آثار دبي «مشغولة بالذهب»

بتصميم خشبي مكون من رفوف تشبه الكثبان الرملية بشكلها ولونها، وضع الديكور الخاص بالمعرض الذي يحمل عنوان «ساروق الحديد.. منصة للإبداع»، الذي يقام بالتعاون بين بلدية دبي و«فان كليف ليكول». المعرض الذي يختتم اليوم في حي دبي للتصميم، يقدم حوارية بين التاريخ والحاضر، قوامها الذهب، إذ يعرض مجموعة من تصاميم المجوهرات والذهب المعاصرة التي أبدعها مصممون إماراتيون، بالاستلهام من المجوهرات الأثرية التي وجدت في ساروق الحديد، فاستوحوا من القطع التي يعود عمرها إلى 3000 سنة مجوهرات معاصرة.

وكانت بلدية دبي خولت مصممين محليين صنع مجوهرات مستلهمة من القطع المكتشفة في الموقع الأثري، على أن يقدموا مجموعتين من المجوهرات، وقد قسم المعرض إلى قسمين، القسم الأول يشتمل على بعض القطع الأثرية المكتشفة في ساروق الحديد، والقسم الثاني يضم مجموعة من المجوهرات المعاصرة.

مديرة المشروع والقيمة على المعرض، شذى الملا، قالت لـ«لإمارات اليوم» عن فكرة المعرض «هدفنا الأساسي إبراز القطع الأثرية التي تم اكتشافها في موقع ساروق الحديد، الذي مازال يخضع للتنقيبات، كون مساحته كبيرة، وتصل إلى 6.2 كيلومترات مربعة، وتمت تغطية 15% من الموقع بالتنقيب فقط، فيما تم إيجاد 16 ألف قطعة إلى اليوم»، أما مشاركة البلدية مع مدرسة فان كليف، التي تدعم التعليم وصناعة المجوهرات، فكانت «بهدف دعم الإبداع والابتكار، والاستلهام من تراث إمارة دبي».

يعرض متحف ساروق الحديد 800 قطعة فقط، بحيث يتم وضع القطع المتبقية في المخازن، وتحفظ وفق الشروط الأساسية المتعلقة بالحرارة والرطوبة، وقد تم أخذ بعض القطع من المخازن لتقديمها في هذا المعرض. وشددت الملا على أن المتحف بطبيعة عرضه للقطع يوفر مساحة لتبديل الآثار بين الفترة والأخرى، ففي أشهر التنقيب في فصل الشتاء، تعرض القطع المكتشفة حديثاً، مشيرة إلى أهميتها في التأثير في جوانب مختلفة من الحياة، وأماكن مختلفة، منها على سبيل المثال «برواز دبي»، الذي سيشتمل على أجزاء مستوحاة من الحلقات الدائرية الذهبية التي استوحي منها شعار إكسبو، إذ وضع ما يشبهها كزخارف على البرواز. وحول اختيار المعرض لهذه القطع، أوضحت «المساحات محدودة في المعرض، ولهذا تم عرض أفضل القطع الذهبية، واخترنا البدء بعرض ما يبرز مراحل صنع الذهب، ومنها الأدوات التي تستخدم في صياغته، كالحجر الذي يعملون عليه، إلى جانب أحجار صقل الذهب، التي تؤكد أن الذهب كان يصنع محلياً، ولم يتم جلبه من الخارج». إلى جانب ذلك، عُرضت قطع غير مكتملة الصنع للتدليل على صناعته المحلية، في المقابل قُدمت أنواع من القطع تدل على حضارات مختلفة، فهناك أختام فرعونية، وهذا يدل على أن حضارة ساروق الحديد لم تكن منفصلة عن العالم، بل كانت تستورد من الخارج أيضاً.

الذهب الذي عرض حمل مجموعة من الحلقات الذهبية، والثعبان والأرنب، وكذلك التاج، وعن هذه المقتنيات قالت الملا «ليست هناك أية فكرة حول طبيعة استخدام الحلقات، لكن الرواية الأبرز أنها كانت تستخدم لتطريز اللباس، وبقيت بعد أن تحللت الملابس. بينما الثعبان قد يكون مرتبطاً بديانة ما قديمة أو أنه تعويذة». وإلى جانب الذهب، يقدم المعرض مجموعة من الأحجار والأصداف، وهناك الخرز الذي يعود إلى الهند وباكستان، ما يدل على التجارة مع هذه البلدان.

من هذه الدوائر أو الحلقات، ومن الثعبان تحديداً، استوحيت المجوهرات المقدمة في المعرض، حيث تمت صياغة مجوهرات تحمل الشكل الدائري نفسه، وتم استخدامها بأكثر من شكل، سواء بإضافة الحجر في منتصف الدائرة أو تزيينها باللؤلؤ، أو تركها فارغة. كما تم تقديم مجموعة مستوحاة من الثعبان، الذي أضيفت له مجموعة من الأحجار في العقود الطويلة، أو تم وضع تصاميمه كسوار برأسين من الذهب الأصفر. وقدمت خواتم تحمل تفاصيل الدوائر الذهبية ومرصعة بالألماس، كما استخدم اللؤلؤ في العقود. وأوضحت الملا الهدف الأساسي من تكليف المصممين بتقديم هذه المجموعة، وقالت «أردنا الحفاظ على التراث، واستكمال مسيرته من خلال إيجاده في الإبداعات اليومية، ولهذا تدعم البلدية المصممين الشباب، وتمنحهم الفرصة للاستلهام من القطع الأثرية». ونوهت بأنهم منحوا المصممين الإماراتيين الفرصة لتقديم تطويرهم الخاص للأفكار، فالمجموعة استوحيت من الدوائر، إلى جانب الاستلهام من طريقة الصقل والحفر.

عمل على المجموعة ما يقارب أربعة مصممين، وأنجزوا مجموعة يصل عدد قطعها إلى 60 قطعة، وأكدت الملا إمكانية التعاون على إنتاج مجموعة أكبر، خصوصاً أن المعرض قدم جزءاً من المجموعة المنجزة، وهي تعرض للمرة الأولى، لكنْ هناك خطط لعرض هذه المجوهرات، وربما سيتم وضع خطة لبيعها في المستقبل، إذ من الممكن أن يتاح للناس شراء المجوهرات المعاصرة. وشددت الملا على أن «المعرض الأول لاقى الكثير من ردود الفعل المميزة، وبالتالي يمكن بعدها التعاون مع شركات تنتج الذهب، لأن المصممين لديهم الكثير من الأفكار المميزة، وستدعمهم البلدية في مراحل مختلفة».

حضارة وثقافة

أشارت مديرة المشروع والقيمة على معرض «ساروق الحديد.. منصة للإبداع»، شذى الملا، إلى أن موقع ساروق الحديد شمل الكثير من قطع الذهب، التي تدل على أن الناس لم يعيشوا وقتذاك لقضاء احتياجاتهم اليومية فحسب، بل كانت لديهم حضارة وثقافة، ويهتمون بأنفسهم، ويصنعون ما يضمن لهم مظهراً مريحاً. وأوضحت أن الدراسات مازالت جارية حول أصل السكان، وكيف كان شكل حياتهم، وهو أمر يحتاج إلى المزيد من الدراسة، لأن اكتشاف هذه الحضارات وأسلوب عيشها من شأنه أن يضيف إلى تاريخ دبي.

800

قطعة فقط تعرض في المتحف، تخضع للتناوب والتبديل، وتوضع القطع المتبقية في المخازن، وفق شروط الحرارة والرطوبة

16 ألف قطعة أثرية عُثر عليها بعد انتهاء التنقيب في 15% فقط من المساحة.

الأكثر مشاركة