منسقة للفعاليات الرياضية في شرطة دبي

عائشة الحوسني: وصف «أصحاب الهمم» جعلنا نحبّ أنفسنا أكثر

تصوير: عبدالله حسن

يحظى أصحاب الهمم في الإمارات برعاية خاصة واهتمام كبير، لدمجهم في المجتمع والحياة العامة، بهدف إظهار طاقاتهم وقدراتهم، كفئة منتجة تسهم في تنمية المجتمع وعملية التنمية الشاملة في الدولة. وتولي الدولة اهتماماً لأصحاب الهمم من منطلق إنساني وتربوي واجتماعي وثقافي، ولم يعد هذا الاهتمام تحت مظلة الرحمة والإحسان والعطف، بل لأنهم قادرون ولديهم إمكانات بمستوى الأشخاص الأصحاء، ولإتاحة الفرصة لهم لأن يكونوا ناجحين وقادرين على منافسة الأصحاء في المجالات كافة.

وقد استطاع عدد كبير من أصحاب الهمم في الإمارات تحقيق إنجازات كبيرة على جميع المستويات، واستطاعوا متسلحين بالإرادة والأمل والصبر تحويل الإعاقة إلى سبب ودافع لإنجاز قصص نجاح مهمة ولافتة ومبهرة وملهمة.


تتغير نظرة الإنسان إلى نفسه إذا ما تم إنصافه، يصبح أكثر ثقة، وتمسكاً بالحياة، ويتطلع بعدها إلى أن يكون جزءاً فعالاً في المحيط، هذا ما حدث فعلاً مع عائشة الحوسني، تحديداً عندما تغير مصطلح ذوي الإعاقة إلى «أصحاب الهمم»، بقرار من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، «وكأن الحياة أصبحت أكثر إشراقاً، وكأننا بتنا نحب أنفسنا أكثر، ونعلم مكنونات في داخلنا لم نكن لنعلمها لولا أن ذلك الوصف رأى طريقه إلى العلن». الحوسني المصابة بالصم والبكم، التي تعمل في الإدارة العامة للمرور في شرطة دبي، منسقة للفعاليات الرياضية، إضافة الى دورها في نشر ثقافة تحفيز أصحاب الهمم للمشاركة في الفعاليات المختلفة باسم شرطة دبي، تؤكد أن الصعوبات في الحياة ما هي إلا تحديات يخوضها البشر على أنواعهم كافة، ولابد منها كي نقوى أكثر.

• رسالتي للناس: إعاقتي لا تحدد شخصيتي ولا تجعلني مختلفة، لأننا مجتمع يجدر فيه التنوّع.

• الحلم

لديها من الأحلام الكثير، وتخطط الحوسني لأن تصدر كتاباً يحكي سيرتها الذاتية، وتتمنى أن تصل إلى أعلى المراتب في عملها، تصف نفسها بالمتفائلة، المحبوبة، النشيطة، المثابرة، التي لا تعرف معنى الهزيمة، وهذه الصفات جعلتها تحب عملها وتسعى الى تحقيق المزيد «أتمنى أن تصبح لغة الإشارة متداولة، كي يستطيع الجميع فهمنا»، وتابعت أنها إضافة إلى عملها فهي تحب تثقيف الذات في المجالات كافة، وتحب ايضاً تعلم الأعمال اليدوية وتنظيم المعارض، وتمارس الحوسني العديد من الهوايات مثل لعبة الشطرنج، الريشة، البولينغ، وغيرها. لكن أهم ما تريد الحوسني ايصاله إلى المجتمع هو رسالتها التي تقول: «إعاقتي لا تحدد شخصيتي ولا تجعلني مختلفة، لأننا مجتمع يجدر فيه التنوع، ويجب أن يظل واحداً دون فروق».

• بدأت أنظر إلى نفسي بأني شخص سوي ولا فرق بيني وبين أبناء مجتمعي، ما خلق سلاماً في داخلي.

• الصعوبات في الحياة ما هي إلا تحديات يخوضها البشر على أنواعهم كافة، ولابد منها كي نقوى أكثر.

تغيير المفاهيم

تدرك الحوسني أن تغيير المفاهيم هو الذي يؤدي الى تغيير النظرة، خصوصاً اذا تعلق الأمر بنمط حياة، موضحة أنه «بين وصف (ذوي الإعاقة) ووصف (أصحاب الهمم) حياة كاملة تتغير إلى الأفضل، ممتنون فيها لقرار من عَوَّدنا دائماً على التميز وعلى التشجيع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله ورعاه وأطال في عمره»، وتضيف «بتنا عناوين في الصفحات وفي نشرات التلفزيون والفضائيات، لكن بتنا نظهر بثقة أكبر دون حاجة لنثبت أننا جزء من المجتمع، فنحن أصحاب الهمم الذين نحمل في جعبتنا الكثير لنقدمه لوطننا ومجتمعنا وكل من حولنا».

مؤكدة «بشكل شخصي صرت أنظر الى نفسي بشكل مختلف، وبت ألحظ أن نظرة المجتمع لنا باتت متطورة ومتفهمة وواثقة بما نستطيع تقديمه»، وقالت «بدأت أنظر لنفسي بأني شخص سوي ولا فرق بيني وبين أبناء مجتمعي، ما خلق شعوراً بالسلام في داخلي».

الاختلاف

ولدت الحوسني وهي مصابة بالصمم، ولا شك أنها مرت بمراحل مختلفة في حياتها، جعلتها تيأس تارة وتعيش الأمل تارات أخرى، تحديداً عندما دخلت المدرسة وأدركت وقتها أنها مختلفة، وتقول عن هذا «في طفولتي أي قبل ذهابي إلى المدرسة لم أكن أدرك أن عدم قدرتي على السمع هي مشكلة فردية، كطفلة يهمها اللعب مع أقرانها كانت الحياة سهلة وسلسة، لا تحتاج الى الكثير من أدوات التعبير عن كل ما يدور حولنا»، وتابعت «من لحظة دخولي المدرسة أدركت الاختلاف وبت على وعي أكثر، أن ثمة تعابير مختلفة عن طريقتي، يوجد مفردات وصوت وكلمات، وكل هذا انتقل الى ضرورة تعلمي لغة الإشارة لأكون على مقربة من فهم كل ما يدور حولي»، مؤكدة «قرّرت النهوض وتعزيز قدراتي عندما أصبح عمري 10 سنوات بدعم من صديقتي في الدراسة»، وبعد تلك اللحظة تؤكد الحوسني أنها باتت تلقى الدعم المجتمعي بشكل أفضل تحديداً من نادي دبي لأصحاب الهمم، وبعدها شرطة دبي التي فتحت بابها لها وأصبحت جزءاً من منظومتها.

التحدي

الحوسني التي كانت جزءاً من فيديو قبول شرطة دبي التحدي، ضمن المبادرة التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس مجلس دبي الرياضي، وقبلت التحدي من خلال تعبيرها بلغة الإشارة إلى جــــانب زمــــلائها في العمل، تقول «المجتمع يحتاج دائماً الى شيء يحفزه ويكون جزءاً منه، وهذا النوع من التحديات يقرب المسافات بين الجميع، فالتحفيز من الأمور التي يحتاجها الإنسان، والتحدي يخلــــق طاقــــــة ايجابيــــة تحفزه على تقديم الأفضل».

وتتابع عائشةالحوسني«لا أنسى أبداً عندما وصلتني رسالة تكريم من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في عام 2005، كرمني فيها وأشاد بدوري في المجتمع»، مؤكدة «هذه الرسالة هي الســــبب الرئيــــس لما أنا عليه الآن من ثقة وإقــــــــــدام».

وأضافت «كمنسقة رياضية في الإدارة العامة للمرور، أسعى إلى نشر ثقافة دمج أصحاب الهمم في المجتمع بشكل أكبر، من خلال توفير منصة لهم للمشاركة في الفعاليات المختلفة باسم شرطة دبي».

تويتر