والمحاضرات في المقهى الثقافي ومجلس الخبراء وفي البيئات الجاذبة، وقرية الطفل، ومسرح الأيام، وغيرها من المواقع التي تزدحم بالزوار يومياً.

وتابعت الشامسي: «رسالتنا إلى الجميع من أجل الكشف عن كنوز تراثنا العربي، بما يسهم في الحفاظ على التراث وصون عناصره ومكوناته ونقله إلى الأجيال، ولدينا دعوة مفتوحة لكل الذين لم يسجلوا في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، أن يبادروا بالعمل من أجل إنجاز هذه المهمة من خلال مجلس الخبراء».

ولفتت إلى أن المركز سيدرس فكرة تطبيق مجلس الخبراء وما تضمنه من أنشطة ومحاضرات لما بعد الانتهاء من أيام الشارقة التراثية، بحيث يتحول المشروع إلى حالة دائمة شهرياً لمرة واحدة على الأقل، حيث يلتقي الخبراء أو يقدمون بعض ما لديهم من أفكار ومشاريع وندوات ومحاضرات تسهم في تحقيق أهداف المركز.

المقهى الثقافي

تناولت جلسة المقهى الثقافي في اليوم السابع من أيام الشارقة التراثية دور المؤسسات والجمعيات الثقافية في الحفاظ على التراث، وتحدثت فيها الدكتورة مريم اليماحي، من جمعية التراث العمراني في الإمارات، وخالد الظنحاني، من جمعية الفجيرة، وأدار الجلسة الدكتور محمد الملوكي.

وتطرقت اليماحي إلى جمعية التراث العمراني في الإمارات ودورها، مشيرة إلى أن هدف الجمعية هو الحفاظ على التراث العمراني في الدولة، حيث تمتلك الجمعية رؤية واضحة تقول: تراث حي برؤية مستقبلية، وتحمل رسالة تؤكد أهمية وضرورة الحفاظ على التراث العمراني، وتوثيقه وتأهيله ونشر الوعي التراثي عنه، وفقاً لحزمة من القيم، من بينها تراثنا هويتنا، ومن لا ماضي له لا حاضر له ولا مستقبل.

من جانبه، تحدث الظنحاني عن حفظ التراث كمهمة تعمل عليها الحكومة والمؤسسات الثقافية والجمعيات والأفراد، في ظل حالة من تكاتف وتضافر الجهود من أجل إنجاز هذه المهمة، والحفاظ على التراث وغرسه في الأجيال الجديدة.

وتناول الظنحاني دور الأفراد والمؤسسات والجمعيات الثقافية التي يجب أن تتكامل مع دور الدولة، وعدم الاكتفاء بالتعامل مع التراث كحالة أو حدث موسمي، ليوم أو يومين، يمر وينتهي كل شيء. وأكد على ضرورة أن تقوم المؤسسات الثقافية بالتفاعل والتواصل مع الأفراد المشتغلين في التراث أو المهتمين به من أجل تعزيز عمله من خلال تلك المؤسسات، وضرورة التنسيق في ما بين الجمعيات، بما يسهم في الارتقاء بالعمل من خلال المؤسسات.

عقيق اليمنيتغنى الجناح اليمني المشارك في أيام الشارقة التراثية في الساحة الرئيسة بألوان وأشكال عديدة للفلكلور اليمني، فتجد في الركن المخصص لهم العقيق اليماني، وأساور وحلي ومشغولات فضية. ويشتمل الجناح اليمني على العديد من المشغولات اليدوية التي مازالت حاضرة، مثل الأحزمة المذهبة والمرصعة بالفضة، بالإضافة إلى الخناجر التراثية العريقة التي تجتذب أنظار الزائرين.

وقال محمد أحمد البريهي، من الجناح اليمني، إن معظم المعروضات يعود تاريخها لمئات السنين، حيث إن الخناجر والسيوف تعتمد أسعارها على أقدميتها، مضيفاً أن العقيق اليماني المعروض في الجناح يتم استخراجه من أحجار نادرة في بطون الجبال.

وتابع البريهي: يحترف اليمنيون العديد من الحرف اليدوية، مثل حرفة صناعة الجنابي «الخناجر» التراثية التي يتم ارتداؤها ضمن الزي الشعبي اليمني، والمستخرجة من قرون حيوان «وحيد القرن»، وتعد «الجنبية الصيفانية» هي الأجود والأغلى ثمناً، نظراً لقيمتها التاريخية، حيث يتباهى بها كبار شيوخ القبائل ويورثونها لأبنائهم وأحفادهم، بصفتها رمزاً للسمعة القبلية والوجاهة الاجتماعية، وعلامة توحي بعراقة النسب والثراء.

وبين البريهي أنه مختص بصناعة العقيق والخواتم منذ نعومة أظافره، والآن يعمل في أحد معاهد الحرف اليدوية بصنعاء، ومشاركته في الأيام ليست الأولى، وفي كل عام يفاجأ بمدى الإقبال الكبير على الجناح، والزوار المهتمين بالتراث اليمني، مؤكداً أن الشارقة وأيامها التراثية تعد من المنصات المهمة للترويج للتراث اليمني ومشغولاته اليدوية.

وذكر البريهي أن العقيق يتم استخراجه من مناجم في جبال تتواجد في محافظتي ذمار والمحويت وغيرهما، حيث يتم استخراجه بطريقة بدائية، وهذا يشكل تحدياً كبيراً أمام جامعيه والباحثين عنه، لكنه بالمقابل يدر عليهم أموالاً طائلة إذا ما حالفهم الحظ باكتشافه.

وأشار إلى أن أسعار العقيق تصل في بعض الأحيان إلى 3000 درهم، لا سيما لنوعية العقيق النادر مثل «الكبدي» و«الشجري المصور»، كونها أحجاراً كريمة شديدة الندرة ورائعة الشكل والألوان.

«مجلس الخبراء»

تحدث الباحث في التراث، عبدالله خلفان الهامور، في مجلس الخبراء التابع لمركز التراث العربي في أيام الشارقة التراثية عن آداب صب القهوة. وتطرق إلى أهمية الالتزام بها، وكيفية صنع القهوة، وأوضح بعض تلك الآداب، مشيراً إلى أنها تتجاوز 95 أدباً يجب الالتزام بها، والعمل باستمرار على نقلها للأجيال الجديدة، كي تبقى حاضرة في الواقع والمستقبل.

واستعرض الباحث الهامور أسباب ارتباط القهوة بالمجلس والحياة في دولة الإمارات، موضحاً أنها تتعلق بالجذور العميقة للتراث والعادات وكرم الضيافة التي اشتهر بها المجتمع، كما تطرق إلى تقاليد القهوة في مجلس العائلة وكيفية تقديمها.

من جانبه، تحدث الباحث محمد بن سعيد بالهلي، عن التغرودة، التي تعتبر واحدة من الفنون والألحان الشعبية الخاصة بمجتمع الإمارات، وهي فن غنائي شعري بدوي، كان الشعراء يؤدونه وهم على ظهور الجمال أو الخيول، أثناء سيرها في الأسفار.

التراث والمستقبل

استضاف المركز الأكاديمي في «الأيام»، الدكتورة إيناس خضراوي، الباحثة في التراث والأنثروبولوجيا، التي تحدثت عن تطور التراث والصدى الكبير الذي أحدثه في الوقت الحالي. وأكدت المحاضرة المتخصصة في الأنثروبولوجيا والتراث، أن الشارقة أصبحت مدينة تسابق الزمن وتسعى في المستقبل إلى زرع التراث وأصوله وعراقته في نفوس الجميع.

ولفتت الخضراوي إلى أن ثنائية الماضي والمستقبل، متوازية، فمن دون الماضي لا يستطيع أحد صنع المستقبل، وهنا تكمن أهمية التراث كقنطرة نحو الأجيال الجديدة والمُقبلة، وأهمية المستقبل كحاضر منظور نسعى إليه. وبينت الخضراوي أن في الشارقة قطاعات مختلفة تستهدف إحياء التراث، وتوعية الجمهور بأهميته وتعريفهم بالتاريخ والموروث بكل أشكاله، ومن أهم هذه المؤسسات الفاعلة، معهد الشارقة للتراث، الذي قدم مبادرات فعالة تعمل وفق رؤية وتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة، لإحياء التراث بصور أصيلة تعيد الأجيال الحالية إلى مئات السنين وتستوحي صنع مستقبل تراثي بصورة عصرية وحضارية للأجيال المقبلة.

 

تويتر