منّة ومؤمن البيطار.. شقيقان كفيفان يُمثّلان فلسطين في الكاراتيه

رغم إصابتهما بفقدان البصر منذ الولادة، إلا أن منة الله البيطار وشقيقها مؤمن امتلكا إرادة صلبة هزمت إعاقتيهما، ومكنتهما من تحقيق طموحاتهما في رياضة الكاراتيه التي يمارسانها حديثاً في غزة.

وتتردد منة البيطار (14 عاماً) على أكاديمية الفنون القتالية في مدينة غزة، والتي التحقت بها بعد النجاح الذي لمسته عند شقيقها مؤمن، والتشجيع المتواصل من عائلتها، لتكون أول لاعبة من ذوي الإعاقة البصرية تمارس رياضة الكاراتيه في فلسطين والوطن العربي.

- فريق الأطفال المكفوفين يستعد لدورة الكاراتيه الأولمبية عام 2020 في طوكيو.

- تستعد لاعبة الكاراتيه الأولى عربياً للتخرّج بـ«الحزام الأبيض».

«الإمارات اليوم» تواجدت داخل قاعة القدس في أكاديمية الفنون القتالية بنادي المشتل وسط مدينة غزة، حيث كانت منَّة تنتظر برفقة شقيقها اكتمال فريق رياضة الكاراتيه من المكفوفين، للبدء في ممارسات التدريبات الخاصة في تلك اللعبة.

وما إن اكتمل الفريق وارتدى المكفوفون القمصان والأحزمة الخاصة برياضة الفنون القتالية، اصطفوا في طابور منتظم في انتظار صافرة مدرب المنتخب الفلسطيني للكاراتيه، حسن الراعي، الذي تولى تدريب هذه الفئة من الفتيان والفتيات ذوي الإعاقة البصرية.

أثناء التدريب تهبط منَّة على الأرض بسلام، بعد أن قفزت في الهواء برشاقة عالية، متجاوزة اثنين من أعضاء فريق الكاراتيه من المكفوفين في صالة الألعاب القتالية.

وتقول الطفلة منة البيطار، بعد الانتهاء من الجزء الأول للتدريب اليومي بينما كانت تبدو عليها ملامح التركيز الحسي العالي والثقة المطلقة: «إن الالتحاق بأكاديمية الفنون القتالية من أجل أن أصبح قوية، وأدافع عن نفسي، وكذلك لتحقيق طموحاتي، وتعزيز ثقتي بنفسي».

وتضيف «في السابق وصلت إلى مرحلة فقدت فيها الثقة بالحياة، بفعل نظرة المحيطين بي إلى إعاقتي، وعدم تقديمهم المساعدة لي، إلا أن هذه الرياضة جعلتني أولد من جديد، بعد أن وفرت عائلتي الدعم الكامل والامكانات اللازمة لأنطلق في رحلتي الجديدة، لتنتصر بعد ذلك همتي العالية على الإعاقة».

وتشير الطفلة الكفيفة إلى أن تدريبات الكاراتيه كسرت روتين الحياة اليومية لديها، حيث تقضي وقتاً طويلاً داخل غرفتها لتطبيق ومراجعة جميع التمارين، إلى جانب الحصص التدريبية التي تمارسها داخل أكاديمية الفنون القتالية.

وتشعر البيطار بالفخر لممارستها رياضة الكاراتيه رغم فقدانها البصر، ونحافة جسدها، موضحة أنها تدرك كل التعليمات والتدريبات التي تتلقاها من مدربها.

ولا تأبه منة بصعوبة وخطورة الحركات التي تمارسها مقارنة مع حالتها، فكل يوم تمارس فيه تدريبات رياضة الكاراتيه بشكل لها تحدياً جديداً. وتستعد لاعبة الكاراتيه الأولى بعد شهر من التدريب المتواصل للتخرج من المرحلة الأولى المتمثلة بـ«الحزام الأبيض»، فيما تأمل أن تحقق انجازات كبيرة في هذه اللعبة، وأن تشارك في بطولات دولية. إلى جانب منة، كان يجلس شقيقها مؤمن (16 عاماً) على أرضية إسفنجية مخصصة للألعاب الرياضية، مستمعاً إلى تعليمات المدرب الخاصة برياضة الفنون القتالية.

ويقول مؤمن:

«في السابق كنت منعزلاً عن أصدقائي الأصحاء، لأنني كنت أشعر بالنقص أمامهم بسبب إعاقتي، ولكن بعد ممارسة لعبة الكاراتيه استعدت ثقتي بنفسي وأصبحت أتحلى بالقوة والعزيمة، وتمكنت بعد فترة وجيزة من التدريب تحقيق أول إنجاز لفلسطين في لعبة الكاراتيه لذوي الاحتياجات الخاصة، وتوجت بالميدالية البرونزية في بطولة دبي المفتوحة للكاراتيه عام 2016، متفوقاً على العديد من اللاعبين العرب والأجانب».

إنجاز باهر

من جانبه، يقول مدرب فريق الكاراتيه للمكفوفين حسن الراعي، إن مؤمن البيطار «هو أول لاعب استقدمته للأكاديمية، وخضع لبرنامج تدريبي عن طريق الإدراك الحسي، وقد حقق إنجازاً باهراً عام 2016 في بطولة دبي المفتوحة للكاراتيه، وتوج بالميدالية البرونزية».

ويضيف أن «هذا الإنجاز منح للبيطار الأمل والثقة بالنفس، وفي الوقت ذاته زاد من حجم المسؤولية الملقاة على عاتقي تجاه هذه الفئة».

ويقول الراعي: «منة تمارس تدريبات مكثفة لمدة ساعتين على مدار ثلاثة أيام في الأسبوع، حيث أقدم لها برنامج الإدراك الحسي الذي يتناسب مع إعاقتها البصرية، والذي يعتمد على الحركات والألفاظ وحفظ الاتجاهات».

ويشعر الراعي بسعادة بالغة لإتقان الطفلة البيطار حركات وتدريبات الكاراتيه، واصفاً إياها بـ«المثيرة للدهشة»، لافتاً إلى أنها تمتلك قدرات فائقة في الاستيعاب، والاستعداد للوصول إلى درجات عالية في الفنون القتالية.

الفوج الأول

تمارس الطفلة منة وشقيقها مؤمن تمارين الفنون القتالية ضمن فريق مكون من 10 أطفال مكفوفين، تراوح أعمارهم بين سن السابعة وسن الـ16 عاماً، والذي يعد الفوج الأول في فلسطين.

ويقول مدرب المنتخب الفلسطيني للكاراتيه ومدير عام أكاديمية المشتل للألعاب القتالية، حسن الراعي،

إن فريق المكفوفين التحق بتدريبات تفريغ نفسي وانفعالي قبل البدء في تمارين الكاراتيه، لافتاً إلى أنه اكتشف لديهم حساً كبيراً من الذكاء والقدرة على حماية أنفسهم رغم الإعاقة.

ويعرب مدرب الفنون القتالية عن أمله بإخراج الفوج الأول من بين فريق الأطفال المكفوفين، لتشكيل منتخب يمثل فلسطين في دورة الكاراتيه الأولمبية عام 2020 في العاصمة اليابانية طوكيو.

الأكثر مشاركة