وحيد حامد: المشاهدون صدّقوا أعمالي لأنني لم أكذب عليهم
بأعماله التي تجمع بين البساطة والعمق وملامسة عقول وقلوب المشاهدين، نجح السيناريست وحيد حامد في أن يكون علامة بارزة ومحطة خاصة في تاريخ السينما والدراما المصرية، فعلى مدار عقود استطاع أن يكون بين الأسماء الأهم، ليس في جيله فقط، ولكن على مدار الأجيال المختلفة.
| وحيد حامد: «مصر ولّادة وقادرة على إنجاب 1000 مؤلف أفضل منّي». «أحترم السينما الترفيهية والخيالية.. وأيّ شيء يسعد الناس». «(الجماعة 3) غير مطروح في دراما رمضان هذا العام على الإطلاق». «سري للغاية» عن جديده، قال الكاتب المصري وحيد حامد إنه حالياً يتم تصوير فيلم له بعنوان «سري للغاية»، ويتناول بمنتهى الصدق - على حد تعبيره - ثورتي 25 يناير و30 يونيو في مصر، ويشارك في بطولته عدد كبير من الفنانين، من بينهم أحمد السقا وأحمد رزق ومحمد رمضان، وهو من إخراج محمد سامي. |
احتل مبدع «أحلام الفتى الطائر» و«طيور الظلام» و«الجماعة» مكانة لم يستطع غيره الاقتراب منها، فجمع بين الكوميديا والسياسة في آن واحد، وطرق الأبواب المحظورة بكل شجاعة ليعبر عن أحلام ومخاوف ومشاعر الشعب العربي والمصري، واقتحم عش الدبابير وفضح ألاعيب السياسة وأكاذيب المتاجرين في الدين.
وفي حواره مع «الإمارات اليوم»، وصف الكاتب وحيد حامد تكريمه في مهرجان دبي السينمائي الدولي، في دورته الأخيرة، بأن له محلاً خاصاً في نفسه، مضيفاً: «لقد كرمت في معظم الدول العربية، وعلى رأسها بلدي مصر، وحدث ذلك مراراً وتكراراً.. ولكن تكريمي أخيراً في دبي كان له وضع خاص، إذ أشعرني بأن مشواري الفني في عالم السيناريو لم يذهب هباء، وأنني لم أؤثر في المصريين فقط، بل امتد تأثيري للدول العربية، وهذا أسعدني جداً».
وأوضح أن «أي فنان أو مبدع يكون سعيداً جداً بتكريمه وتأثيره في وطنه، ولكن اليوم الذي يشعر فيه أنه اخترق النطاق المحلي، وانتشر تأثيره للوطن العربي يكون شعوره بالرضا مضاعفاً.. وأشكر كل من كرمني في مصر ولبنان وكذلك دبي، وكل الإخوة العرب المقدرين والمحبين للفن والفكر».
لاعب ضمن فريق
كيف تحول وحيد حامد إلى علامة فارقة منذ أواخر الستينات وحتى الآن، وكيف نجح بأعماله مع أبرز النجوم، خصوصاً عادل إمام، والتي تمزج بين السياسة والكوميديا والحياة الاجتماعية؛ مثل (الإرهاب والكباب والمنسي وطيور الظلام واللعب مع الكبار، وغيرها) أن يؤثر بهذا العمق في وجدان الناس؟ سؤال يجيب عنه وحيد حامد بقوله: «لم أصل بمجهود فردي، بل أعتبر نفسي لاعباً ضمن فريق كبير؛ وقد تعلمت من كل من تعاونت معهم، واعتبر الفن عموماً مجالاً للإبداع الجماعي، فقد أكتب شيئاً عبقرياً لا تتوافر له العناصر الأخرى التي تبرزه وتقدمه كما أريد، وهنا يفقد العمل أهميته؛ لذلك أقول إن خروج الفكرة المكتوبة إلى النور لتصل إلى الشاشة أو الإذاعة اشبه بلعبة كرة القدم.. كل لاعب عليه دور حتى يصل الهدف الى الشبكة، وهذا ما حدث معي، إذ كنت محظوظاً بجيل من الموهوبين العظماء، ممن استطاعوا أن يقدموا ما أكتبه كما تخيلته، وزادوا عليه بإبداعهم اللانهائي.. ولهذا أصبحت الأعمال في حكم البعض مميزة جداً».
وتابع وحيد حامد: «لا أعتبر نفسي الأكثر تميزاً في جيلي، بالعكس مصر ولّادة وأنجبت عباقرة ننحني لهم احتراماً وتقديراً.. وكل جيل له نجومه وناسه، وأتشرف بأنني أنتمي لجيل مميز من المؤلفين أمثال محمود أبوزيد وبشير الديك ومحسن زايد وعبدالحي أديب وبهجت قمر، ويمكن القول إن جيلي كان عامراً بالموهوبين أكثر من أجيال أخرى، ومصر قادرة على إنجاب 1000 شخص أفضل مني، وحتى هذه اللحظات لا أعتبر نفسي كاتباً محترفاً».
مستشرف
مشكلات وقضايا شائكة عدة، طرقها وحيد حامد دون خوف، لدرجة أنه استشرف بعض الكوارث التي مرت بها مصر على الجانبين الاجتماعي والسياسي من خلال بعض أعماله. وعن ذلك الاستشراف بالتحديد، يؤكد: «لست غائباً عن الناس، فأنا واحد منهم أعيش وسطهم، وألامس أوجاعهم، وهذه مهمة المؤلف: الانغماس التام الكامل لدرجة الغرق مع الناس، وأنا شخص حملت هموم بلدي على رأسي، بقدر ما استطعت، وحاولت أن أعبر عن هموم أهلي وبلدي، قد أكون على صواب، وقد أكون على خطأ، لكن في كل الأحوال كنت صادقاً.. لم أكتب كلمة غير نابعة من قلبي وصدقي وإخلاصي لبلدي والناس ونفسي، ولذا دخلت أعمالي القلوب دون استئذان بكل صدق أيضاً، وصدّقني الناس لأنني لم أكذب عليهم أبداً».
وعن اقترابه من الواقع طوال الوقت، ورأيه في الأفلام التي تجنح الى بعض الخيال، قال وحيد حامد: «لست ضد هذه النوعية من الأفلام على الإطلاق، بالعكس أرحب بأي شيء يسعد الناس، طالما مصنوع بحرفية وصدق، وليس مجرد شيء بلا هوية».
«الجماعة 3»
وحيد حامد الذي قدم للدراما المصرية جزأين من مسلسل «الجماعة»، الذي يتناول نشأة جماعة الإخوان وصعودها، كشف عن أن الجزء الثالث غير مطروح في دراما رمضان هذا العام على الإطلاق «لأن العمل الدرامي التاريخي يحتاج إلى جهود مضاعفة في الكتابة، إذ يتم جمع المواد التاريخية وتدقيقها بكل الوسائط، ثم تحويلها إلى خطوط وشخصيات وأحداث درامية داخل سياق المعلومات التاريخية، ولهذا لم يكن ممكناً أن أنتهي من الكتابة وألحق موسم رمضان هذا العام، وقد يكون جاهزاً العام المقبل إن شاء الله».
تقديم مسلسل عن الحاكم بأمرالله، ضمن أمنيات وحيد حامد المؤجلة، إذ يرى أن تلك الشخصية كانت سابقة لعصرها، كما يتمنى أيضاً تقديم فيلم بعنوان «الحشاشين»، ويتمنى أن يقدم هذين العملين للنور في أقرب فرصة.