«بينالي الشارقة».. احتفاء عالمي بالفن
«نهوض ـ نحو خارطة ثقافية جديدة» بهذه الثيمة تنطلق اليوم الدورة 11 لبينالي الشارقة، بمشاركة ما يزيد على 100 فنان ينتمون إلى 41 دولة، إذ يقوم الفنانون بعرض أعمال فنية متنوعة وبرامج وعروض فيديو وأفلام وموسيقى ضخمة، وعروض أداء مختلفة تعكس ثيمة الدورة الحالية.
ولأن البينالي يصادف الدورة 11، أي مرور 10 سنوات على تنظيمه، بمعدل دورة كل عامين، فإن الشيخة حور القاسمي، رئيس ومدير مؤسسة الشارقة للفنون، كشفت خلال مؤتمر صحافي عقد، أمس، في بيت النابودة في منطقة قلب الشارقة، أن «الدورة الحالية لهذا العام ستشهد زخماً فنياً كبيراً على كل الأصعدة، إذ سيتم الاحتفاء بالفن بشكل واسع من خلال برامج فنية حافلة تضم عروض الأداء، الأفلام، المحاضرات، بالإضافة إلى لقاء مارس السنوي الذي يمثل الملتقى الفكري للبينالي، وستتضمن جلسات النقاش والمحاضرات التي تحاكي ثيمة البينالي لهذه الدورة».
وتابعت أن «البينالي سيقدم برامج فنية معاصرة تتماشى مع الثيمة التي حددتها القيم على البينالي يوكو هاسيكاوا، التي هي أستاذة نظرية الفن في جامعة تاما للفنون في طوكيو، وقيم متحف الفن المعاصر، إذ سيضم برامج الافلام الذي سيقدمه المخرج والفنان التايلاندي المخرج أبيشاتبونغ فيراسيتاكُل، الذي سيقدم برنامج أفلام بمشاركة شخصيات رائدة في مجال صناعة السينما، إضافة إلى ذلك هناك تعاون متجدد دائماً مع فنان الصوت، الموسيقي اللبناني طارق عطوي، الذي سيشارك في برنامجه مجموعة من الفنانين الدوليين والإقليميين الذين يقدمون سلسلة من الأعمال الموسيقية وعروض الأداء خلال فعاليات البينالي».
لقاء مارس
| موسيقى الصم أما برنامج الموسيقى وعروض الأداء، الذي سيتولى تنفيذه فنان الصوت اللبناني، طارق عطوي، من خلال تعاون فنانين دوليين وإقليميين فسيقدم سلسلة من الأعمال الموسيقية وعروض الأداء خلال فعاليات البينالي، وجزءاً من هذا البرنامج، وسينسق عطوي سلسلة من التكليفات الفنية الجديدة لأكثر من 10 موسيقيين عالميين، بمن في ذلك عازف الإيقاع الذي سيقدم عرض أداء على الأسطح المتصلة على امتداد المساحات الفنية الجديدة في المؤسسة. كما سيقدم عرض الأداء المنفرد للفنان المصري، حسن خان، وذلك خلال أسبوع الافتتاح، وسيتضمن البرنامج عروض سكايب الراقصة للثنائي التونسي الراقص سلمي وسفيان ويسي، والحفل السمعي البصري لفنان الصوت الياباني ريوجي إكيدا في أبريل، إضافة إلى برنامج الصمت إذ سيتم العمل على جمهور الصم والخوض في علاقاته مع الصوت، اما عروض ما يأتي من الباطن، فيقوم الصم بتعليم الأسوياء ايجاد طرق جديدة لسماع الصوت من خلال تجربتهم.
خلال المؤتمر الصحافي. تصوير: أشوك فيرما |
قالت الشيخة حور القاسمي إن «البينالي سيضم التجمع السنوي العالمي ممثلاً في لقاء مارس، الذي يستمر لمدة أربعة أيام، ويشارك فيه فنانون وعاملون في قطاع الفنون البصرية، إضافة إلى المؤسسات المعنية بإنتاج ونشر الفنون على الصعيدين الدولي والإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، وقد كان لقاء مارس 2012، يتعلق بالعمل مع الفنانين والجمهور على موضوع الدعم والإقامة، أما لقاء مارس 2013 خلال أسبوع افتتاح بينالي الشارقة 11، فستتم دعوة المشاركين إلى الانخراط في سلسلة من الحوارات وجلسات النقاش التي تحاول تأطير المفاهيم التي يتناولها بينالي الشارقة 11، ويقام لقام مارس في هذه الدورة في معهد الشارقة للفنون المسرحية في منطقة التراث».
وفي ما يتعلق بالأماكن الجديدة المخصصة للبينالي، أوضحت أن «افتتاح بينالي الشارقة 11 سيكون متزامناً مع افتتاح خمس مساحات فنية جديدة تابعة لمؤسسة الشارقة للفنون، في منطقة التراث، وقد جرى العمل عليها منذ عام 2009، وتبلغ مساحتها ما يقارب 20 ألف قدم مربعة، وستكون متصلة بالساحات الخارجية وشرفات الأسطح، وهذه المساحات الجديدة ستقوم بتوفير أماكن لفعاليات مؤسسة الشارقة للفنون المتنامية والاحتياجات المتزايدة للمجتمع المحلي».
رؤية القيم
قالت القيم العام لبينالي الشارقة، يوكو هاسيكاوا، إنه «من خلال هذه الدورة التي تحمل عنوان «نهوض ـ نحو خارطة ثقافية جديدة»، اقترحت إعادة تقييم المعرفة في العصر الحديث، والنظر في العلاقات بين العالم العربي وآسيا والشرق الأقصى وشمال إفريقيا وأميركا اللاتينية، وقد استلهمت مفهوم الفناء أو الساحة في العمارة الإسلامية كفضاء يحتضن ذاكرة الثقافة المحلية، ويسهم في إنتاج معرفة جديدة، من خلال التبادل واللقاءات التي يستضيفها، وعلى وجه الخصوص الفناء والساحة التاريخية في الشارقة، حيث تتشابك عناصر من الحياة الخاصة والعامة، وتتداخل (موضوعية) العالم السياسي مع الاستقراء الذاتي، في فضاء من الاستقرار والعبور».
وتابعت أن «دراستي جعلتني أستفيد من التاريخ، ووجدت أننا يمكن أن نستمتع بالثقافة العربية، خصوصاً أن التجار الذين أسهموا في نشر الثقافة من خلال المسارات التي سلكوها في القرون الماضية، حصل تبادل ثقافي بينهم، ولعل أبرز تلك الدراسة تسليط الضوء على رحلة ابن بطوطة، ما أعطاني الكثير من الأفكار، لكن من خلال العولمة في الوقت الحالي وتبادل الثقافات بطرق كثيرة، دفعني ذلك إلى ربطها برحلة ابن بطوطة».
لافتة إلى «أن (الفناء) يعد فضاء لإنتاج الوعي والمعارف الجديدة، وساحة للاختبار والتجريب، إذ تعكس إمارة الشارقة منطقة حيوية توفر مناخاً من التحول والتطور والإبداع، لاسيما أن هناك ثقافة الحوش أو الباحة، وهي مرتبطة بالثقافة الاسلامية، التي وجدتها في الشارقة من خلال منطقة قلب الشارقة، وهي ثقافة انتشرت على مر العصور، كذلك اعتمدت على مصادر الخرائط، التي استلهمتها من دارة حاكم الشارقة، إذ إن الخرائط أعادت رسم الباحات الموجودة في المنطقة، التي يلتقي بها الناس الذين يمتلكون ثقافات مختلفة، ما يولد إنتاج معرفة متنوع، وربطاً بين الحاضر والماضي».
وحول الفنانين وكيفية اختيارهم قالت هاسيكاوا لـ«الإمارات اليوم»: «لقد اختارت أكثر من 100 مشارك من الفنانين والمبدعين والمهندسين المعماريين والمخرجين والموسيقيين وفناني الأداء، الذين تحاكي أعمالهم ثيمة البينالي وتعقيدات وتنوع الثقافات والمجتمعات، الصلات المكانية والسياسية، المفاهيم الجديدة لأشكال الحوار والتواصل والتبادل، والإنتاج من خلال الفن والممارسات المعمارية التي تعكس طرقاً جديدة من المعرفة والتفكير والشعور، إذ تمت، بعد اختيار الفنانين، مناقشتهم في الباحات، وكيف يعكسون ثقافاتهم والأفكار التي يمكن ان يستمدوها من تلك الثقافة، لاسيما أني حرصت في الانتقاء على ان يكون الفنانون متعددي الثقافات والقناعات».
«جن» وسجاد
سيُقدم خلال بينالي الشارقة برنامجان تم استحداثهما للدورة الحالية، الأول برنامج الأفلام، والثاني برنامج الموسيقى وعروض الأداء، وفي ما يتعلق ببرنامج الأفلام، أوضح المخرج التايلاندي أبيشاتبونغ فيراسيتاكُل، أن «البرنامج يضم شخصيات رائدة في مجال صناعة السينما، مثل ستيف أنكر عميد كلية الأفلام والفيديو في معهد كاليفورنيا للفنون كال آرت، وتيلدا سوينتون، اسكوتلندا وميللي مودي مؤسس (ساكوند ران دي في دي) لندن، والمحرر ألسينو ليتي نيتو، ساو باولو، إضافة إلى الشاعر وعازف البيانو والمخرج كافان دي لاكروز، والمنظر ومدير مهرجان فيد مارسيل، «جان بيير ريم»، والمدير التنفيذي لقسم السينما المستقلة، علي جعفر». سيشمل البرنامج عروضاً مسائية في الهواء الطلق، وفي المساحات الفنية الجديدة في مؤسسة الشارقة للفنون، تتضمن الأفلام التي ستعرض أفلاماً تنتج لمصلحة البينالي بتكليف رسمي، وأفلاماً أخرى متنوعة، وبرنامج الأفلام المقيمة، واعتمد المسؤول عن برنامج الأفلام على فكرة قد تكون غريبة نوعاً ما، لكنه استمدها من رؤيته واعجابه بالبناء في المدينة، إذ إن الطقس الخارجي غالباً ما يكون حاراً، وعندما يدخل الشخص المبنى يجد تلك البرودة التي تأتي نتيجة أجهزة التكييف المتطورة، ما يولد حالة من الضياع والوهم، كذلك عالج الفنان فكرة الجن الموجودة في كل الثقافات، وتحديداً الإسلام، كذلك يقدم مفهوم الميراج سينما وبرنامج الفيلم الذي يتعاون معه سبعة فنانين من أصدقائه على مستوى العالم، لكتابة ذكرياتهم حول الجن من خلال تقديم أفلام كرتونية ورسوم إضافة إلى أفلام قصيرة.