«أبوظبي لأفلام البيئــة».. سينما لإنقاذ الأرض
انطلقت أمس فعاليات الدورة الأولى من مهرجان أبوظبي الدولي لأفلام البيئة، التي تستمر حتى الخميس المقبل، تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم بالمنطقة الغربية، وبمشاركة ما يُقارب 170 فيلماً من 42 دولة، من بينها 50 فيلماً ضمن مسابقات المهرجان الرسمية، والعروض الخاصة من 33 دولة. وشهد الانطلاق الرسمي للمهرجان الذي اقيم بمسرح كاسر الأمواج في أبوظبي العرض الأول في الشرق الأوسط للفيلم الروائي «الأرض الموعودة» للمخرج العالمي جوس فان سانت، وهو إنتاج مشترك لشركات إماراتية أميركية كبرى هي فوكس فيتشرز، وايمجنيشن أبوظبي، وبارتسيبانت ميديا، وبيرل ستريت فيلمز، من بطولة مات دامون، وجون كراسينسكي والممثلة فرانسيس ماكدورماند. ويتناول الفيلم دراما إنسانية تستخدم قصة بسيطة للتعبير عن الفساد في «صناعة الطاقة»، خصوصا في ما يتعلق بالقضية التي أثارت ضجة حول استخراج الغاز الطبيعي، بتقنية عُرفت باسم «التكسير».
وقال الشيخ أحمد بن حمدان آل نهيان، رئيس مجلس أمناء المهرجان، إن المهرجان يسعى إلى زيادة وعي الجمهور بالأخطار البيئية التي تواجه كوكب الأرض، ويتماشى مع سياسة إمارة أبوظبي التي تنتهجها في هذا المجال، كما أنه يحمل رسالة بيئية من أبوظبي إلى كل دول العالم وليس للإمارات فقط.
وأشار رئيس مجلس أمناء المهرجان إلى أن الأفلام السينمائية بكل أنواعها أسرع وسيلة في زيادة وعي الجمهور، كونها تعتمد على قوة الصورة في جذب المشاهد وبالتالي التأثير في سلوكياته إيجابياً. مطالباً وسائل الإعلام وصناع السينما بإيجاد محتوى ومضمون للتنبيه بأخطائنا تجاه البيئة.
| يسرا: ثقافة جديدة اعتبرت الفنانة يسرا أن توعية المشاهد بالقضايا البيئية تحتاج إلى ذكاء في توصيل الرسالة، والشكل الذي يتم تقديمها فيه. لافتة إلى أن معظم الأفلام البيئية وثائقية وبالتالي لا تتسم بالجماهيرية. وأشادت يسرا بفكرة المهرجان خصوصا الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة، ويسعى لإيجاد ثقافة جديدة لدى صناع الأفلام قبل الجمهور، خصوصا أن الأخير لا يقبل الرسالة التوعوية بشكل مباشر، في حين إذا جاءت الرسالة التوعوية بالأخطار البيئية بشكل ضمني وغير مباشر، فإن تأثيرها الإيجابي يكون أقوى. معتبرة أن السينما العربية تعاني نقصاً كبيراً تجاه الفيلم البيئي.
عروض يتضمن برنامج اليوم عددا من الأفلام ضمن مسابقة الأفلام الطويلة هي: -- 10 صباحا: فيلم «خلود»: روائي ـ سلوفاكيا ـ من إخراج إيريك بوسناك. -- 2 ظهرا: فيلم «شيرنوسايوريوس»: رومانيا ـ إخراج رادو دينولسكو. -- 6 مساء: «حفيف هولندا»: تسجيلي ـ هولندا ـ إخراج ستيلا فان فورست فان بيست ومن برنامج العروض الخاصة: -- 8 مساء: «شار.. جزيرة لا أحد»: تسجيلي ـ الهند ـ إخراج سوراف سارنجي. -- 30:10 مساء: «وقت الربيع»: تسجيلي ـ إسبانيا ـ إخراج كريستوفر فارنارير. وتعرض جميع الأفلام في المسرح الوطني بكاسر الأمواج، وتعقب كل منها ندوة مدتها نصف ساعة. |
جاء ذلك خلال افتتاح الشيخ أحمد بن حمدان آل نهيان معرض «أصدقاء البيئة» صباح أمس في فندق غراند ميلينيوم بأبوظبي، بحضور عضو مجلس أمناء المهرجان محمد الحمادي، والمدير والممثّل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في اقليم غرب آسيا الدكتور إياد بومغلي، والمدير التنفيذي للمهرجان الإعلامي محمد منير. كما شهد افتتاح الفعاليات الفنانة يسرا، والفنان خالد النبوي، والكاتب محمد المخزنجي.
أصدقاء البيئة
ضم معرض «أصدقاء البيئة» أهم المبادرات العالمية المعنية بالتوعية بالأخطار التي تواجه البيئة من خلال أجنحة الجهات المشاركة مثل جناح المركز الوطني للأرصاد الجوية، الذي قدم منشورات وإصدارات علمية تعكس مواكبة التطورات والمستجدات على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية في مجال الرصد الجوي كونه أحد الأنشطة الرئيسة للمركز. وجناح هيئة البيئة بأبوظبي، الذي عرض إصدارات وكتب الهيئة التي تجسد جهودها في توعية الجمهور والمتخصصين بالأخطار التي تواجه الكائنات الحية في الدولة. وكذلك جناح الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة والذي عرض بعض الأدوات التي تساعد على كشف التغيرات في البيئة وتتبع هذه العمليات، وكيفية حدوث الأضرار البيئية وتقديم تفسير لأسبابها.
كما شارك في المعرض الصندوق الدولي للرفق بالحيوان والذي يسهم بتعريف جمهور المهرجان وعبر الكثير من الكتب والمنشورات بالحيوانات المهددة بالانقراض، ورفع مستوى الوعي البيئي حول أهمية الحفاظ على الموائل الطبيعية والتنوع البيولوجي، ويعرض جناح الصندوق عينات مصادرة لمنتجات مصنوعة من الحياة البرية كما يشارك الصندوق بمعرض للصور الفوتوغرافية لأشهر أسماك القرش التي تعيش في مياه الخليج العربي. كذلك اطلع ضيوف المهرجان، على جناح A2Z والذي يشارك في تقييم تكنولوجيا المعلومات الخضراء كجزء من متطلبات العمل والحياة، حيث يتم تنفيذ خطط العمل من تنفيذ المنتجات والممارسات طبقا لتكنولوجيا المعلومات الخضراء .
صورة قاتمة
سبق افتتاح المعرض محاضرة قدمها المدير والممثّل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في إقليم غرب آسيا الدكتور إياد بومغلي، عن أهمية صناعة الافلام البيئية بشكل خاص، لما تمتلكه من قوة لتخطّي الثقافات والبلدان.
وحملت محاضرة د. بومغلي صورة قاتمة عن واقع البيئة في كوكب الأرض ومستقبله خلال السنوات القليلة المقبلة. محذرا من انه اذا استمر الانسان في استخدام موارد وأصابع البيئة سنحتاج إلى موارد كوكب ونصف بعد 10 سنوات، بينما اذا كان الانفاق واستخدام الموارد البيئية بمعدل الاستخدام في الإمارات، سنحتاج إلى موارد أربعة كواكب بعد 10 سنوات، في حين اذا كان الاستهلاك بمعدل الصومال نحتاج فقط إلى نصف موارد كوكب الارض في المدة نفسها.
واعتبر بومغلي «مدينة مصدر» الإماراتية من أهم المبادرات العالمية في مجال الحفاظ على البيئة، ولكنها تعبر عن مبادرة من جانب أبوظبي، وهناك حوار متواصل بين الامم المتحدة ودولة الإمارات لتحويل هذه المبادرة إلى استراتيجية وطنية تتسم بالاستمرارية.
وتناول بومغلي خلال المحاضرة تأثير الانسان والممارسات غير المسؤولة تجاه البيئة، وما ينتج عنه من عواقب وخيمة في مختلف مجالات الحياة خصوصا في العالم العربي، من بينها التغيرات المناخية التي تمر بها المنطقة العربية من عواصف شديدة وارتفاع في درجات الحرارة وهطول الأمطار بمعدلات غير متناسقة. وتناقص مخزون الاسماك ضمن الحدود العرضية الآمنة، وانخفاض حصة الفرد من المياه من نحو 3500 متر مكعب عام 1960 إلى نحو 1000 متر مكعب. لافتا إلى ان هناك 80 مليون انسان عربي لا يحصلون على ماء آمن، و100 مليون غربي ليس لديهم صرف صحي، كما ان 80٪ من الموارد المائية في الوطن العربي تأتي من خارجه ويتحكم فيها جيران ليسوا عربا. وفي الوقت نفسها يذهب 80٪ من المياه العربية إلى الزراعة التي لا تقدم سوى 7٪ من الناتج القومي العربي.
وحذر بومغلي من عواقب إهدار الثروة البشرية في الوطن العربي خصوصا أن 70٪ من السكان من فئة الشباب أقل من 29 سنة، واذا لم يتم استغلال هذه الطاقات ستتحول عقب 30 عاما إلى عبء ثقيل على المجتمع. منتقدا اقتصار العمل في العالم العربي على الخطط قصيرة الأمد، في الوقت الذي يجب التخطيط فيه لمستقبل الاجيال، والدعوة للتكامل في مختلف مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وغيرها، إلى جانب عدم توافر المؤشرات والتخلف الشديد في الابداع العلمي الذي يعد أهم سبل التطور والاستدامة.
وشدد د. إياد بومغلي على أهمية السينما بمختلف انواعها لما تتمتع به من قدرة على التأثير في الجماهير، خصوصا أنها تقوم بإرسال رسائل توعوية بطريقة غير مباشرة من خلال تكريس صور نمطية معينة في ذهن المشاهد، كما طالب بضرورة تعزيز المؤسسات ونظم الحوكمة، وبناء القدرات من أجل التعاون والتنسيق على جميع المستويات من أجل التخطيط المتكامل بين الحكومة والمجتمع المدني، والجهات الفاعلة والقطاع الخاص، وضرورة تقديم المساعدة للبلدان في إيجاد سياسات متكاملة للاقتصاد الأخضر.