«يافطات الدراما».. فواصـل إعلانية على الطريق

لا تقف أجواء المنافسة بين القنوات الفضائية المختلفة، على اجتذاب الجمهور، عند حدود استعراض الدورات البرامجية المختلفة، واستثمار وجوه النجوم وطلاتهم، عبر العبارات التقليدية التي يظهرون فيها خلال الفواصل الإعلانية، قائلين العبارة الشهيرة «تابعونا على قناة...»، بل فتحت أقسام التسويق في التلفزيونات المختلفة الأفق على أفكار جديدة، أبرزها إعلانات الطرق التي طالما اقترنت بالمنتجات الاستهلاكية وترويج العلامات التجارية.

ضريبة الكتابة والإخراج لم يهتم القائمون على لافتات الدعاية للمسلسلات الدرامية الخاصة بشهر رمضان، التي تنتشر في كثير من الشوارع والجسور والميادين في دبي بأسماء المخرجين والكتاب، واهتمو فقط بالممثلين الأكثر شهرة جماهيريا، رغم أن بعض أكثر الأعمال ترقباً تستمد ألقها أساساً من النص والإخراج. في المقابل، بدت صورة الأعمال الكرتونية هي الوحيدة التي صحبتها تعليقات مكتوبة تمثل شعار المسلسل غالبا، وهو ما يتبدى في مسلسل «فريج» الكرتوني الذي تعرضه قناة «سما دبي»، الذي احتفظ بشعاره «عند العيايز كل شي جايز». وجوه مقدمي البرامج كانت أيضاً مستثناة من الاستبعاد بفضل طغيان قائمة نجوم الدراما، حيث حرصت قناتا «دبي» و«سما دبي» على الإشارة إلى بعض برامجها عبر إعلانات الطرق، وهو ما حرص عليه أيضاً في إمارة الشارقة، تلفزيون الشارقة، في الوقت الذي لم تخل فيه إمارتا أبوظبي وعجمان أيضاً من الظاهرة نفسها.

واستبقت المؤسسات الإعلامية في الإمارات، خصوصاً مؤسسة دبي للإعلام، ومجموعة «إم بي سي» الإعلامية، وشركة أبوظبي للإعلام حلول الموسم الإعلاني الأبرز عربياً وهو شهر رمضان، وسعت كل منها للتعاقد على المواقع الأبرز إعلانياً خصوصاً في إمارتي أبوظبي ودبي، من أجل هذا الغرض، وهو سباق لم تخرج منه قنوات فضائية أخرى أيضاً.

وتكتسب الظاهرة خصوصيتها، كونها تحول تلك المؤسسات بشكل استثنائي من كونها جالبة ومستفيدة من عقود الدعاية التي تستقطب ترويج المنتجات والجهات المختلفة على شاشتها، إلى كونها عميلاً مهماً ومنفقاً فيها، لكنها في المقابل تتطلع إلى أن تسهم تلك الحملات في زيادة توجه شركات الدعاية للإعلان عبر شاشاتها المختلفة.

في دبي، لم يقتصر تكثيف الحملات الدعائية في الطرق على مدينة دبي للإعلام، التي تشهد زخماً ملحوظاً في هذا الصدد، بل إن الكثير من الطرق والجسور الرئيسة اكتست حلل الدعاية للإنتاج الدرامي تحديداً، مثل شارع الشيد، وجسري القرهود والمكتوم، وغيرهما، وبدا تلفزيون دبي الأكثر اهتماماً بهذه الظاهرة من بين القنوات الفضائية المختلفة في إمارة دبي، فيما بدا الاقتراب من مقره بالقرب من جسر المكتوم، بمثابة الدخول في تفاصيل برنامج دورته البرامجية المخصصة لشهر رمضان، حيث تظهر لافتات الدعاية العملاقة المحيطة به بوضوح من مسافات بعيدة لمرتادي الطرق المحيطة به.

وينصب الاهتمام في تلك اليافطات خصوصا على وجوه المشاهير، حيث لا تسعف طبيعة الإعلان الذي يعتمد غالباً على الإشارة السريعة، والاقتصاد في عدد الكلمات، مراعاة لطبيعة الجمهور المستهدف، وهم قائدو وركاب السيارات العابرة للطرق بسرعات متفاوتة، لذلك تحمل الإعلانات صوراً معظمها تم التقاطها خصوصاً لأغراض الدعاية، وليس خلال تصوير المسلسلات أو كواليسها، بخلاف السائد في الوسائل الدعائية الأخرى.

وتقترب لافتات الدعاية للبرامج والمسلسلات من عناوين الشوارع وأرقام مخارج الطرق والجسور المختلفة، على نحو لافت، لتنثر بملامح الصورة التلفزيونية أجواء غير معتادة، عبر هذا التداخل، لنجد في بعضها مؤشراً لأن يلتزم قائدو المركبات الثقيلة اليمين، وبجوارها يافطة «سر الهوى»، بإطلالة لبطلتها «شجون الهاجري» التي تؤدي دور «شوق» في المسلسل، لكن دونما إشارة لأي تفاصيل سوى إلى أن المسلسل معروض على شاشة تلفزيون دبي في رمضان.

السير قدما يعني غالباً التعرف إلى مزيد من ملامح الدورة البرامجية سواء للقناة نفسها، أو قنوات أخرى شقيقة لها، وهذا ما تكشفه اللوحات المتتالية لـ«سر الهوى»، لنجد إطلالة الممثلة البحرينية سعاد علي بجوار المخرج المؤدي إلى جبل علي على يافطة «سوق الحريم»، وتتداخل عبارة «آخر مخرج مجاني» مع مسمى مسلسل «مطلقات صغيرات» وصور الممثلات شهد، وسلمى سالم، هنايد، أمل العوضي، فيما تطل باسمة حمادة وهيا الشعيبي وآخرون على الطريق ضمن يافطة المسلسل الخليجي «ماي عيني».

ويستطيع السائر أيضاً في ثوان معدودة مقدارها تلك التي تحتاجها سيارته للمرور على اليافطات المتتابعة، تكوين فكرة سريعة عن المحتوى البرامجي ليكتشف أن الانطباع الذي قد تكشفه صدارة المسلسلات الدرامية لمجموعة اليافطات السابقة، يتبدد لمصلحة مزاوجة مع نظيرتها العربية، حيث تظهر يافطات لنجوم آخرين تباعاً.

ولا تحتاج يافطة مكتوب عليها بدون ذكر أسماء «لأي تعليقات إضافية تجاور شعار قناة دبي الفضائية، وصورة لأحد نجوم المسلسل ومنهم أحمد الفيشاوي، روبي، شيرين رضا، عبدالعزيز مخيون، للإخبار عما يريده المعلن، قبل أن تتوالى صور مسلسلات أخرى منها «الشك»، حاملة طلات حسين فهمي، مي عز الدين، رغدة، صابرين، وغيرهم.

الإحالة لمشاهد تاريخية في شوارع دبي الحديثة تبقى قائمة أيضاً في هذا السياق، لاسيما أن مسلسل «خيبر» الذي تتضمنه الدورة البرامجية للقناة، هو أحد الأعمال التي يراهن عليها هذ العام، لذلك تظهر وجوه أبطاله الأكثر شهرة جماهيرياً، ومنهم أيمن زيدان، سامح الصريطي، عايدة عبد العزيز، قمر خلف، سلافة معمار، لتعد جملة اليافطات الجمهور بالكثير من الإثارة والتشويق، خلال دورة برامجية رمضانية، تتجدد كل عام من أجل أن تجد لها موقعاً مهماً في حصة نسب المشاهدة، وهي الحصة التي تحدد بوصلة الكثير من شركات الدعاية والإعلان، خلال الموسم الأبرز بالنسبة لها، وهو المرتبط بالشهر الفضيل.