«فزعة دبي».. جاهـــزون لنداء الوطن
ربما تكون ثقافة التطوع غائبة عن المجتمع الإماراتي، أو قد يكون المفهوم التطوعي بحاجه إلى كثير من الندوات النقاشية والملتقيات للتوصل لآلية واضحة تحدد ملامح العمل التطوعي الاجتماعي، إلا ان مجموعة «فزعة دبي» التطوعية، كسرت تلك المعتقدات وكرست فهما جديدا ومتطورا لثقافة التطوع.
وتعد مجموعة فزعة دبي، أحد أهم الفرق التطوعية الشبابية التي تعمل على تعزيز ثقافة التطوع في المجتمع، من خلال الاستفادة من الطاقات المتاحة لدى الشباب من الجنسين، لإيجاد حلول خلاقة تلبي حاجات المجتمع الإماراتي، لاسيما أن «فزعة دبي» تقدم للشباب عموما والإماراتيين خصوصا فرصة التطوع في عدد من البرامج الإنسانية والاجتماعية والترفيهية، وذلك للاستفادة من أوقات فراغهم بشكل هادف بالتالي محاربة البطالة والمشكلات الاجتماعية التي قد يسببها وقت الفراغ، خصوصاً أن بعض المتطوعين تمكنوا عبر فزعة دبي من الحصول على فرص عمل جيدة.
في غضون سبعة أشهر، فرضت مجموعة شباب فزعة دبي وجودها على مستوى الإمارات، من خلال مشاركاتها في ما يربو على 25 فعالية شملت إمارات الدولة كافة، ولم تقتصر مشاركتها وتقديم خدماتها التطوعية على نوع محدد من التخصصات المجتمعية، بل على العكس، فقد تمكن الشباب من خوض تجارب المشاركة في تنظيم وأحياء فعاليات متنوعة منها التراثية والاجتماعية والبيئية وحتى الرياضية والثقافية.
| «اكتشاف المواهب التراثية»
مبادرة جديدة اقترحتها مسؤولة قسم التطوير في مجموعة فزعة دبي، نبيلة آل علي، للمشاركة ضمن فعاليات مهرجان أيام الشارقة التراثية في ركن ملتقى المشاهير، وتقوم فكرة المبادرة حول اختيار مشاركين يعرضون مواهبهم في عدد محدد من الفئات، سواء التراثية أو الشعبية أو حتى العصرية مثل الغناء والرقص وألعاب الخفة والفنون القتالية، أمام لجنة تحكيم منتقاة من مشاهير، يقومون بتقييم موهبة المتأهل يومياً طوال مدة مهرجان أيام الشارقة التراثية، على أن يتم اختيار الفائز في اليوم الختامي بعد سلسلة من العروض والتجارب التي يقدمها جميع المتأهلين في الحلقات الماضية. وحول المبادرة، قالت آل علي إن «المسابقة وضعت شروطاً للمشاركين، منها أن تكون جميع الفنون المقدمة والمواهب باللغة العربية إذ لا يسمح لغير المتحدثين باللغة العربية بالمشاركة أصلاً، كما أن دور لجنة التحكيم يقتصر على تقييم المشاركة والتصويت يكون من قبل الجمهور الحاضر على مسرح ملتقى المشاهير في ساحة المهرجان، كما أن المشاركة ليست حكراً على فئة معينة أو عمر محدد أو جنس بعينه». |
المصادفة السبب
ولأن فزعة دبي تقدم خدمات مجانية للجهات والشركات الحكومية والخاصة في الدولة، والتي تتوافق مع مبادئها وتوجهاتها، تمكنت المجموعة من كسب رضا المتعاملين معهم والمؤسسات التي قدمت لها خدمات مميزة من قبل فريق متطوع محترف في إدارة الفعاليات وتنظيمها وتولي مهام تنسيق وتوزيع الأعمال على المتطوعين بما يتناسب مع طبيعة الفعالية، إذ تضم المجموعة ما يراوح بين 150 إلى 200 متطوع من الجنسين، معظمهم إماراتيون وخليجيون وعرب.
وحول اختيار تسمية المجموعة بفزعة دبي، قالت مؤسسة المجموعة والمسؤولة عن فريق المتطوعات في فزعة دبي، الشابة موزة عبيد بن ظلام، لـ«الإمارات اليوم»، إن «فكرة فزعة دبي بشكل عام جاءت بمحض المصادفة، فأثناء مشاركتي التطوعية في فعالية تراثية أقيمت في أحد المجمعات التجارية في دبي، فوجئ منظمو الفعالية بانسحاب بعض المؤسسات المشاركة في احياء تلك الفعالية لظروف خاصة، ولأني أمتلك مصادر معلوماتية وقاعدة بيانات جيدة، تمكنت من توفير البديل عن تلك المؤسسات في غضون ساعات وكونت فريقا من المتطوعين للإشراف على تنظيم برنامج حافل بالفعاليات التراثية والفقرات الجيدة وذلك لإنقاذ الموقف، وعند سؤالي عن اسم المجموعة التطوعية التي أقودها لم أجد أفضل من اسم فزعة دبي».
والفزعة تعني باللهجة المحلية والخليجية الدارجة، المبادرة لمساعدة الغير دون مقابل، كأن يفزع المرء لأخيه، ويباشر بمساعدته وإن لم يطلب منه تلك المساعدة، وهذا ما يصب في الجانب التطوعي الذي يروجه شباب مجموعة فزعة دبي، الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية رد الجميل للوطن من خلال المساهمة في الفعاليات والأحداث الكبرى التي تستضيفها الدولة، مثل السباقات العالمية والمهرجانات الدولية إضافة إلى الفعاليات المحلية المجتمعية.
هوية وطنية
وأكدت بن ظلام أهمية تمثيل صورة المواطن وتعزيز الهوية الوطنية عند مشاركاتهم في الفعاليات، إذ يشترط في المتطوعين الذين يتم اختيارهم لتمثيل مجموعة فزعة دبي في أي فعالية، الالتزام بالزي الوطني، الكندورة والغترة للمتطوعين من الذكور والعباءة والشيلة للمتطوعات من الإناث، مع الالتزام بالعادات والتقاليد وعدم المبالغة والاسراف في تلك الملابس أو حتى التبرج، فضلاً عن عدم اختلاط المتطوعين في ما بينهم وذلك احتراماً لخصوصية الجنسين، إذ تم تحديد قائد يتولى مسؤولية المتطوعين من الشباب وقائدة مسؤولة عن المتطوعات.
ولفتت بن ظلام إلى أن «جميع الخدمات التي تقدمها المجموعة تعد مجانية بما يندرج تحت مهام العمل التطوعي، إذ يتم قبول أي مكافآت قد تمنحها الجهات والمؤسسات التي نشارك في تنظيم فعالياتها، ولكن دون أن نحدد أو حتى نشترط الحصول على أية مكافآت، عدا إلزام المؤسسة بمنح المتطوعين شهادة مشاركة في الفعالية».
وتابعت بن ظلام أن «المجموعة تقبل جميع طلبات المشاركة التي تقدمها المؤسسات والجهات الحكومية للحصول على الخدمات التطوعية من قبل فزعة دبي، فيما تخضع طلبات المؤسسات والشركات الخاصة لشروط معينة تتناسب مع طبيعة عمل المجموعة وتوجهها إضافة إلى نوع الفعالية المطروحة، فمثلاً الفعاليات الخيرية تتم الموافقة عليها دون تفكير مسبق».
محط أنظار
إلى ذلك، قال رئيس قسم الأنشطة والمسؤول عن المتطوعين محمد الجنيبي، لـ«الإمارات اليوم»، إن «المجموعة باتت محط أنظار واستهداف الشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة، لاسيما أن فريق التطوع هو محترف في الخدمات التي يقدمها لتلك الشركات، إذ أصبح يتلقى عروضاً للتنظيم والمشاركة في فعاليات كبرى، إذ كانت آخر مشاركات الفريق التطوعية تولي مهام التنظيم الخارجي لسباق دبي العالمي للخيول الذي نظم مطلع الشهر الجاري، إضافة إلى مهرجان الخليج السينمائي ومهرجان أيام الشارقة التراثية».
وأكد الجنيبي أن «جدول مشاركات المجموعة مزدحم ومكتمل لفترة قد تتجاوز ثلاثة شهور، ستتولى خلالها الفرق التطوعية مهام تنظيم فعاليات مهمة في عدد من الإمارات، وهناك إقبال كبير على المجموعة من قبل الشركات والمؤسسات التي بمجرد تعرفها إلى الفريق ضمن مشاركات سابقة يتم تكرار تلك المشاركات إذ أصبح لدينا عملاء دائمون، فضلاً عن الطلبات الجديدة التي نتلقاها من مؤسسات أخرى، إضافة إلى عروض المشاركة التطوعية التي نقدمها نحن للمشاركة في عدد من الفعاليات الانسانية».
ولفت إلى أن «أي شخص يمكنه التطوع ضمن فريق «فزعة دبي» مهما كانت جنسية المتقدمين، إلا أن الأولوية في اختيار المتطوعين غالباً ما تكون للمواطنين ودول مجلس التعاون، ويوقع الراغب في التطوع على استمارة عضوية توضح حقوق وواجبات المتطوع، منها الالتزام بالحضور في الوقت المحدد والانضباط وتنفيذ أوامر المسؤولين وعدم استغلال التطوع لتحقيق أهداف أخرى، إضافة إلى احترام سرية المعلومات الخاصة بالعمل وعدم استخدام اسم الفريق دون اذن مسبق».