«فن من القلب» يجمع فؤاد طنب وابنـته ساندرا

جمع معرض تشكيلي بين أب وابنته، بعد سنوات طويلة قضاها الأب متجولاً في عالم الفنون، بين مشاهد الطبيعة وملامح الوجوه، ليعود الفنان اللبناني، فؤاد طنب، ليجتمع مع ابنته ساندرا في معرض مشترك، افتتحه الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أول من أمس، في فندق ميلينيوم أبوظبي تحت عنوان «فن من القلب».

ويأتي المعرض الذي جمع جيلين ويستمر حتى30 مايو الجاري، ليضع لوحات الأب وابنته وجها لوجه، في مواجهة تنطق فيها الفرشاة والألوان بما يتمتع به كلا الفنانين من أسلوب خاص، وأفكار تعبر عن فكره وزمنه وجيله. وفي الوقت نفسه، يظهر بوضوح تشابه لا يمكن تجاهله بين لوحات الأب وابنته، نبع من تأثر ساندرا بوالدها، كونه أباً معلماً للفنون في مدرسة «فنون ونهضة»، التي أسسها في لبنان وتتلمذ فيها ما يقرب من 2000 طالب وطالبة.

طبيعة ووجوه

ضمن 33 عملاً فنياً، كان نصيب الفنان فؤاد طنب منها 21 عملاً، سيطرت عليها مشاهد الطبيعة الصامتة التي تكررت بينها مناظر غابات كندا التي عاش فيها الفنان سنوات، بأشجارها الباسقة ذات الأوراق الصفراء. لكنه رغم ابتعاده لفترة طويلة، لم ينس لبنان وطبيعتها التي لا تقل جمالاً وجاذبية، فهي في الوجدان. واتسمت هذه المجموعة بألوانها الدافئة المشرقة «التي تدعوك إليها دون ان تهاجمك ببريق صارخ»، بحسب ما أشار طنب.

إلى جانب سحر الطبيعة ومشاهدها، برز في أعمال طنب جمال آخر أكثر سحراً وجاذبية، من خلال مجموعة من الوجوه اللافتة، التي يرى فيها الفنان مصدراً لا ينضب للإلهام، خصوصاً تلك الوجوه التي تحمل الجمال العربي. وكشفت اللوحات انحياز الفنان الواضح إلى زمن قديم ظهرت أصالته وأناقته في ملابس الأشخاص الذين جسدهم الفنان في لوحاته، التي تنوعت بين الأزياء المغاربية والمشرقية، وقاربت في مجملها الطراز العثماني.

وتنوعت الوجوه مع تنوع تعبيراتها التي جسدها الفنان، لكن بشكل عام مالت وجوه الرجال إلى فترة الكهولة، مبرزاً ما تتمتع به من حكمة ووقار، بينما تنقل في الوجوه النسائية بين أعمار مختلفة، متوقفاً في إحدى لوحاته أمام دموع البراءة التي تنساب من عيني طفلة جميلة، وعنفوان الشباب في لوحة «شابة أنيقة»، ووقار منتصف العمر في لوحة «السيدة ذات عقد اللؤلؤ».

اللافت كذلك اتجاه فؤاد طنب إلى استلهام عناوين لوحاته من الأزياء التي ارتدتها السيدات فيها، مثل «السيدة ذات العمامة الزرقاء»، و«الفتاة ذات الوشاح الأبيض»، وغيرها، وهو ما قد يكون إشارة إلى اهتمامه بالهيئة التي تبدو بها الشخصيات في اللوحات، بالقدر نفسه من اهتمامه بالتعابير التي نطقت بها وجوههن، التي اختلفت في ملامحها، ما عدا العينين اللتين بدتا كأنهما علامة مشتركة بين جميع النساء اللاتي جسدهن الفنان في لوحاته.

بين اللوحات التي عرضها طنب، برزت لوحة جاءت معبرة عن موضوع المعرض، جسد فيها نفسه حاملاً بين يديه ابنته وهي وليدة، أما علاقة الأم بابنتها، فقد جاءت في لوحة بعنوان «حب غير مشروط».

عنفوان الشباب

كان نصيب ساندرا طنب من لوحات المعرض 12 عملاً، اتسمت بألوانها القوية الزاهية التي برز بينها الأحمر والأصفر، ما منحها حس الشباب وعنفوانه، وأيضاً موضوع اللوحات جاءت شبابية بامتياز، فلم تقل جرأة عن الألوان التي اكتست بها. وكانت المرأة محور معظم الأعمال، وهو أمر طبيعي، كما أشارت ساندرا في تعليقها لـ«الإمارات اليوم»، فالمرأة جديرة بأن تكون محوراً لأعمالها، وأن تعبر عنها في مختلف حالاتها.

وقالت ساندرا إن «اختيار موضوعات اللوحات التي قدمتها في المعرض جاء دون تنسيق مع والدي، فكل منها قدم اللوحات التي تعبر عنه وعن مشاعره وأحاسيسه». كما أشارت إلى ان فكرة المعرض جاءت لتعبر عن طبيعة العائلة الفنية التي نشأت بينها، بداية من الجد الفنان مارون طنب ثم الوالد فؤاد طنب، وأخيرًا هي.

عالم الفنون والغناء كان الأبرز حضوراً في لوحات ساندرا، فتناولت فيها العازفين وانفعالاتهم التي تعكس تفاعلهم مع آلاتهم التي يعزفون عليها، والراقصات وهن يؤدين حركاتهن بحرية وانطلاق وانسجام.

الأكثر مشاركة